الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب ما يفعل الضيف إذا تبعه غير من دعاه صاحب الطعام واستحباب إذن صاحب الطعام للتابع

                                                                                                                2036 حدثنا قتيبة بن سعيد وعثمان بن أبي شيبة وتقاربا في اللفظ قالا حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي وائل عن أبي مسعود الأنصاري قال كان رجل من الأنصار يقال له أبو شعيب وكان له غلام لحام فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف في وجهه الجوع فقال لغلامه ويحك اصنع لنا طعاما لخمسة نفر فإني أريد أن أدعو النبي صلى الله عليه وسلم خامس خمسة قال فصنع ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه خامس خمسة واتبعهم رجل فلما بلغ الباب قال النبي صلى الله عليه وسلم إن هذا اتبعنا فإن شئت أن تأذن له وإن شئت رجع قال لا بل آذن له يا رسول الله وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وإسحق بن إبراهيم جميعا عن أبي معاوية ح وحدثناه نصر بن علي الجهضمي وأبو سعيد الأشج قالا حدثنا أبو أسامة ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة ح وحدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي حدثنا محمد بن يوسف عن سفيان كلهم عن الأعمش عن أبي وائل عن أبي مسعود بهذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديث جرير قال نصر بن علي في روايته لهذا الحديث حدثنا أبو أسامة حدثنا الأعمش حدثنا شقيق بن سلمة حدثنا أبو مسعود الأنصاري وساق الحديث وحدثني محمد بن عمرو بن جبلة بن أبي رواد حدثنا أبو الجواب حدثنا عمار وهو ابن رزيق عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ح وحدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحسن بن أعين حدثنا زهير حدثنا الأعمش عن شقيق عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بهذا الحديث

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                باب ما يفعل الضيف إذا تبعه غير من دعاه صاحب الطعام ، واستحباب إذن صاحب الطعام للتابع فيه : ( أن رجلا من الأنصار يقال له : أبو شعيب صنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما ثم دعاه خامس خمسة ، [ ص: 181 ] واتبعهم رجل ، فلما بلغ الباب قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن هذا اتبعنا فإن شئت أن تأذن له وإن شئت رجع ، قال : لا ، بل آذن له يا رسول الله ) .

                                                                                                                وفيه : ( أن جارا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فارسيا كان طيب المرق ، فصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما ثم جاء يدعوه فقال : وهذه ؟ - لعائشة - فقال : لا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا . فعاد يدعوه ، فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهذه ؟ " - لعائشة - فقال : لا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا . ثم عاد يدعوه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهذه ؟ قال : نعم في الثالثة ، فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله ) .

                                                                                                                أما الحديث الأول ففيه أن المدعو إذا تبعه رجل بغير استدعاء ينبغي له ألا يأذن له وينهاه ، وإذا بلغ باب دار صاحب الطعام أعلمه به ليأذن له أو يمنعه ، وأن صاحب الطعام يستحب له أن يأذن له إن لم يترتب على حضوره مفسدة بأن يؤذي الحاضرين أو يشيع عنهم ما يكرهونه ، أو يكون جلوسه معهم مزريا بهم ؛ لشهرته بالفسق ونحو ذلك ، فإن خيف من حضوره شيء من هذا لم يأذن له ، وينبغي أن يتلطف في رده ، ولو أعطاه شيئا من الطعام إن كان يليق به ليكون ردا جميلا كان حسنا .

                                                                                                                وأما الحديث الثاني في قصة الفارسي وهي قضية أخرى ، فمحمول على أنه كان هناك عذر يمنع وجوب إجابة الدعوة ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم مخيرا بين إجابته وتركها ، فاختار أحد الجائزين وهو تركها إلا أن يأذن لعائشة معه لما كان بها من الجوع أو نحوه ، فكره صلى الله عليه وسلم الاختصاص بالطعام دونها ، وهذا من جميل المعاشرة ، وحقوق المصاحبة ، وآداب المجالسة المؤكدة ، فلما أذن لها اختار النبي صلى الله عليه وسلم الجائز الآخر لتجدد المصلحة ، وهو حصول ما كان يريده من إكرام جليسه ، وإيفاء حق معاشرته ومواساته فيما يحصل ، وقد سبق في باب الوليمة بيان الأعذار في ترك إجابة الدعوة ، واختلاف العلماء في وجوب الإجابة ، وأن منهم من لم يوجبها في غير وليمة العرس كهذه الصورة . والله أعلم .

                                                                                                                وقوله في الحديث الأول : ( كان لأبي شعيب غلام لحام ) أي يبيع اللحم ، وفيه دليل على جواز الجزارة ، وحل كسبها . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية