الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          603 - مسألة : وإدخال الموتى في المساجد والصلاة عليهم حسن كله ، وأفضل مكان صلي فيه على الموتى في داخل المساجد .

                                                                                                                                                                                          وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان ، ولم ير ذلك مالك ؟ برهان صحة قولنا - : ما روينا من طريق مسلم بن الحجاج : نا محمد بن حاتم نا بهز هو ابن أسد - نا وهيب هو ابن خالد - نا موسى بن عقبة عن عبد الواحد هو ابن حمزة - عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنه { لما توفي سعد بن أبي وقاص أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يمروا بجنازته في المسجد فيصلين عليه ، ففعلوا ، فوقف به على حجرهن يصلين عليه ثم أخرج به من باب الجنائز الذي كان على المقاعد فبلغهن أن الناس عابوا ذلك ، وقالوا : ما كانت الجنائز يدخل بها المسجد ؟ فقالت عائشة : ما أسرع الناس إلى أن يعيبوا ما لا علم لهم به ؟ عابوا علينا أن يمر بالجنازة في المسجد ، وما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في جوف المسجد } ؟

                                                                                                                                                                                          ومن طريق مسلم : نا محمد بن رافع نا ابن أبي فديك أنا الضحاك بن عثمان عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنا عائشة أم المؤمنين قالت : { والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء - سهيل ، وأخيه - في المسجد } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق عن معمر ، وسفيان الثوري ، كلاهما عن هشام بن عروة [ ص: 391 ] عن أبيه : أنه رأى الناس يخرجون من المسجد ليصلوا على جنازة ، فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ ما صلي على أبي بكر الصديق إلا في المسجد

                                                                                                                                                                                          ومن طريق ابن أبي شيبة : نا الفضل بن دكين عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر : أن عمر صلي عليه في المسجد فهذه أسانيد في غاية الصحة ، وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه وأصحابه ، لا يصح عن أحد من الصحابة خلاف هذا أصلا ؟

                                                                                                                                                                                          قال علي : وقد شهد الصلاة عليها خيار الأمة ، فلم ينكروا ذلك ، فأين المشنع بعمل أهل المدينة - ؟ : واحتج من قلد مالكا في ذلك بما رويناه من طريق ابن أبي شيبة : نا حفص بن غياث عن ابن أبي ذئب عن مولى التوأمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : من صلى على جنازة في المسجد فلا صلاة له } .

                                                                                                                                                                                          قال : وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تضايق بهم المكان رجعوا ولم يصلوا ؟ ومن طريق وكيع عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أيمن عن كثير بن عباس قال : لأعرفن ما صليت على جنازة في المسجد ؟ وقال بعضهم : الميت جيفة ، وينبغي تجنيب الجيف المساجد ؟ ما نعلم له شيئا موهوا به غير هذا ، وهو كله لا شيء

                                                                                                                                                                                          أما الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلم يروه أحد إلا صالح مولى التوأمة ، وهو ساقط ؟

                                                                                                                                                                                          ومن عجائب الدنيا تقليد المالكيين مالكا دينهم ، فإذا جاءت شهادته التي لا يحل ردها - لثقته - اطرحوها ولم يلتفتوا إليها فواخلافاه رويناه من طريق مسلم بن الحجاج قال : نا [ ص: 392 ] أبو جعفر الدارمي هو أحمد بن سعيد بن صخر - نا بشر بن عمر هو الزهراني قال : سألت مالك بن أنس عن صالح مولى التوأمة ؟ فقال : ليس بثقة .

                                                                                                                                                                                          فكذبوا مالكا في تجريحه صالحا واحتجوا برواية صالح في رد السنن الثابتة وإجماع الصحابة ؟ وأما المنكرون إدخال سعد في المسجد فليس في الخبر إلا تجهيلهم ، وأنهم أنكروا ما لا علم لهم به ، فصح أنهم عامة جهال أو أعراب كذلك بلا شك

                                                                                                                                                                                          ولا يصح لكثير بن عباس صحبة ؟ وأما قول من قال : الميت جيفة ، فقوله مرغوب عنه ، بل لعله إن تمادى عليه ولم يتناقض خرج إلى الكفر ، لأنه يلزمه ذلك في الأنبياء عليهم السلام .

                                                                                                                                                                                          وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : المؤمن لا ينجس } فبطل قول هذا الجاهل .

                                                                                                                                                                                          وصح أن المؤمن : طاهر طيب حيا وميتا - والحمد لله رب العالمين .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية