الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : يكره المشي في فرد نعل واحدة : ويكره مشي المرء في فرد نعله اخ تيارا أصخ حتى لإصلاح مفسد ( ويكره ) تنزيها ( مشي المرء ) من ذكر وأنثى ( في فرد نعله ) أي في نعل فرد والمراد بلا حاجة .

قال في الفروع : ويكره المشي في نعل واحدة بلا حاجة ، ونصه يعني الإمام - رضي الله عنه : ولو يسيرا .

ولذا قال الناظم ( اختيارا ) يعني في حال اختيار الماشي مع صحة رجليه بخلاف من له رجل واحدة .

أو كان بإحدى رجليه ما يمنع لبس النعل من قرحة ونحوها فإنه [ ص: 300 ] لا كراهة في حقه بلبسه فردة نعل واحدة ( أصخ ) من صاخ وأصاخ إذا استمع أي استمع نظامي وافتهم كلامي وع لما أبديه لك من الأحكام ، فإن من استمع وتفهم ، ووعى وتعلم ، وارتقى بسلم التعليم عل الأنام ، إلى أن تشهد له الخليقة بأنه إمام ( حتى ) تنتهي كراهة لبس فردة نعل واحدة ( ل ) أجل ( إصلاح مفسد ) أي من نعليه يعني أنه لو كانت إحدى نعليه فاسدة غير صالحة للبس والأخرى صالحة لم تزل الكراهة بذلك ، بل يكره لبسه الصحيحة ، والحالة هذه حتى يصلح الفاسدة ويلبسهما معا .

وذلك لما روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لا يمشي أحدكم في نعل واحدة لينعلهما جميعا أو ليخلعهما جميعا } وفي رواية { أو ليحفهما جميعا } .

وفي رواية لمسلم { إذا انقطع شسع نعل أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها } ورواه مسلم أيضا من حديث جابر رضي الله عنه . وفيه { ولا خف واحد } .

والشسع بكسر الشين المعجمة : قبال النعل كما في القاموس .

قال ابن الأثير : إنما نهى عن المشي في نعل واحدة لئلا تكون إحدى الرجلين أرفع من الأخرى ، ويكون سببا للعثار ، ويقبح في المنظر ، ويعاب فاعله .

وقال القاضي وابن عقيل في الفصول وسيدي الشيخ عبد القادر في الغنية : له لبس الصالحة وحدها حتى يصلح الفاسدة من غير كراهة ، واستدلوا بأن عليا رضي الله عنه مشى بنعل واحدة ، وأن سيدتنا عائشة رضي الله عنها مشت في خف واحد رواهما سعيد .

قال الناظم : ودليل الرخصة ما روي عن علي رضي الله عنه { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انقطع شسع نعله مشى في نعل واحدة ، والأخرى في يده حتى يجد شسعا } .

قال : وأحسب هذا لا يصح .

ونقله في الفروع وقال : لعله من كلام القاضي يعني الاستدلال بهذا الخبر .

قلت : روى الحديث المذكور الترمذي من حديث عائشة ولفظه : قالت : { ربما انقطع شسع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى في النعل الواحدة حتى [ ص: 301 ] يصلحها } أشار في الفتح إلى ضعفه . ورجح البخاري وغير واحد وقفه على عائشة . وروى الترمذي عنها أيضا بسند صحيح أنها كانت تقول : لأخالفن أبا هريرة فنمشي في نعل واحدة وفي بعض الروايات لأحتفين ، ومعناه لأفعلن فعلا يخالفه .

وقد اختلف في ضبط هذه اللفظة ، فروي لأخالفن ، وروي لأحنثن ، وروي لأخيفن بكسر الخاء المعجمة بعدها تحتانية ساكنة ثم فاء ، وهي تصحيف .

قال ابن عبد البر : لم يأخذ أهل العلم برأي عائشة في ذلك .

وقد ورد عن علي وابن عمر أيضا أنهما فعلا ذلك ، وكأنهما حملا النهي على التنزيه ، أو كان زمن فعلهما يسيرا أو لم يبلغهما النهي . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية