الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وما كان لمؤمن الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ يقول : ما كان له ذلك فيما أتاه [ ص: 578 ] من ربه من عهد الله الذي عهد إليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن السدي : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ قال : المؤمن لا يقتل مؤمنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : كان الحارث بن يزيد بن نبيشة من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل، ثم خرج مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلقيه عياش بالحرة، فعلاه بالسيف وهو يحسب أنه كافر، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فنزلت : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ الآية . فقرأها عليه، ثم قال له : «قم فحرر» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ قال عياش بن أبي ربيعة قتل رجلا مؤمنا كان يعذبه هو وأبو جهل، وهو أخوه لأمه، في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وعياش يحسب أن ذلك الرجل كافر كما هو، وكان عياش هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا، فجاءه أبو جهل وهو أخوه لأمه [ ص: 579 ] فقال : إن أمك تناشدك رحمها وحقها أن ترجع إليها - وهي أسماء بنت مخربة - فأقبل معه، فربطه أبو جهل حتى قدم به مكة، فلما رآه الكفار زادهم كفرا وافتتانا . فقالوا : إن أبا جهل ليقدر من محمد على ما يشاء، ويأخذ أصحابه فيربطهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن السدي في قوله : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ الآية، قال : نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي؛ كان قد أسلم وهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عياش أخا أبي جهل والحارث بن هشام لأمهما، وكان أحب ولدها إليها، فلما لحق النبي صلى الله عليه وسلم شق ذلك عليها، فحلفت أن لا يظلها سقف بيت حتى تراه، فأقبل أبو جهل والحارث حتى قدما المدينة، فأخبرا عياشا بما لقيت أمه، وسألاه أن يرجع معهما، فتنظر إليه ولا يمنعاه أن يرجع، وأعطياه موثقا أن يخليا سبيله بعد أن تراه أمه، فانطلق معهما حتى إذا خرجا من المدينة عمدا إليه، فشداه وثاقا، وجلداه نحوا من مائة جلدة، وأعانهما على ذلك رجل من بني كنانة، فحلف عياش ليقتلن الكناني إن قدر عليه، فقدما به مكة فلم يزل محبوسا حتى فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، فخرج عياش فلقي الكناني وقد أسلم، وعياش لا يعلم بإسلام الكناني، فضربه عياش حتى قتله، فأنزل الله : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ [ ص: 580 ] يقول : وهو لا يعلم أنه مؤمن، ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فيتركوا الدية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير في الآية قال : إن عياش بن أبي ربيعة المخزومي كان حلف على الحارث بن يزيد مولى بني عامر بن لؤي ليقتلنه، وكان الحارث يومئذ مشركا، وأسلم الحارث ولم يعلم به عياش، فلقيه بالمدينة فقتله، وكان قتله ذلك خطأ .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، والبيهقي في "سننه"، من طريق عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، أن الحارث بن زيد كان شديدا على النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء وهو يريد الإسلام، وعياش لا يشعر، فلقيه عياش بن أبي ربيعة، فحمل عليه فقتله، فأنزل الله : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن زيد في الآية قال : نزلت في رجل قتله أبو الدرداء؛ كانوا في سرية فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة له، فوجد رجلا من القوم في غنم له، فحمل عليه السيف فقال : لا إله إلا الله . فضربه، ثم جاء بغنمه إلى القوم، ثم وجد في نفسه شيئا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ألا شققت عن قلبه؟» فقال : ما عسيت أجد، هل هو يا رسول الله إلا دم أو ماء؟ قال : «فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه؟» قال : كيف [ ص: 581 ] بي يا رسول الله؟ قال : «فكيف بـ لا إله إلا الله؟» قال : فكيف بي يا رسول الله؟ قال : «فكيف بـ لا إله إلا الله» حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي . قال : ونزل القرآن : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ حتى بلغ : إلا أن يصدقوا قال : إلا أن يضعوها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الروياني، وابن منده، وأبو نعيم، معا في "المعرفة"، عن بكر بن حارثة الجهني قال : كنت في سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاقتتلنا نحن والمشركون وحملت على رجل من المشركين فتعوذ مني بالإسلام، فقتلته، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فغضب وأقصاني، فأوحى الله إليه : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ الآية، فرضي عني وأدناني .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، من طريق علي، عن ابن عباس في قوله : فتحرير رقبة مؤمنة قال : يعني بالمؤمنة من قد عقل الإيمان وصام وصلى، وكل رقبة في القرآن لم تسم مؤمنة، فإنه يجوز المولود فما فوقه ممن ليس به زمانة . وفي قوله : ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا قال : عليه الدية مسلمة إلا أن يتصدق بها عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، عن قتادة قال : في حرف أبي : [ ص: 582 ] (فتحرير رقبة مؤمنة لا يجزئ فيها صبي) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وأبو داود ، والبيهقي في "سننه"، عن أبي هريرة ، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء فقال : يا رسول الله، إن علي عتق رقبة مؤمنة . فقال لها : «أين الله؟» فأشارت إلى السماء بإصبعها، فقال لها : «فمن أنا» فأشارت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى السماء . أي : أنت رسول الله . فقال : «أعتقها فإنها مؤمنة» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال : إن علي رقبة مؤمنة، وعندي أمة سوداء، فقال : «ائتني بها» فقال : «أتشهدين أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟» قالت : نعم، قال : «أعتقها» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، عن رجل من الأنصار، أنه جاء بأمة له سوداء فقال : يا رسول الله، إن علي رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتشهدين أن لا إله إلا الله؟» قالت : نعم . قال : «أتشهدين أني رسول الله؟» قالت : نعم . قال : «أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟» قالت : نعم . قال : «أعتقها فإنها مؤمنة» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطيالسي ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، والبيهقي في "الأسماء [ ص: 583 ] والصفات عن معاوية ابن الحكم السلمي، أنه لطم جارية له فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعظم ذلك، قال : فقلت : يا رسول الله، أفلا أعتقها؟ قال : «بلى، ائتني بها» قال : فجئت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : «أين الله؟» قالت : في السماء . قال : «فمن أنا؟» قالت : أنت رسول الله، قال : «إنها مؤمنة فأعتقها» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن شهاب في قوله : ودية مسلمة . قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضها مائة من الإبل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن المنذر ، عن ابن مسعود قال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم دية الخطأ عشرين بنت مخاض، وعشرين بني مخاض ذكورا، وعشرين بنت لبون، وعشرين جذعة، وعشرين حقة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود، وابن المنذر ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الدية اثني عشر ألفا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات، وبعث به [ ص: 584 ] مع عمرو بن حزم، وفيه : «وعلى أهل الذهب ألف دينار»؛ يعني : في الدية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الدية على أهل الإبل مائة من الإبل، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاة ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة، وعلى أهل القمح شيئا لم يحفظه محمد بن إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، من طريق ابن جريج ، عن ابن عباس في قوله : ودية مسلمة قال : موفرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن المسيب في قوله : مسلمة إلى أهله قال : المسلمة التامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن السدي : مسلمة إلى أهله قال : تدفع، إلا أن يصدقوا إلا أن يدعوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن قتادة : مسلمة إلى أهله أي : إلى أهل القتيل، إلا أن يصدقوا إلا أن يصدق أهل القتيل، فيعفوا ويتجاوزوا عن الدية .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 585 ] وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير : ودية مسلمة يعني : يسلمها عاقلة القاتل إلى أهله إلى أولياء المقتول، إلا أن يصدقوا يعني : إلا أن يصدق أولياء المقتول بالدية على القاتل؛ فهو خير لهم، فأما عتق رقبة فإنه واجب على القاتل في ماله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن بكر بن الشرود قال : في حرف أبي : (إلا أن يتصدقوا) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن إبراهيم النخعي في قوله : ودية مسلمة إلى أهله قال : هذا المسلم الذي ورثته مسلمون، فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن قال : هذا الرجل المسلم وقومه مشركون، وليس بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد، وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق قال : هذا الرجل المسلم وقومه مشركون، وبينهم وبين رسول الله عقد، فيقتل، فيكون ميراثه للمسلمين، وتكون ديته لقومه؛ لأنهم يعقلون عنه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، من طريق علي، عن ابن عباس في قوله : [ ص: 586 ] فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن يقول : فإن كان في أهل الحرب وهو مؤمن، فقتله خطأ، فعلى قاتله أن يكفر بتحرير رقبة مؤمنة، أو صيام شهرين متتابعين، ولا دية عليه . وفي قوله : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق يقول : إذا كان كافرا في ذمتكم فقتل، فعلى قاتله الدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير من طريق العوفي ، عن ابن عباس : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن قال : هو المؤمن يكون في العدو من المشركين يسمعون بالسرية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفرون، ويثبت المؤمن فيقتل، ففيه تحرير رقبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، والبيهقي في "سننه"، من طريق عكرمة، عن ابن عباس : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن

                                                                                                                                                                                                                                      قال : يكون الرجل مؤمنا وقومه كفار، فلا دية له، ولكن تحرير رقبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، من طريق عطاء بن السائب، عن أبي عياض قال : كان الرجل يجيء فيسلم، ثم يأتي قومه وهم مشركون، فيقيم فيهم، فتغزوهم جيوش النبي صلى الله عليه وسلم فيقتل الرجل فيمن يقتل، فأنزلت هذه الآية : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة [ ص: 587 ] وليست له دية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه، والبيهقي في "سننه"، من طريق عطاء بن السائب، عن أبي يحيى، عن ابن عباس في قوله : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن قال : كان الرجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يرجع إلى قومه، فيكون فيهم وهم مشركون، فيصيبه المسلمون خطأ في سرية أو غارة، فيعتق الذي يصيبه رقبة . وفي قوله : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق قال : كان الرجل يكون معاهدا وقومه أهل عهد، فيسلم إليهم ديته، ويعتق الذي أصابه رقبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن قال : نزلت في مرداس بن عمرو، وكان أسلم وقومه كفار من أهل الحرب، فقتله أسامة بن زيد خطأ، فتحرير رقبة مؤمنة ولا دية لهم؛ لأنهم أهل الحرب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن جرير بن عبد الله البجلي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة» .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 588 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن الشعبي في قوله : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق قال : من أهل العهد وليس بمؤمن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن جابر بن زيد : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق قال : وهو مؤمن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن الحسن : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق قال : كلهم مؤمن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن أبي مالك : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق . قال : وهو كافر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق قال : عهد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله قال : بلغنا أن دية المعاهد [ ص: 589 ] كانت كدية المسلم، ثم نقصت بعد في آخر الزمان، فجعلت مثل نصف دية المسلم، وإن الله أمر بتسليم دية المعاهد إلى أهله، وجعل معها تحرير رقبة مؤمنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال : كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين، وكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر، فقام خطيبا فقال : إن الإبل قد غلت، ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفا، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاة ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة، وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، والنسائي ، والحاكم وصححه، عن أبي بكرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ريح الجنة يوجد من مسيرة مائة عام، وما من عبد يقتل نفسا معاهدة إلا حرم الله عليه الجنة ورائحتها أن يجدها» .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 590 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، والبخاري ، وابن ماجه ، والحاكم وصححه، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قتل قتيلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الترمذي وحسنه، و الحاكم وصححه، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ألا من قتل معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله فقد خفر ذمة الله، ولا يرح ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الشافعي وعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، عن سعيد بن المسيب قال : قال عمر بن الخطاب : دية أهل الكتاب أربعة آلاف درهم، ودية المجوس ثمانمائة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن إبراهيم قال : الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين قال : من لم يجد عتقا في [ ص: 591 ] قتل مؤمن خطأ . قال : وأنزلت في عياش بن أبي ربيعة قتل مؤمنا خطأ .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير فمن لم يجد . قال : فمن لم يجد رقبة فصيام شهرين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن الضحاك : فمن لم يجد فصيام شهرين قال : الصيام لمن لا يجد رقبة، وأما الدية فواجبة لا يبطلها شيء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مسروق أنه سئل عن الآية التي في سورة "النساء" : فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين : صيام الشهرين عن الرقبة وحدها، أو عن الدية والرقبة؟ قال : من لم يجد فهو عن الدية والرقبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد ، أنه سئل عن : فصيام شهرين متتابعين . قال : لا يفطر فيها ولا يقطع صيامها، فإن فعل من غير مرض ولا عذر استقبل صيامها جميعا، فإن عرض له مرض أو عذر صام ما بقي [ ص: 592 ] منهما، فإن مات ولم يصم أطعم عنه ستون مسكينا، لكل مسكين مد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن : فصيام شهرين متتابعين تغليظا وتشديدا من الله، قال : هذا في الخطأ، تشديد من الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عن سعيد بن جبير في قوله : توبة من الله يعني : تجاوزا من الله لهذه الأمة حين جعل في قتل الخطأ كفارة ودية، وكان الله عليما حكيما يعني : حكم الكفارة لمن قتل خطأ، ثم صارت دية في العهد، والموادعة لمشركي العرب منسوخة، نسختها الآية التي في "براءة" : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «لا يتوارث أهل ملتين» .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية