الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7950 ) مسألة ; قال : ( ومن حلف على شيء ، وهو يعلم أنه كاذب ، فلا كفارة عليه ; لأن الذي أتى به أعظم من أن تكون فيه الكفارة ) . هذا ظاهر المذهب ، نقله الجماعة عن أحمد . وهو قول أكثر أهل العلم ، منهم ; ابن مسعود ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، ومالك ، والأوزاعي ، والثوري ، والليث ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وأصحاب الحديث ، وأصحاب الرأي من أهل الكوفة . وهذه اليمين تسمى يمين الغموس ; لأنها تغمس صاحبها في الإثم .

                                                                                                                                            قال ابن مسعود : كنا نعد من اليمين التي لا كفارة لها ، اليمين الغموس . وعن سعيد بن المسيب ، قال : هي من الكبائر ، وهي أعظم من أن تكفر . وروي عن أحمد ، أن فيها الكفارة . وروي ذلك عن عطاء ، والزهري ، والحكم ، والبتي . وهو قول الشافعي ; لأنه وجدت منه اليمين بالله تعالى ، والمخالفة مع القصد ، فلزمته الكفارة ، كالمستقبلة .

                                                                                                                                            ولنا ، أنها يمين غير منعقدة ، فلا توجب الكفارة ، كاللغو ، أو يمين على ماض ، فأشبهت اللغو ، وبيان كونها غير منعقدة ، أنها لا توجب برا ، ولا يمكن فيها ; ولأنه قارنها ما ينافيها ، وهو الحنث ، فلم تنعقد ، كالنكاح الذي قارنه الرضاع ، ولأن الكفارة لا ترفع إثمها ، فلا تشرع فيها ، ودليل ذلك أنها كبيرة ، فإنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من الكبائر الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، واليمين الغموس } . رواه البخاري ، وروي فيه : { خمس من الكبائر لا كفارة لهن ; الإشراك بالله ، والفرار من الزحف ، وبهت المؤمن ، وقتل المسلم بغير حق ، والحلف على يمين فاجرة يقتطع بها مال امرئ مسلم } . ولا يصح القياس على المستقبلة ; لأنها يمين منعقدة ، يمكن حلها والبر فيها ، وهذه غير منعقدة ، فلا حل لها .

                                                                                                                                            وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { فليكفر عن يمينه ، وليأت الذي هو خير } . يدل على أن الكفارة إنما تجب بالحلف على فعل يفعله فيما يستقبله . قاله ابن المنذر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية