الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 179 ] ذكر من ملك من الفرس بعد منوجهر

لما هلك منوجهر ملك فارس سار أفراسياب بن فشنج بن رستم ملك الترك إلى مملكة الفرس ، واستولى عليها وسار إلى أرض بابل وأكثر المقام بها وبمهرجانقذق ، وأكثر الفساد في مملكة فارس ، وعظم ظلمه ، وأخرب ما كان عامرا ، ودفن الأنهار ، والقنى ، وقحط الناس سنة خمس من ملكه ، إلى أن خرج عن مملكة فارس ولم يزل الناس منه في أعظم البلية إلى أن ملك زو بن طهماسب .

وكان منوجهر قد سخط على ولده طهماسب ونفاه عن بلاده ، فأقام في بلاد الترك عند ملك لهم يقال له : وامن ، وتزوج ابنته ، فولدت له زو بن طهماسب ، وكان المنجمون قد قالوا لأبيها : إن ابنته تلد ولدا يقتله ، فسجنها ، فلما تزوجها طهماسب وولدت منه كتمت أمرها وولدها ، ثم إن منوجهر رضي عن طهماسب ، وأحضره إليه ، فاحتال في إخراج زوجته وابنه زو من محبسهما ، فوصلت إليه ، ثم إن زوا فيما ذكر قتل جده وامن في بعض الحروب الترك وطرد أفراسياب التركي عن مملكة فارس حتى رده إلى الترك بعد حروب جرت بينهما ، فكانت غلبة أفراسياب على أقاليم بابل ومملكة الفرس اثنتي عشرة سنة من لدن توفي منوجهر إلى أن أخرجه عنها زو ، وكان إخراجه عنها روزابان من شهر أبان ماه ، فاتخذ لهم هذا اليوم عيدا وجعلوه الثالث لعيديهم النوروز والمهرجان .

[ ص: 180 ] وكان زو محمودا في ملكه محسنا إلى رعيته فأمر بإصلاح ما كان أفرسياب أفسده من مملكتهم ، وبعمارة الحصون ، وإخراج المياه التي غور طرقها ، حتى عادت البلاد إلى أحسن ما كانت . ووضع عن الناس الخراج سبع سنين ، فعمرت البلاد في ملكه وكثرت المعايش ، واستخرج بالسواد نهرا وسماه الزاب ، وبنى عليه مدينة وهي التي تسمى العتيقة ، وجعل لها طسوج الزاب الأعلى ، وطسوج الزاب الأوسط ، وطسوج الزاب الأسفل ، وكان أول من اتخذ ألوان الطبيخ وأمر بها وبأصناف الأطعمة ، وأعطى جنوده ما غنم من الترك وغيرهم .

وكان جميع ملكه إلى أن انقضت مدته ثلاث سنين ، وكان كرشاسب بن أنوط وزيره في ملكه ومعينه فيه ، وقيل : كان شريكه في الملك ، والأول أصح ، وكان عظيم الشأن في فارس إلا أنه لم يملك .

التالي السابق


الخدمات العلمية