الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : حكم لبس جلود السمور والفنك : وقد كره السمور والفنك أحمد وسنجابهم والقاقم أيضا ليزدد ( وقد كره السمور ) مفعول مقدم ( و ) كره ( الفنك ) الإمام أحمد رضي الله عنه ، أي كره لبس جلود السمور والفنك فأما السمور فهو بفتح السين المهملة وبالميم المشددة المضمومة على وزن السفود والكلوب ، حيوان بري يشبه السنور . وزعم بعض الناس أنه النمر ، وإنما البقعة التي هو فيها أثرت في تغيير لونه . وقال عبد اللطيف البغدادي : إنه حيوان جريء ليس في الحيوان أجرأ منه على الإنسان ، لا يؤخذ إلا بالحيل ، وذلك بأن تدفن له جيفة يصاد بها ، ولحمه حلو والترك يأكلونه . قال في حياة الحيوان : وجلده لا يدبغ كسائر الجلود . قال : ومن عجيب ما وقع للنووي في تهذيب الأسماء واللغات أنه قال : السمور طائر . قال : ولعله سبق قلم ، وأعجب منه ما حكى ابن هشام السبتي في شرح الفصيح أنه ضرب من الجن . وخص هذا باتخاذ الفرو من جلوده للينها وخفتها ودفائها وحسنها وتلبسه الملوك والأكابر .

قال مجاهد : رأيت على الشعبي قباء سمور .

وأما الفنك بفتح الفاء والنون على وزن عسل فدويبة يؤخذ منها الفرو . قال ابن البيطار : إنه أطيب من جميع الفراء ، يجلب كثيرا من بلاد الصقالبة ، ويشبه أن يكون في لحمه حلاوة ، وهو أبرد من السمور ، وأعدل وأحر من السنجاب يصلح للأبدان المعتدلة . ذكر ذلك في حياة الحيوان .

قال في الإنصاف : في السمور والفنك وجهان ، أصحهما يحرم . انتهى .

[ ص: 266 ] تنبيه ) : قد نسب الناظم رحمه الله تعالى كراهة السمور والفنك للإمام أحمد رضي الله عنه .

وقد علمت أن الإمام القاضي قال في الإنصاف : في السمور والفنك وجهان ، وقد علم أن اصطلاح أصحابنا - رحمهم الله تعالى - فيما هو للإمام رضي الله عنه أن يعبر عن ذلك بالروايتين أو الروايات .

وقد يطلقون القولين أو الأقوال على ذلك ، وأما الوجهان فهو للأصحاب ليس إلا .

لكن مراد الناظم أن قياس مذهبه كراهة ذلك ، وقد علمت أن الإنصاف صحح الحرمة ; ولذا قال الحجاوي رحمه الله تعالى : لا أعلم للإمام أحمد فيهما كلاما والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية