الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 415 ] قوله عز وجل: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فيه وجهان: أحدهما: وما كان عليهم أن ينفروا جميعا لأن فرضه صار على الكفاية وهذا ناسخ لقوله تعالى: انفروا خفافا وثقالا قاله ابن عباس . والثاني: معناه وما كان للمؤمنين إذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية أن يخرجوا جميعا فيها ويتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده بالمدينة حتى يقيم معه بعضهم ، قاله عبد الله بن عبيد الله بن عمير. قال الكلبي : وسبب نزول ذلك أن المسلمين بعد أن عيروا بالتخلف عن غزوة تبوك توفروا على الخروج في سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركوه وحده بالمدينة ، فنزل ذلك فيهم. فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين فيه قولان: أحدهما: لتتفقه الطائفة الباقية إما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جهاده ، وإما مهاجرة إليه في إقامته ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لتتفقه الطائفة المتأخرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفور في السرايا ، ويكون معنى الكلام: فهلا إذا نفروا أن تقيم من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدين ، قاله مجاهد . وفي قوله تعالى: ليتفقهوا في الدين تأويلان: أحدهما: ليتفقهوا في أحكام الدين ومعالم الشرع ويتحملوا عنه ما يقع به البلاغ وينذروا به قومهم إذا رجعوا إليهم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ليتفقهوا فيما يشاهدونه من نصر الله لرسوله وتأييده لدينه وتصديق وعده ومشاهدة معجزاته ليقوى إيمانهم ويخبروا به قومهم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية