الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : مذبذبين الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن مسعود قال : مثل المؤمن، والمنافق، والكافر مثل ثلاثة نفر انتهوا إلى واد، فوقع أحدهم فعبر، ثم وقع أحدهم حتى أتى على نصف الوادي ناداه الذي على شفير الوادي : ويلك أين تذهب؟ إلى الهلكة! ارجع، عودك على بدئك، وناداه الذي عبر : هلم النجاة، فجعل ينظر إلى هذا مرة، وإلى هذا مرة، قال : فجاءه سيل فأغرقه، فالذي عبر المؤمن، والذي غرق المنافق، مذبذب بين ذلك، لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، والذي مكث الكافر . [ ص: 84 ] وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة في الآية : مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء يقول : ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرحين بالشرك، قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب مثلا للمؤمن والمنافق والكافر، كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر، فوقع المؤمن فقطع، ثم وقع المنافق حتى إذا كاد يصل إلى المؤمن ناداه الكافر : أن هلم إلي، فإني أخشى عليك، وناداه المؤمن : أن هلم إلي، فإن عندي وعندي، يحصي له ما عنده، فما زال المنافق يتردد بينهما حتى أتى عليه الماء، فغرقه، وإن المنافق لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله : مذبذبين بين ذلك قال : هم المنافقون، لا إلى هؤلاء يقول : لا إلى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ولا إلى هؤلاء اليهود .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن زيد : مذبذبين بين ذلك قال : بين الإسلام والكفر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، والبخاري في (تاريخه)، ومسلم ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مثل المنافق مثل الشاة [ ص: 85 ] العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة، لا تدري أيهما تتبع) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، والبيهقي ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن مثل المنافق يوم القيامة كالشاة بين الغنمين، إن أتت هؤلاء نطحتها، وإن أتت هؤلاء نطحتها) .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية