الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 379 ] القسم بفتح فسكون وأما بكسر فسكون فالنصيب وبفتحها فاليمين ( والنشوز ) من نشز ارتفع فهو ارتفاع عن أداء الحق ومن لازم بيانهما بيان بقية أحكام عشرة النساء فسقط القول بأنه كان حقه أن يزيد في الترجمة وعشرة النساء لأنه مقصود الباب ( يختص القسم ) أي وجوبه ( بزوجات ) حقيقة فلا يتجاوزهن للرجعية ولا للإماء ولو مستولدات كما أشعر به قوله تعالى { فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أوما ملكت أيمانكم } أي فإنه لا يجب فيهن العدل الذي هو فائدة القسم ، نعم يستحب له عدم تعطيلهن وأن يسوي بينهن وإدخال الباء على المقصور عليه لغة صحيحة وإن كان الأفصح دخولها على المقصور ( ومن ) له زوجات لا يلزمه أن يبيت عندهن كما يأتي ، نعم إن ( بات ) في الحضر أي صار ليلا أو نهارا فالتعبير ب بات لبيان أن شأن القسم الليل لا لإخراج مكثه عند إحداهن نهارا إذ الأقرب لزوم مكثه مثل ذلك الزمن عند الباقيات ( عند بعض نسوته ) بقرعة أو دونها وإن أثم فليس في عبارته ما يقتضي جواز المبيت بالفعل عند بعضهن ابتداء من غير قرعة ولا معنى بات أراد خلافا لمن وهم فيه لأنه إنما جعل وجود المبيت بالفعل عند واحدة شرطا للزوم المبيت عند البقية وهذا لا يقتضي شيئا مما ذكر وبه يظهر أيضا اندفاع ما قيل إن عبارته توهم قصر الوجوب على ما إذا بات وليس كذلك بل تجب التسوية لو كان عندها نهارا دائما ولا يبيت عند واحدة بعد ذلك لا سيما إذا كان النهار وقت سكونه كالحارس ( لزمه ) فورا فيما يظهر هنا وفيما مر لا سيما إن عصى بأن لم يقرع لأنه حق لزم وهو معرض للسقوط بالموت فلزمه الخروج منه ما أمكنه وبهذا يفرق بينه وبين الحج ودين لم يعص به أن يبيت ( عند من بقي منهن ) تسوية بينهن للخبر الصحيح { إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل أو ساقط } وقد كان صلى الله عليه وسلم على غاية من العدل [ ص: 380 ] في القسم

                                                                                                                            وقول الإصطخري إنه كان تبرعا منه لعدم وجوبه عليه لقوله تعالى { ترجي من تشاء منهن } الآية خلاف المشهور لكن اختاره السبكي وخرج ب في الحضر ما لو سافر وحده ، ونكح جديدة في الطريق وبات عندها فلا يلزمه قضاء للمتخلفات والأولى أن يسوي بينهن في سائر الاستمتاعات ولا يجب لتعلقها بالميل القهري وكذا في التبرعات المالية فيما يظهر خروجا من خلاف من أوجب التسوية فيها أيضا ( ولو أعرض عنهن أو عن الواحدة ) ابتداء أو عند استكمال النوبة بالنسبة لهن ( لم يأثم ) لأن المبيت حقه ولأن في داعية الطبع ما يغني عن إيجابه ( و ) لكن ( يستحب ) له ( أن لا يعطلهن ) أي من ذكرن الشامل للواحدة وأكثر من الجماع والمبيت تحصينا لهن لئلا يؤدي إلى فسادهن أو إضرارهن سيما إن كانت عنده سرية جميلة وآثرها عليها أو عليهن ومن ثم اختار جمع قول المتولي يكره الإعراض عنهن وقد يمتنع الإعراض لعارض كأن ظلمها ثم بانت منه فيلزمه القضاء على الراجح بطريقه الشرعي ويندب أن لا يخلي الزوجة في كل أربع ليال من ليلة اعتبارا بمن له أربع زوجات وأن يناما في فراش واحد كما في الجواهر حيث لا عذر في الانفراد سيما إن حرصت على ذلك

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 379 ] كتاب القسم والنشوز

                                                                                                                            ( قوله : بزوجات ) أي ولو كن من الجن أو بعضهن من الإنس والبعض الآخر من الجن فتستحق الجنية القسم وإن جاءت على غير صورة بني آدم حيث عرف أنها زوجته لأنها لا ترى عن صورتها الأصلية فتزوجه بها مع العلم بأنها إنما تجيء على غير صورتها الأصلية رضا منه بمجيئها على أي صورة كانت ( قوله : عدم تعطيلهن ) أي الإماء ( قوله : أي صار ليلا ) أي حصل ( قوله : ولا معنى بات ) أي ولا أن معنى بات إلخ ( قوله : لزمه فورا ) أي فلو تركه كان كبيرة أخذا من الخبر الآتي ( قوله : { إذا كان عند الرجل امرأتان } ) أي مثلا ( قوله : { وشقه مائل } ) هو [ ص: 380 ] ونحوه مما ورد في كلام الشارع صلى الله عليه وسلم يحمل على حقيقته حيث لا صارف ( قوله خلاف المشهور ) أي فالمعتمد وجوبه عليه صلى الله عليه وسلم ( قوله : لكن اختاره السبكي ) ضعيف ( قوله : ونكح جديدة في الطريق ) هو مجرد تصوير وإلا فلو استصحب بعض نسائه في السفر بقرعة لم يقض للباقيات كما يأتي ( قوله : فلا يلزمه قضاء للمتخلفات ) خرج ما لو كان معه واحدة من زوجاته فيقسم بينها وبين الجديدة ما دام في السفر ( قوله : وكذا في التبرعات ) أي لا تجب التسوية فيها ( قوله : بطريقه الشرعي ) أي وهو عودها لعصمته ( قوله : لا عذر في الانفراد ) أي يقتضيه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 379 ] كتاب القسم والنشوز

                                                                                                                            ( قوله : ومن لازم بيانهما بيان إلخ ) فيه نظر لا يخفى ، ولو أجاب بأن القسم والنشوز من جملة أحكام عشرة النساء وأكثر الكلام الآتي فيهما فلذلك خصهما بالذكر لكان واضحا على أن من المشهور أنه إذا ترجم لشيء وزاد عليه لا يضر ( قوله : وبه يظهر أيضا اندفاع ما قيل إلخ ) القائل هو الأذرعي ، وعبارة كلامه : أي المصنف يوهم أنه إنما يجب القسم إذا بات عندها ، وليس كذلك بل يجب عند إرادته ذلك فلا يجوز له تخصيص واحدة بالبداءة بها إلا بالقرعة على الأصح كما سيأتي انتهت . فمراده بالقسم هنا كما ترى ضرب القرعة ، وحينئذ فالشارح كالعلامة حج لم يتواردا معه في الرد عليه على محل واحد . نعم تقع المناقشة مع الأذرعي في أن القرعة تسمى قسما فتأمل ( قوله : وفيما مر ) انظر ما المراد بما مر [ ص: 380 ] قوله : بطريقه الشرعي ) أي بأن يعيد المظلوم لهن حتى يقضي من نوبهن إذ لا يتصور القضاء إلا كذلك ، وليس في هذا إيجاب سبب الوجوب وهو لا يجب خلافا لما في التحفة لما بينه الشهاب سم في حواشيها من أن هذا من باب تحصيل محل أداء الحق الواجب ، فوجوب الإعادة وجوب لتحصيل ما يؤدي منه ما وجب لا وجوب لسبب الوجوب .




                                                                                                                            الخدمات العلمية