الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: ربنا اطمس على أموالهم أي أهلكها ، قاله قتادة . فذكر لنا أن زروعهم وأموالهم صارت حجارة منقوشة ، قاله الضحاك . واشدد على قلوبهم فيه أربعة أوجه: أحدها: بالضلالة ليهلكوا كفارا فينالهم عذاب الآخرة ، قاله مجاهد . [ ص: 448 ] الثاني: بإعمائها عن الرشد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: بالموت ، قاله ابن بحر .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: اجعلها قاسية. فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال ابن عباس هو الغرق. قوله عز وجل: قال قد أجيبت دعوتكما قال أبو العالية والربيع: دعا موسى وأمن هارون فسمي هارون وقد أمن على الدعاء داعيا ، والتأمين على الدعاء أن يقول آمين. واختلف في معنى آمين بعد الدعاء وبعد فاتحة الكتاب في الصلاة على ثلاثة أقاويل: أحدها: معناه اللهم استجب ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن آمين اسم من أسماء الله تعالى ، قاله مجاهد ، قال ابن قتيبة وفيه حرف النداء مضمر وتقديره يا آمين استجب دعاءنا.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: ما رواه سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (آمين خاتم رب العالمين على عباده المؤمنين يعني أنها تمنع من وصول الأذى والضرر كما يمنع الختم من الوصول إلى المختوم عليه. وفرق ابن عباس في معنى آمين بين وروده بعد الدعاء وبين وروده بعد فاتحة الكتاب فقال: معناه بعد الدعاء: اللهم استجب ، ومعناه بعد الفاتحة: كذلك فليكن. قال محمد بن علي وابن جريج : وأخر فرعون بعد إجابته دعوتهما أربعين سنة. فاستقيما فيه وجهان: أحدهما: فامضيا لأمري فخرجا في قومهم ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: فاستقيما في دعوتكما على فرعون وقومه ، وحكاه علي بن عيسى. وقيل: إنه لا يجوز أن يدعو نبي على قومه إلا بإذن لأن دعاءه موجب لحلول الانتقام وقد يجوز أن يكون فيهم من يتوب. [ ص: 449 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية