الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فصل )

ندب نفل ، وتأكد بعد مغرب : كظهر وقبلها : [ ص: 340 ] كعصر بلا حد ، والضحى وسر به نهارا ، وجهر ليلا ، وتأكد بوتر ، وتحية مسجد

التالي السابق


( فصل في النفل ) ( ندب ) بضم فكسر ( نفل ) في كل وقت لم ينه عنه فيه أي ما زاد على الصلوات الخمس والسنن الخمس والرغيبة لذكرها بعده ومعناه لغة مطلق الزيادة واصطلاحا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يداوم عليه ، أي يتركه في بعض الأوقات لأن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه إذا عمل عملا من البر لا يتركه دائما لأنه يدل على نسخه والسنة لغة الطريقة ، واصطلاحا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه وأظهره في جماعة ولم يدل دليل على وجوبه . والرغيبة لغة الخير المرغب فيه ، واصطلاحا ما رغب الشارع فيه وحده ولم يظهره في جماعة . ( وتأكد ) بفتحات مثقلا ندب النفل ( بعد ) صلاة ( مغرب ) وبعد الذكر الوارد عقبها وشبه في التأكد فقال ( ك ) النفل ( بعد ) صلاة ( ظهر وقبلها ) أي الظهر ( ك ) النفل [ ص: 340 ] قبل ( عصر ) حال كون النفل في الأوقات الأربعة المتقدمة ( بلا حد ) أي تحديدا يتوقف المندوب عليه بحيث ينتفي بالزيادة عليه أو النقص عنه . وإن كان الأكمل ما ورد من أربع قبل الظهر وأربع بعدها وأربع قبل العصر وست بعد المغرب . ابن دقيق العيد في تقديم النفل على الفرض وتأخيره عنه معنى لطيف ففي التقديم تأنيس النفس بالعبادة وتقريبها للخشوع والخضوع الذي هو روح العبادة لبعدها عنهما باشتغالها بأسباب الدنيا .

فإذا قدم النفل على الفرض أنست النفس بالعبادة وتكيفت بحالة تقربها من الخشوع ، وفي تأخير النفل عن الفرض جبر الخلل والنقص الذي يقع في الفرض كما ورد في الحديث ، لكن تكره نية الجبر به لعدم العلم به بل يأتي به امتثالا للأمر ومفوضا الأمر له تعالى ولا يلزم من العلم بشيء قصده . وشرط طلب النفل القبلي اتساع وقت الفرض سواء كان المصلي فذا أو جماعة لم تطلب غيرها أو جماعة طلبت غيرها ولا ينافي هذا قوله سابقا والأفضل لفذ وجماعة لم تطلب غيرها تقديمها مطلقا لأن المراد به فعلها في أول وقتها عقب نفلها القبلي الذي يفيت تقديمها شرعا لكونه مقدمة لها ، هذا هو الحق كما مر عن الحطاب وغيره . ( و ) تأكد ( الضحى ) وأقله ركعتان وأوسطه ست هذا هو المشهور بناء على أن أكمله اثنا عشر وهذا خلاف المشهور والمشهور أن أكمله ثمان ركعات بحسب ما ورد ولا يكره الزائد عليها لقول الباجي لا تنحصر في عدد أفاده المسناوي ( و ) ندب ( سر ) أي إسرار ( به ) أي النفل ( نهارا ) وفي كراهة الجهر به قولان إلا الورد إذا صلاه عقب الفجر فيجهر به نظرا لأصله ( و ) ندب ( جهر ) به ( ليلا ) إن لم يشوش على غيره وإسراره جائز ( وتأكد ) ندب الجهر ( بوتر ) وعيد واستسقاء .

( و ) تأكد ( تحية ) رب ( مسجد ) بركعتين لداخله متوضئا وقت جواز نفل يريد جلوسا به ، وكره جلوسه قبلها ولا يسقطها ، وإن تكرر دخوله كفته الأولى إن قرب [ ص: 341 ] رجوعه عرفا وإلا كررها ، والمسجد يشمل ما تصلى فيه الجمعة وغيره . روى الأثرم في مغنيه مرفوعا من قوله صلى الله عليه وسلم { أعطوا المساجد حقها ، قالوا وما حقها يا رسول الله قال تصلوا ركعتين قبل أن تجلسوا } . زروق عن الغزالي وغيره أن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أربع مرات تقوم مقام التحية ، فينبغي الإتيان بها وقت النهي . الحطاب وهو حسن فينبغي وقت النهي أو لغير المتوضئ ، أما في وقت الجواز وهو متوضئ فلا بد من الركعتين ، إن قيل التحية وقت النهي منهي عنها فكيف يطلب ببدلها ويثاب عليه . قيل بل هي مطلوبة مطلقا لكن في وقت الجواز صلاة وفي وقت النهي ذكر والمستحب صلاتها في أول المسجد ، وقيل له تأخيرها إلى موضع جلوسه .




الخدمات العلمية