الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 499 ] قوله عز وجل: قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول أي ما نفهم ، ومنه سمي علم الدين فقها لأنه مفهوم ، وفيه وجهان: أحدهما: ما نفقه صحة ما تقول من العبث والجزاء.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنهم قالوا ذلك إعراضا عن سماعه واحتقارا لكلامه. وإنا لنراك فينا ضعيفا فيه سبعة تأويلات: أحدها: ضعيف البصر ، قاله سفيان .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ضعيف البدن ، حكاه ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أعمى ، قاله سعيد بن جبير وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: قليل المعرفة وحيدا ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس: ذليلا مهينا ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        السادس: قليل العقل.

                                                                                                                                                                                                                                        السابع: قليل المعرفة بمصالح الدنيا وسياسة أهلها. ولولا رهطك فيه وجهان: أحدهما: عشيرتك ، وهو قول الجمهور.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لولا شيعتك ، حكاه النقاش. لرجمناك فيه وجهان: أحدهما: لقتلناك بالرجم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لشتمناك بالكلام ، ومنه قول الجعدي: [ ص: 500 ]

                                                                                                                                                                                                                                        تراجمنا بمر القول حتى نصير كأننا فرسا رهان



                                                                                                                                                                                                                                        وما أنت علينا بعزيز فيه وجهان: أحدهما: بكريم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: بممتنع لولا رهطك. قوله عز وجل: قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله أي تراعون رهطي في ولا تراعون الله في. واتخذتموه وراءكم ظهريا فيه أربعة تأويلات: أحدها: اطرحتم أمره وراء ظهوركم لا تلتفتون إليه ولا تعملون به ، قاله السدي ، ومنه قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        .. ... ...     وجدنا بني البرصاء من ولد الظهر



                                                                                                                                                                                                                                        أي ممن لا يلتفت إليهم ولا يعتد بهم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يعني أنكم حملتم أوزار مخالفته على ظهوركم ، قاله السدي ، من قولهم حملت فلانا على ظهري إذا أظهرت عناده.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: يعني أنكم جعلتم الله ظهريا إن احتجتم استعنتم به ، وإن اكتفيتم تركتموه. كالذي يتخذه الجمال من جماله ظهريا إن احتاج إليها حمل عليها وإن استغنى عنها تركها ، قاله عبد الرحمن بن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: إن الله تعالى جعلهم وراء ظهورهم ظهريا ، قاله مجاهد . إن ربي بما تعملون محيط فيه ثلاثة أوجه: [ ص: 501 ] أحدها: حفيظ.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: خبير.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: مجاز.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية