الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            2 - 13 - ( باب وصية أهل العلم ) .

                                                                                            547 - عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " قال أخي موسى - عليه السلام - : يا رب ، أرني الذي كنت أريتني في السفينة ، فأوحى الله إليه : يا موسى ، إنك ستراه ، فلم يلبث إلا يسيرا حتى أتاه الخضر في طيب ريح وحسن ثياب " البياض " ، فقال : السلام عليك يا موسى بن عمران ، إن ربك يقرأ عليك السلام ورحمة الله ، فقال موسى : هو السلام ، ومنه السلام ، وإليه السلام ، والحمد لله رب العالمين الذي لا أحصي نعمه ، ولا أقدر على شكره إلا بمعونته ، ثم قال موسى : إني أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعدك . قال الخضر : يا طالب العلم ، إن القائل أقل ملالة من المستمع ، فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم ، واعلم أن قلبك وعاء ، فانظر ماذا تحشو به وعاءك ، واعزف الدنيا وانبذها وراءك ; فإنها ليست لك بدار ولا لك فيها محل قرار ، وإنها جعلت بلغة للعباد ليتزودوا منها للمعاد ، ويا موسى ، وطن نفسك على الصبر تلق الحلم ، وأشعر قلبك التقوى تنل العلم ، ورض نفسك على الصبر تخلص من الإثم ، يا موسى ، تفرغ للعلم إن كنت تريده ، فإنما العلم لمن تفرغ له ، ولا تكونن مكثارا بالمنطق مهذارا ; فإن كثرة المنطق تشين العلماء ، وتبدي مساوئ السخفاء ، ولكن عليك بذي اقتصاد ; فإن ذلك من التوفيق والسداد ، وأعرض عن الجهال ، واحلم عن السفهاء ; فإن ذلك فضل الحكماء وزين العلماء ، إذا شتمك الجاهل فاسكت عنه سلما ، وجانبه حزما ; فإن ما لقي من جهله عليك وشتمه إياك أعظم وأكثر ، يا ابن عمران ، لا تفتحن بابا لا تدري ما غلقه ، ولا تغلقن بابا لا تدري ما فتحه ، يا ابن عمران من لا ينتهي من الدنيا نهمته ، ولا تنقضي فيها رغبته ، كيف يكون عابدا من يحقر حاله ويتهم الله بما قضى له ؟ كيف يكون زاهدا ؟ هل يكف عن الشهوات من قد غلب عليه هواه ، وينفعه طلب العلم والجهل قد حواه ؟ [ ص: 131 ] لأن سفره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه ، يا موسى ، تعلم ما تعلم لتعمل به ، ولا تعلمه لتحدث به ؛ فيكون عليك بوره ، ويكون لغيرك نوره ، يا ابن عمران ، اجعل الزهد والتقوى لباسك ، والعلم والذكر كلامك ، وأكثر من الحسنات ; فإنك مصيب السيئات ، وزعزع بالخوف قلبك ; فإن ذلك يرضي ربك ، واعمل خيرا ; فإنك لابد عامل سواه ، قد وعظت إن حفظت . فتولى الخضر وبقي موسى حزينا مكروبا " .

                                                                                            رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه زكريا بن يحيى الوقار ، قال ابن عدي : كان يضع الحديث .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية