الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الرابع : فيما يحرم على المظاهر .

واتفقوا على أن المظاهر يحرم عليه الوطء ، واختلفوا فيما دونه من ملامسة ، ووطء في غير الفرج ، ونظر اللذة ، فذهب مالك إلى أنه يحرم الجماع وجميع أنواع الاستمتاع مما دون الجماع من الوطء فيما دون الفرج ، واللمس ، والتقبيل ، والنظر للذة ، ما عدا وجهها ، وكفيها ، ويديها من سائر بدنها ، ومحاسنها ، وبه قال أبو حنيفة إلا أنه إنما كره النظر للفرج فقط; وقال الشافعي : إنما يحرم الظهار الوطء في الفرج فقط ، المجمع عليه لا ما عدا ذلك ، وبه قال الثوري ، وأحمد ، وجماعة .

ودليل مالك : قوله تعالى : ( من قبل أن يتماسا ) ، وظاهر لفظ التماس يقتضي المباشرة فيما فوقها ، ولأنه أيضا لفظ حرمت به عليه فأشبه لفظ الطلاق .

ودليل قول الشافعي : أن المباشرة كناية عن الجماع بدليل إجماعهم على أن الوطء محرم عليه ، وإذا دلت على الجماع لم تدل على ما فوق الجماع ، لأنها إما أن تدل على ما فوق الجماع ، وإما أن تدل على الجماع ، وهي الدلالة المجازية ، لكن قد اتفقوا على أنها دالة على الجماع ، فانتفت الدلالة المجازية ، إذ لا يدل لفظ واحد دلالتين حقيقة ومجازا .

قلت : الذين يرون أن اللفظ المشترك له عموم لا يبعد أن يكون اللفظ الواحد عندهم يتضمن المعنيين جميعا ( أعني : الحقيقة والمجاز ) ، وإن كان لم تجر به عادة للعرب ، ولذلك القول به في غاية من الضعف ، ولو علم أن للشرع فيه تصرفا لجاز ، وأيضا فإن الظهار مشبه عندهم بالإيلاء ، فوجب أن يختص عندهم بالفرج .

التالي السابق


الخدمات العلمية