الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
كتاب المضاربة . ( هي ) لغة مفاعلة من الضرب في الأرض وهو السير فيها وشرعا ( عقد شركة في الربح بمال من جانب ) رب المال ( وعمل من جانب ) المضارب . [ ص: 646 ]

( وركنها الإيجاب والقبول وحكمها ) أنواع ; لأنها ( إيداع ابتداء ) ومن حيل الضمان أن يقرضه المال إلا درهما ثم يعقد شركة عنان بالدرهم ، وبما أقرضه على أن يعملا ، والربح بينهما ثم يعمل المستقرض فقط فإن هلك فالقرض عليه ( وتوكيل مع العمل ) لتصرفه بأمره ( وشركة إن ربح وغصب إن خالف وإن أجاز ) رب المال ( بعده ) لصيرورته غاصبا بالمخالفة ( وإجارة فاسدة إن فسدت فلا ربح ) للمضارب ( حينئذ بل له أجر ) مثل ( عمله مطلقا ) ربح أو لا ( بلا زيادة على المشروط ) خلافا لمحمد والثلاثة

التالي السابق


كتاب المضاربة .

( قوله من جانب المضارب ) قيد به ; لأنه لو اشترط رب المال أن يعمل مع المضارب فسدت كما سيصرح به المصنف في باب المضارب يضارب ، وكذا تفسد لو أخذ المال من المضارب بلا أمره ، وباع واشترى به إلا إذا [ ص: 646 ] صار المال عروضا فلا تفسد لو أخذه من المضارب كما سيأتي في فصل المتفرقات ( قوله : إيداع ابتداء ) قال الخير الرملي : سيأتي أن المضارب يملك الإيداع في المطلقة مع ما تقرر أن المودع لا يودع ، فالمراد في حكم عدم الضمان بالهلاك ، وفي أحكام مخصوصة لا في كل حكم فتأمل ( قوله : ومن حيل إلخ ) ولو أراد رب المال أن يضمن المضارب بالهلاك يقرض المال منه ، ثم يأخذه منه مضاربة ثم يبضع المضارب كما في الواقعات قهستاني .

وذكر هذه الحيلة الزيلعي أيضا ، وذكر قبلها ما ذكره الشارح ، وفيه نظر ; لأنها تكون شركة عنان شرط فيها العمل على الأكثر مالا وهو لا يجوز بخلاف العكس ، فإنه يجوز كما ذكره في الظهيرية في كتاب الشركة عن الأصل للإمام محمد تأمل ، وكذا في شركة البزازية حيث قال : وإن لأحدهما ألف ولآخر ألفان ، واشتركا واشترطا العمل على صاحب الألف ، والربح أنصافا جاز ، وكذا لو شرطا الربح والوضيعة على قدر المال والعمل من أحدهما بعينه جاز ولو شرطا العمل على صاحب الألفين والربح نصفين لم يجز الشرط والربح بينهما أثلاثا ; لأن ذا الألف شرط لنفسه بعض ربح مال الآخر بغير عمل ولا مال ، والربح إنما يستحق بالمال أو بالعمل أو بالضمان ا . هـ .

ملخصا لكن في مسألة الشارح شرط العمل على كل منهما لا على صاحب الأكثر فقط .

والحاصل : أن المفهوم من كلامهم أن الأصل في الربح أن يكون على قدر المال إلا إذا كان لأحدهما عمل ، فيصح أن يكون ربحا بمقابلة عمله ، وكذا لو كان العمل منهما يصح التفاوت أيضا تأمل ( قوله وتوكيل مع العمل ) فيرجع بما لحقه من العهدة على رب المال درر ( قوله : بالمخالفة ) فالربح للمضارب لكنه غير طيب عند الطرفين در منتقى ( قوله مطلقا ) هو ظاهر الرواية قهستاني ( قوله ربح أو لا ) وعن أبي يوسف إذا لم يربح لا أجر له وهو الصحيح لئلا تربو الفاسدة على الصحيحة سائحاني ومثله في حاشية ط عن العيني ( قوله على المشروط ) قال في الملتقى : ولا يزاد على ما شرط له كذا في الهامش أي فيما إذا ربح وإلا فلا تتحقق الزيادة فلم يكن الفساد بسبب تسمية دراهم معينة للعامل تأمل ( قوله خلافا لمحمد ) فيه إشعار بأن الخلاف فيما إذا ربح ، وأما إذا لم يربح فأجر المثل بالغا ما بلغ ; لأنه لا يمكن تقدير بنصف الربح المعدوم كما في الفصولين لكن في الواقعات ما قاله أبو يوسف مخصوص بما إذا ربح وما قاله محمد إن له أجر المثل بالغا ما بلغ فيما هو أعم قهستاني ( قوله : والثلاثة ) فعنده له أجر مثل عمله بالغا ما بلغ إذا ربح در منتقى كذا في الهامش .

[ سئل ] فيما إذا دفع زيد لعمرو بضاعة على سبيل المضاربة ، وقال لعمرو : بعها ومهما ربحت يكون بيننا مثالثة فباعها ، وخسر فيها فالمضاربة غير صحيحة ولعمرو ، أجر مثله بلا زيادة على المشروط حامدية .

[ ص: 647 ] رجل دفع لآخر أمتعة ، وقال : بعها واشترها وما ربحت فبيننا نصفين فخسر فلا خسران على العامل ، وإذا طالبه صاحب الأمتعة بذلك فتصالحا على أن يعطيه العامل إياه لا يلزمه ولو كفله إنسان ببدل الصلح لا يصح ، ولو عمل هذا العامل في هذا المال ، فهو بينهما على الشرط ; لأن ابتداء هذا ليس بمضاربة بل هو توكيل ببيع الأمتعة ثم إذا صار الثمن من النقود ، فهو دفع مضاربة بعد ذلك فلم يضمن أولا ; لأنه أمين بحق الوكالة ثم صار مضاربا فاستحق المشروط جواهر الفتاوى .




الخدمات العلمية