الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك هذا خطاب من الله لنبيه يقول: إن كنت يا محمد في شك مما أنزلنا إليك ، وفيه وجهان: أحدهما: في شك أنك رسول.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: في شك أنك مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل. فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك فيه وجهان: أحدهما: أنه أراد من منهم مثل عبد الله بن سلام وكعب الأحبار ، قاله ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه عنى أهل الصدق والتقوى منهم ، قاله الضحاك . فإن قيل: فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم شاكا؟ قيل قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا أشك ولا أسأل). [ ص: 451 ] وفي معنى الكلام وجهان: أحدهما: أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره من أمته ، كما قال تعالى: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء الآية [الطلاق: 1] . والثاني: أنه خطاب ورد على عادة العرب في توليد القبول والتنبيه على أسباب الطاعة. كقول الرجل لابنه: إن كنت ابني فبرني ، ولعبده إن كنت مملوكي فامتثل أمري ، ولا يدل ذلك على شك الولد في أنه ابن أبيه ولا أن العبد شاك في أنه ملك لسيده. فلا تكونن من الممترين أي من الشاكين. قوله عز وجل: إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون يحتمل وجهين: أحدهما: إن الذين وجبت عليهم كلمة ربك بالوعيد والغضب لا يؤمنون أبدا.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: إن الذين وقعت كلمته عليهم بنزول العذاب بهم لا يؤمنون أبدا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية