الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      باب تصحيح المسائل .

                                                                                                                      أي طريق تحصيل أقل عدد يخرج منه نصيب كل وارث صحيحا بلا كسر ويتوقف على أمرين أحدهما معرفة أصل المسألة وتقدم .

                                                                                                                      والثاني : معرفة جزء السهم ويأتي بيانه ثم الانكسار إما أن يكون على فريق واحد أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة عند غير المالكية ولا يتجاوزها في الفرائض اتفاقا ( فإذا ) علمت ذلك فمتى ( انكسر سهم فريق ) واحد ( من الورثة ) والفريق والحزب والحيز جماعة اشتركوا في فرض أو ما أبقت الفروض ( عليهم ) متعلق بانكسر ( فاضرب عددهم إن باين ) عددهم ( سهامهم ) في المسألة بعولها ( أو ) اضرب ( وفقه ) أي الفريق ( لها ) أي السهام ( إن وافقها ) بجزء كنصف وعشر ونصف ثمن واعتبر الأدق محافظة على الاختصار ( إن وافقها في المسألة وعولها إن كانت عائلة فما بلغ ) الضرب ( صحت منه الفريضة ثم من له شيء من أصل المسألة يأخذه مضروبا فيما ضربت فيه المسألة ) من عدد الفريق أو وفقه ( وهو الذي يسمى جزء السهم ) أي حظ السهم من أصل المسألة من المصحح .

                                                                                                                      وذلك لأنك إذا قسمت المصحح على أصل المسألة خرج لكل سهم منها ذلك المضروب فيها وكذا كل عددين ضربت أحدهما في الآخر إذا قسمت الحاصل على أحدهما خرج الثاني والجزء والحظ والنصيب بمعنى ( فما بلغ ) من ضرب سهامه في جزء السهم [ ص: 438 ] ( فهو له ويصير لكل واحد من الفريق من السهام ) في التصحيح ( عدد ما كان لجماعتهم ) من السهام في أصل المسألة عند التباين ( و ) يصير لكل واحد من الفريق من السهام عدد ( وفق ما كان لجماعتهم ) عند التوافق ( فاقسمه عليهم ) يخرج ما لكل واحد منهم .

                                                                                                                      ( مثال ذلك : زوج وأم وثلاثة إخوة أصلها من ستة للزوج النصف ثلاثة وللأم السدس سهم ، ويبقى للإخوة سهمان لا تنقسم عليهم ولا توافقهم ) وكل عددين متواليين متباينان ( فاضرب عددهم وهو ثلاثة في أصل المسألة ) ستة ( تكن ثمانية عشر سهما ) ومنها تصح وكل من له شيء من ستة أخذه مضروبا في جزء السهم ثلاثة ف ( للزوج ثلاثة في ثلاثة بتسعة وللأم سهم في ثلاثة بثلاثة وللإخوة سهمان في ثلاثة بستة لكل واحد منهم سهمان ) مثل ما كان لجماعتهم من أصل المسألة .

                                                                                                                      ( ولو كان الإخوة ستة وافقهم سهامهم ) هي اثنان بالنصف ( فردهم إلى نصفهم ثلاثة ، وتعمل فيها كعملك في الأولى ) بأن تضرب الثلاثة في الستة تبلغ ثمانية عشر ثم تقسم كما تقدم للزوج تسعة وللأم ثلاثة وللإخوة ستة .

                                                                                                                      ( ويصير لكل واحد من الإخوة سهم ) وهو وفق ما كان لجماعتهم من أصل المسألة .

                                                                                                                      ( وإن انكسر على فريقين أو أكثر ) كثلاث فرق أو أربع فرق ، فانظر أولا بين كل فريق وسهامه فإما أن توافقه سهامه أو تباينه سهامه فرد الموافق إلى وفقه وأبق المباين بحاله .

                                                                                                                      ( و ) انظر ثانيا بين المتباينين ف ( إن كانت متماثلة بعد اعتبار موافقتها السهام ) كان بينهما موافقة ( كثلاثة وثلاثة اجتزأت بأحدها ) أي المتماثلات ( وضربته في أصل المسألة ) بلا عول أو بعولها إن عالت ( كزوج وثلاث جدات وثلاثة إخوة لأبوين أو لأب ) أو لأم ، أصلها من ستة ، للزوج ثلاثة وللجدات السدس واحد لا ينقسم عليهن ويباين وللإخوة مما بقي اثنان لا ينقسم ويباين وثلاثة وثلاثة متماثلان فاكتف بإحداهما واضربها في ستة ( تصح من ثمانية عشر ) للزوج ثلاثة في ثلاثة بتسعة ، وللجدات واحد في ثلاثة بثلاثة لكل واحد سهم وللإخوة اثنان في ثلاثة بستة لكل واحد سهمان وكذا لو كانت الإخوة لأم .

                                                                                                                      ( وإن كانت ) أعداد الفرق ( متناسبة وتسمى متداخلة ) لكن الأصغر داخل في الأكبر ، ولا عكس فالتسمية اصطلاحية ( وهو ) أي تناسب العددين ( أن تنسب الأقل إلى الأكثر : بجزء واحد من أجزائه كنصفه أو ثلثه أو ربعه ) كاثنين وأربعة أو وستة أو وثمانية وخرج بقوله واحد الأربعة والستة ، فإن نسبتها إليها بالثلثين ، وذلك كسر مكرر واصطلاح الحساب أن [ ص: 439 ] جزء الشيء كسره الذي إذا سلط عليه أفناه وكسره أعم فواحد تأكيد لدفع توهم أنه مساو للكسر ( أو ) أن تنسب الأقل إلى الأكثر ( بجزء من أحد عشر ) كأحد عشر واثنين وعشرين .

                                                                                                                      ( ونحوه ) كسبعة عشر وأربعة وثلاثين ( اجتزأت بأكثرها ) أي المتناسبات ( وضربته في المسألة وعولها ) إن عالت فما بلغ فمنه تصح ( ثم كل من له شيء من الأصل ) أي أصل المسألة .

                                                                                                                      ( أخذه مضروبا فيما ضربت فيه المسألة ) وهو أكبر المتناسبين هنا كزوج وثلاثة إخوة لأم وستة أعمام ، أصلها ستة وجزء سهمها ستة عدد الأعمام لدخول عدد الإخوة فيه وتصح من ستة وثلاثين للزوج ثلاثة في ستة بثمانية عشر وللإخوة لأم اثنان في ستة باثني عشر ، لكل واحد أربعة وللأعمام واحد في ستة لكل واحد سهم .

                                                                                                                      ( وإن كانت ) أعداد الفرق ( متباينة كخمسة وستة وسبعة ضربت بعضها في بعض ) حتى تنتهي ( فما بلغ ) فهو جزء السهم ( اضربه في المسألة وعولها ) فما بلغ فمنه تصح ( ثم كل من له شيء من الأصل أخذه مضروبا فيما ضربت فيه المسألة ) .

                                                                                                                      كبنت وخمس بنات ابن وثلاث جدات وسبعة أعمام المسألة من ستة ، للبنت ثلاثة ولبنات الابن السدس تكملة الثلثين واحد لا ينقسم عليهن ويباين وللجدات السدس واحد لا ينقسم ويباين وللأعمام الباقي كذلك ; فاضرب ثلاثة في خمسة والحاصل خمسة عشر في سبعة بمائة وخمسة وهي جزء السهم ، فاضربها في ستة تبلغ ستمائة وثلاثين ، ومنها تصح فاضرب للبنت ثلاثة في مائة وخمسة بثلثمائة وخمسة عشر ولكل فريق من باقي الورثة واحد في مائة وخمسة لكل واحدة من بنات الابن أحد وعشرون ولكل واحدة من الجدات خمسة وثلاثون ولكل واحد من الأعمام خمسة عشر وقس على ذلك ( وإن كانت ) أعداد الفرق ( موافقة كأربعة وستة وعشرة ) فإنها متوافقة بالأنصاف ( أو كاثني عشر وثمانية عشر وعشرين ) فلك طريقان :

                                                                                                                      إحداهما طريق الكوفيين وهي التي أشار إليها بقوله ( وفقت ) أي حصلت الوفق ( بين أي عددين شئت منها من غير أن تقف شيئا ) منها ( ثم ) إذا عرفت الوفق بين اثنين منها ( ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر فما بلغ فاحفظه ثم انظر بينه ) أي المحفوظ ( وبين الثالث فإن كان ) الثالث ( داخلا فيه ) أو مماثلا له ( لم تحتج إلى ضربه واجتزأت بالمحفوظ ) فهو جزء السهم فاضربه في أصل المسألة ، فما بلغ فمنه تصح .

                                                                                                                      ( وإن وافقه ) أي وافق الثالث المحفوظ ( ضربت وفقه فيه ) فما حصل فهو [ ص: 440 ] جزء السهم ( أو باينه ) أي باين الثالث المحفوظ ( ضربته كله ) أي الثالث ( فيه ) أي المحفوظ فما بلغ فهو جزء السهم ( ثم ) اضربه ( في المسألة فما بلغ فمنه تصح ) المسألة واقسم كما سبق ففي أربع زوجات وتسع شقيقات واثني عشر عما المسألة من اثني عشر وسهام كل فريق تباينه .

                                                                                                                      وإذا نظرت بين تسعة واثني عشر فهما متوافقان بالثلث فاضرب ثلث أحدهما في الآخر بستة وثلاثين وانظر بينه وبين عدد الزوجات تجد عدد الزوجات داخلا فيه فالستة والثلاثون جزء السهم ، اضربه في اثني عشر أصل المسألة تصح من أربعمائة واثنين وثلاثين ، ثم تقسمها للزوجات ثلاثة في ستة وثلاثين بمائة وثمانية لكل واحدة سبعة وعشرون ، وللشقيقات ثمانية في ستة وثلاثين بمائتين وثمانية وثمانين لكل واحدة اثنان وثلاثون ، وللأعمام واحد في ستة وثلاثين ، لكل واحد ثلاثة ( وإن تماثل عددان وباينهما الثالث ) .

                                                                                                                      كثلاث أخوات لأبوين ، وثلاث جدات وأربعة أعمام ( أو وافقهما ) الثالث كأربع زوجات وستة عشر أخا لأم وستة أعمام لأن نصيب أولاد الأم يوافق عددهم بالربع فتردهم إلى ربعهم أربعة وهي مماثلة لعدد الزوجات وكلاهما يوافق عدد الأعمام بالنصف ( ضربت أحد المتماثلين في جميع الثالث ) إن باينهما كالمثال الأول ( أو ) ضربت أحد المتماثلين ( في وفقه ) أي الثالث ( إن كان موافقا ) كالمثال الثاني ( فما بلغ ) فهو جزء السهم فإذا أردت تتميم العمل ( ضربته في المسألة ) فما حصل صحت منه المسألة ، وقسمته كما سبق .

                                                                                                                      ( وإن تناسب اثنان وباينهما الثالث كثلاث جدات وتسع بنات ابن وخمسة أعمام ) .

                                                                                                                      أصل المسألة ستة من ستة للجدات السدس واحد على ثلاثة لا ينقسم ويباين ولبنات الابن الثلثان ، أربعة على ثلاثة ، لا تنقسم وتباين ، وللأعمام الباقي واحد على خمسة لا ينقسم ويباين والثلاثة داخلة في التسعة والخمسة مباينة لهما ( ضربت أكثرهما وهو التسعة في جميع الثالث وهو خمسة ) يحصل خمسة وأربعون فهي جزء السهم ( ثم ) اضربها ( في المسألة ) وهي ستة ( وتصح من مائتين وسبعين ) للجدات خمسة وأربعون لكل واحدة خمسة عشر ، ولبنات الابن مائة وثمانون لكل واحدة عشرون وللأعمام خمسة وأربعون لكل واحد تسعة .

                                                                                                                      ( وإن توافق اثنان ) من أعداد الفرق ( وباينهما الثالث ) كأربعة وخمسة وستة ( ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر ثم ) ضربت الحاصل ( في ) العدد ( الثالث ) المباين فالحاصل جزء السهم اضربه في أصل المسألة ثم اقسمه كما مر [ ص: 441 ] ( وإن تباين اثنان ووافقهما الثالث ) أي في التباين .

                                                                                                                      وفي نسخة وتبعهما ، فالثلاثة متباينة بدليل قوله ( فاضرب أحدهما في الآخر ) ثم اضرب ( الخارج في الثالث إن باينه كأربع زوجات وثلاث أخوات لأبوين أو لأب وخمسة أعمام ) أصل المسألة : اثنا عشر ، للزوجات الربع ثلاثة على أربعة لا تنقسم ، وتباين وللأخوات الثلثان ثمانية على ثلاثة لا تنقسم وتباين وللأعمام : الباقي واحد لا ينقسم ويباين والأعداد الثلاثة متباينة وحاصل ضربها في بعضها ستون فهي جزء السهم تضرب في الاثني عشر ( وتصح من سبعمائة وعشرين ) للزوجات مائة وثمانون ، لكل واحدة خمسة وأربعون وللأخوات أربعمائة وثمانون ، لكل واحدة مائة وستون .

                                                                                                                      وللأعمام ستون لكل واحد اثنا عشر ( لا إن ماثله ) أي ماثل حاصل ضرب المتباينين الثالث ، كاثنين وثلاثة وستة فإن حاصل ضرب الاثنين في الثلاثة ستة ، وهي مماثلة للستة فتكتفي بها وتضربها في أصل المسألة ( أو ضرب وفقه إن وافقه ) أي إذا ضربت أحد المتباينين في الآخر ووافق الحاصل الثالث ، كاثنين وثلاثة وتسعة إذا ضربت الاثنين في الثلاثة وقابلت بين الحاصل وبين التسعة ، وجدتهما متوافقين بالأثلاث فرد أحدهما إلى ثلثه واضربه في كامل الآخر ( كما تقدم في الصور كلها ) وتمم العمل على ما تقدم هذا كله في الانكسار على ثلاث فرق .

                                                                                                                      ( وكذا لو انكسر على أكثر من ثلاث فرق ) بأن كان الانكسار على أربع فرق فتنظر بين اثنين منها وتحصل أقل عدد ينقسم على كل منهما ثم تنظر بين الحاصل والثالث ، وتحصل أقل عدد ينقسم على كل منهما ، ثم تنظر بين الحاصل والرابع وتحصل أقل عدد ينقسم على كل منهما ولا يتجاوزها في الفرائض بخلاف الوصايا وغيرها وأقل عدد ينقسم على كل من عددين مثل أحدهما إن تماثلا وأكبرهما إن تداخلا وسطح ضرب أحدهما في وفق الآخر إن توافقا أو في كله إن تباينا .

                                                                                                                      ( وهذه ) الطريقة ( طريقة الكوفيين وقدمها في المغني والشرح وغيره وقوله في التنقيح والإنصاف : في اثني عشر وثمانية عشر وعشرين تقف الاثني عشر لا غير ، ف ) .

                                                                                                                      هو ( على طريقة البصريين ) وهي أن تقف واحدا وتوفق بينه وبين الآخرين فترد كلا منهما إلى وفقه فإذا وقفت الاثني عشر ونظرت بينهما وبين الثمانية عشر رددت الثمانية عشر لسدسها ثلاثة ثم نظرت بينها وبين العشرين فتردها لربعها خمسة ثم تنظر في الوفقين فإن تباينا - كما هنا - ضربت أحدهما في الآخر ، فتضرب الثلاثة [ ص: 442 ] في الخمسة تبلغ خمسة عشر ثم في الموقوف وهو الاثنا عشر بمائة وثمانين وإن كان بين الوفقين موافقة أيضا ضربت وفق أحدهما في الآخر ، ثم الحاصل في الموقوف وإن كانا متناسبين ضربت أكبرهما في الموقوف .

                                                                                                                      وإن كانا متماثلين ضربت أحدهما في الموقوف وكذا لو وقفت الثمانية عشر في المثال ، ونظرت بينهما وبين الاثني عشر ورددتها إلى سدسها اثنين ، ثم نظرت بينها وبين العشرين ثم رددتها إلى نصفها عشرة ثم قلت الاثنان داخلان في العشرة فاجتزأت بها وضربتها في الثمانية عشر ، يحصل المقصود وكذا لو وقفت العشرين ووقفت بينها وبين الثمانية عشر فرددتها إلى نصفها تسعة ثم بينها وبين الاثني عشر فرددتها إلى ربعها ثلاثة ثم بينها بين الثلاثة والتسعة فاكتفيت بالتسعة لأنها الأكبر وضربتها في العشرين لحصل ذلك فلا يتعين واحد منها للإيقاف لحصول الغرض على كل تقدير فتخصيصه في الإنصاف والتنقيح الوقف بالاثني عشر لا يتأتى أيضا على طريقة البصريين ، بل المنقول عنهم : إيقاف الأكبر ، لكن نوقش فيه بأن المطلوب حاصل على كل حال ، إلا أن يظهر له أثر باختصار العمل أو سهولته ولذلك لم يتابعه في المنتهى وإنما يتعين وقف معين منها إذا كان يوافق الآخرين .

                                                                                                                      وهما متباينان ، كستة وأربعة وتسعة فتقف الستة فقط ويسمى الموقوف : المقيد ، فتنظر بينه وبين الأربعة فتردها إلى اثنين ، ثم بينه وبين التسعة فتردها إلى ثلاثة ، ثم تضرب الاثنين في الثلاثة والحاصل في الستة بستة وثلاثين وإن شئت اكتفيت بضرب المتباينين كما هو أحد الوجهين في ذلك ( وطريقة الكوفيين أسهل منها ) فلذلك اقتصر المصنف عليها .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية