الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 292 ] ( فصل )

سن لسهو وإن تكرر بنقص سنة مؤكدة أو مع زيادة : سجدتان قبل سلامه [ ص: 293 ] وبالجامع في الجمعة ، وأعاد تشهده : كترك جهر وسورة بفرض وتشهدين [ ص: 294 ] وإلا فبعده : كمتم لشك ، ومقتصر على شفع شك أهو به أو بوتر أو ترك سر بفرض

[ ص: 292 ]

التالي السابق


[ ص: 292 ] ( فصل )

( في سجود السهو وما يتعلق به ) ( سن ) بضم السين وشد النون ( لسهو ) من إمام وفذ ولو حكما كالمسبوق إذا سها في قضائه بعد سلام إمامه إن لم يتكرر السهو بل ( وإن تكرر ) السهو بزيادة أو نقص أو بهما مبالغة في السنية لدفع توهم الوجوب أوفي سجدتان لدفع توهم الزيادة عليهما . وهذا إن تكرر قبل السجود فإن تكرر بعده كمسبوق سجد القبلي مع إمامه ثم سها في قضائه بنقص أو زيادة فيسجد لسهوه ولا يجتزي بسجوده الأول وكمتكلم سهوا بعد السجود القبلي ، وكمن سجده ثلاثا فيسجد عند اللخمي . وقال غيره لا يسجد وصلة سهو :

( بنقص سنة مؤكدة ) داخلة في الصلاة سواء كان محققا أو مشكوكا في أصله أو فيه وفي الزيادة ( أو ) ينقص سنة ولو غير مؤكدة ( مع زيادة ) سواء كان النقص والزيادة محققين أو مشكوكين أو أحدهما محققا والآخر مشكوكا ونائب فاعل سن ( سجدتان قبل سلامه ) أي المصلي إن سجد القبلي ثلاثا . وبعد تشهده وصلاته على النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه فلا تجزئ سجدة واحدة فإن تذكر قبل سلامه سجد الثانية وإن تذكرها بعد سجدها وتشهد وسلم ولا سجود عليه ، وتمنع الزيادة على اثنتين ولا سجود عليه إن زاد عليهما قبليا أو بعديا .

وقال اللخمي يسجد بعد السلام هذا هو المشهور وقيل القبلي واجب في الشامل وهو مقتضى المذهب ، ولا يكفي عن السجود إعادة الصلاة فمن ترتب عليه قبلي لا يبطل تركه أو بعدي فتركه وأعاد الصلاة فلا يسقط عنه قاله ابن بشير . وقول الذخيرة ترقيع الصلاة بالسجود أولى من إبطالها وإعادتها للعمل حملوا أولى فيه على الوجوب ، أي يحرم [ ص: 293 ] إفسادها وأما جبرها بالسجود فهو قدر زائد فهو الذي حكم عليه بالسنية . فإن ترك فاتت السنة ولم تبطل الصلاة إلا إذا كان عن ثلاث سنن فتبطل مراعاة للقول بوجوبه ويسجده بالجامع أو غيره في غير صلاة الجمعة .

( و ) يسجده ( بالجامع ) الذي صلى فيه إن سها ( في الجمعة ) كمسبوق أدرك مع الإمام ثانيتها وسها في ركعة القضاء عن السورة مثلا وسها عن السجود قبل السلام وخرج من المسجد وتذكره بالقرب فيرجع للمسجد الذي صلى فيه الجمعة ويجلس ويكبر مع رفع يديه ويعيد التشهد ، ويسجد ثم يتشهد ثم يسلم وهذا على أن مجرد الخروج من المسجد لا يعد طولا وإنما هو بالعرف ويسجد البعدي منها في أي جامع كان .

( وأعاد ) من سجد القبلي ( تشهده ) بعده استنانا ليقع سلامه عقب تشهد ، ولا يدعو ولا يصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم . وهذه إحدى مسائل لا يطلب في تشهدها دعاء . وثانيتها : من أقيمت الصلاة عليه للراتب وهو يصلي ولو فرضا . والثالثة : من خرج عليه الخطيب وهو في تشهد نافلة . والرابعة : من سها عن التشهد حتى سلم الإمام أو سلم عليه وهو في أثنائه أو بعد تمامه قبل شروعه في الدعاء . وفهم من قوله وأعاد تشهده أن القبلي بعد فراغ التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء .

ومثل لنقص سنة مؤكدة بقوله ( كترك جهر ) بفاتحة ولو مرة وأولى مع سورة أو بسورة فقط من ركعتين لأنه فيها سنة خفيفة . وفي الفاتحة سنة مؤكدة وأتى بدله بحركة اللسان فإن أسمع نفسه فلا يسجد .

( و ) ترك ( سورة ) أي قراءة ما زاد على الفاتحة هو أولى أو ثانية ( ب ) صلاة ( فرض ) لا نفل لأن الجهر والسورة فيه مندوبان فهو قيد فيهما ( و ) ترك ( تشهدين ) في أم التشهدات من صور اجتماع البناء والقضاء ومفهوم تشهدين عدم السجود لترك تشهد واحد ، وسيصرح به المصنف ، وهو قول مرجح ، وهو مرجح والأرجح كما أفاده الحط السجود له . [ ص: 294 ] وإلا ) أي وإن لم يكن السهو ينقص فقط أو مع زيادة بأن كان بزيادة فقط ( ف ) يسجد السجدتين ( بعده ) أي السلام ومثل للزيادة المشكوك فيها فتفهم منه المحققة بالأولى بقوله ( ك ) شخص ( متم ) صلاته ( ل ) أجل ( شك ) منه في إتمامها وعدمه وهو غير مستنكح بأن شك في رباعية هل صلاها أربعا أو ثلاثا فبنى على الثلاث لتيقنها وأتى برابعة فيسجد بعد السلام ولاحتمال زيادة الركعة التي أزال بها شكه لكونه صلى قبلها أربعا . وكذا من شك في ثلاث واثنتين من المغرب فبنى على اثنتين . وكذا من شك في ركعة وركعتين من ثنائية فبنى على واحدة . وكذا من شك في سجدة وسجدتين فبنى على سجدة والتحقيق أن الشك هنا على حقيقته ، وهو التردد المستوي فلا يعتبر التوهم إذ الظن كاليقين في الفرائض وغيرها .

( و ) كشخص ( مقتصر على شفع ) لكونه ( شك ) أي تردد على السواء في جواب ( أهو به ) أي الشفع في ثانيته ( أو بوتر ) لأنه المحقق فجعل الركعة المشكوك فيها ثانية الشفع فيسجد بعد السلام للزيادة المشكوكة لاحتمال أن الركعة المشكوك فيها زائدة وقد جعلها من الشفع .

فإن قيل لا وجه لسجوده بعد السلام لأنها إن كانت ثانية شفعه فلا زيادة أصلا ، وإن كانت الوتر فهي خارجة عن الشفع ومنفصلة عنه قيل في جوابه وجهة احتمال أنه صلى الشفيع ركعتين وسها عن السلام وقام للوتر فقد زاد ركعة في الشفع ، وبحث فيه بأنه يقتضي السجود قبل السلام لاجتماع النقص والزيادة ، ولذا روى عيسى بن زياد عن الإمام مالك " رضي الله عنه " أنه يسجد قبل السلام لذلك ولكن المشهور الأول ومثله مقتصر على عشاء شك أهو بها أو بشفع ومقتصر على ظهر شك أهو بها أم بعصر .

( أو ترك سر بفرض ) كظهر وأبدله بما زاد على أقل الجهر بفاتحة وحدها ولو في ركعة وأولى مع سورة أو بسورة وحدها في ركعتين فيسجد بعد السلام لمحض الزيادة . [ ص: 295 ] فإن قيل بل معها نقص سنة السر فمقتضاه يسجد قبله وبه قال ابن القاسم في العتبية فلعل المشهور رأى أن النقص حصل بنفس الزيادة فكأنه لا شيء إلا هي مع أن السر عدمي فيخص النقص مع الزيادة بنقص سنة وجودية كتكبيرة وتشهد وفيه أنه كيفية مخصوصة للقراءة مضادة للجهر بها على أن الجهر زيادة قولية من سنن الصلاة وهي لا تقتضي السجود ، كزيادة سورة في أخرييه . وراعى هذا أشهب فقال بعدم السجود ولعل المشهور رأى أنها لما اجتمعت مع النقص اقتضت السجود ، وإن نقضته بمجردها فإن أبدله بأدنى الجهر فلا يسجد .




الخدمات العلمية