الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي فيه وجهان: أحدهما: يعني على ثقة من ربي ، قاله أبو عمران الجوني.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: على حجة من ربي ، قاله علي بن عيسى. [ ص: 466 ] وآتاني رحمة من عنده فيها وجهان: أحدهما: الإيمان. والثاني: النبوة ، قاله ابن عباس . فعميت عليكم يعني البينة في قوله: إن كنت على بينة من ربي وإنما قال: فعميت عليكم وهم الذين عموا عنها ، لأنها خفيت عليهم بترك النظر فأعماهم الله عنها. وقرأ حمزة والكسائي وحفص: فعميت عليكم بضم العين وتشديد الميم ، وفي قراءة أبي فعماها وهي موافقة لقراءة من قرأ بالضم على ما لم يسم فاعله. وفي الذي عماها على هاتين القراءتين وجهان: أحدهما: أن الله تعالى عماها عليهم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: بوسوسة الشيطان. وما زينه لهم من الباطل حتى انصرفوا عن الحق. وإنما قصد نبي الله نوح بهذا القول لقومه أن يرد عليهم قولهم: وما نرى لكم علينا من فضل ليظهر فضله عليهم بأنه على بينة من ربه وآتاه رحمة من عنده وهم قد سلبوا ذلك ، فأي فضل أعظم منه؟ ثم قال تعالى: أنلزمكموها وأنتم لها كارهون فيها وجهان: أنلزمكم الرحمة ، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنلزمكم البينة وأنتم لها كارهون ، وقبولكم لها لا يصح مع الكراهة عليها. قال قتادة والله لو استطاع نبي الله نوح عليه السلام لألزمها قومه ولكنه لم يملك ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية