الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
كتاب إحياء الموات

لعل مناسبته أن فيه ما يكره وما لا يكره . الحياة نوعان : حاسة ونامية ، والمراد هنا النامية وسمي مواتا لبطلان الانتفاع به وإحياؤه ببناء أو غرس أو كرب أو سقي ( إذا أحيا مسلم أو ذمي أرضا غير منتفع بها - [ ص: 432 ] وليست بمملوكة لمسلم ولا ذمي ) فلو مملوكة لم تكن مواتا فلو لم يعرف مالكها فهي لقطة يتصرف فيها الإمام ولو ظهر مالكها ترد إليه ويضمن نقصانها إن نقصت بالزرع ( وهي بعيدة من القرية إذا صاح من بأقصى العامر ) وهو جهوري الصوت بزازية ( لا يسمع بها صوته ملكها عند أبي يوسف ) وهو المختار كما في المختار وغيره واعتبر محمد عدم ارتفاق أهل القرية به وبه وقالت الثلاثة .

قلت : وهذا ظاهر الرواية وبه يفتى كما في زكاة الكبرى ذكره القهستاني وكذا في البرجندي عن المنصورية عن قاضي خان : أن الفتوى على قول محمد فالعجب من الشرنبلالي كيف لم يذكر ذلك فليحفظ ( إن أذن له الإمام في ذلك ) وقالا يملكها بلا إذنه وهذا لو مسلما فلو ذميا شرط الإذن اتفاقا ولو مستأمنا لم يملكها أصلا اتفاقا - - [ ص: 433 ] قهستاني .

التالي السابق


كتاب إحياء الموات الموات كسحاب وغراب ما لا روح فيه ، أو أرض لا مالك لها قاموس . وفي المغرب : هو الأرض الخراب وخلافه العامر ا هـ . وجعله في المصباح من التسمية بالمصدر ، لأنه في الأصل مصدر مثل الموت ، وهذا حده اللغوي وزيد عليه في الشرح قيود ستذكر قال في العناية

، ومن محاسنه : التسبب للخصب في أقوات الأنام ، ومشروعيته بقوله عليه الصلاة والسلام " { من أحيا أرضا ميتة فهي له } ، وشروطه : تذكر في أثناء الكلام وسببه : تعلق البقاء المقدر وحكمه : تملك المحيي ما أحياه ( قوله لعل مناسبته إلخ ) كذا في العناية وغيرها ( قوله حاسة ) نسبة الحس إليها مجاز فإن الحاس الشخص الحي بها ط ( قوله لبطلان الانتفاع به ) تشبيها بالحيوان إذا مات لبطلان الانتفاع به إتقاني ( قوله وإحياؤه إلخ ) قال الأتقاني والمراد بإحياء الموات التسبب للحياة النامية ( قوله غير منتفع بها ) لانقطاع الماء [ ص: 432 ] منها أو غلبته عليها أو غلبة الرمال أو كونها سبخة ، وخرج به ما لا يستغني المسلمون عنه كأرض الملح ونحوها كما يأتي ( قوله وليست بمملوكة إلخ ) عرف به بالطريق الأولى أن أرض الوقف الموات لا يجوز إحياؤها رملي وكذا السلطانية كما يأتي قريبا ( قوله فلو مملوكة ) أي لمعروف ( قوله فلو لم يعرف مالكها فهي لقطة ) قال في الملتقى : الموات أرض لا ينتفع بها ، عادية أو مملوكة في الإسلام ، ليس لها مالك معين مسلم أو ذمي وعند محمد إن ملكت في الإسلام لا تكون مواتا ا هـ ومثله في الدرر ، والإصلاح والقدوري والجوهرة ، وقوله عادية : أي قدم خرابها كأنها خربت في عهد عاد وبه ظهر أن ما جرى عليه الشارح تبعا للمنح ، وشرح المجمع ، وهو ظاهر عبارة المتن كالكنز والوقاية هو قول محمد .

وفي الخلاصة : وأراضي بخارى ليست بموات لأنها دخلت في القسمة فتصرف إلى أقصى مالك في الإسلام ، أو ورثته فإن لم يعلم فالتصرف إلى القاضي ، وقال الزيلعي : وجعل أي القدوري المملوك في الإسلام إذا لم يعرف مالكه من الموات ، لأن حكمه كالموات حيث يتصرف فيه الإمام كما يتصرف في الموات لا لأنه موات حقيقة ا هـ وظاهره عدم الخلاف في الحقيقة تأمل ( قوله ويضمن ) أي زراعها في الهداية ( قوله بأقصى العامر ) أي من طرف الدور ، لا الأراضي العامرة قهستاني عن التجنيس ( قوله جهوري الصوت ) أي عاليه قاموس ( قوله ملكها ) جواب قوله : إذا أحيا أي ملك رقبة موضع أحياه دون غيره ، وعند أبي يوسف إن أحيا أكثر من النصف كان إحياء للجميع در منتقى وقال محمد : لو الموات في وسط ما أحيا يكون إحياء للكل ، ولو في ناحية فلا تتارخانية ويجب فيها العشر ، لأن ابتداء توظيف الخراج على المسلم لا يجوز إلا إذا سقاها بماء الخراج هداية ( قوله وهو المختار ) أي اشتراط البعد المذكور ، لأن الظاهر أن ما يكون قريبا من القرية لا ينقطع ارتفاق أهلها عنه فيدار الحكم عليه هداية ( قوله واعتبر محمد إلخ ) حاصله : أنه أدار الحكم على حقيقة الانتفاع قرب أو بعد ( قوله كيف لم يذكر ذلك ) أي أنه ظاهر الرواية المفتى به بل عبر عنه بقوله وعن محمد مع تصريحه بأن المختار الأول وذلك عجيب لما قالوا إن ما خالف ظاهر الرواية ليس مذهبا لأصحابنا ، ولا سيما أن لفظ به يفتى آكد ألفاظ التصحيح فافهم .

( قوله إن أذن له الإمام في ذلك ) والقاضي في ولايته بمنزلة الإمام تتارخانية عن الناطفي .

وفيها قبيل كتاب الإحياء : سئل السمرقندي في رجل وكل بإحياء الموات هل هو للوكيل كما في التوكيل بالاحتطاب والاحتشاش أم للموكل كما في سائر التصرفات قال : إن أذن الإمام للموكل بالإحياء يقع له ا هـ ( قوله وقالا يملكها بلا إذنه ) مما يتفرع على الخلاف ما لو أمر الإمام رجلا أن يعمر أرضا ميتة على أن ينتفع بها ، ولا يكون له الملك فأحياها لم يملكها عنده ، لأن هذا شرط صحيح عند الإمام ، وعندهما يملكها [ ص: 433 ] ولا اعتبار لهذا الشرط ا هـ ، ومحل الخلاف : إذا ترك الاستئذان جهلا ، أما إذا تركه تهاونا بالإمام كان له أن يستردها زجرا أفاده المكي أي اتفاقا ط ، وقول الإمام : هو المختار ولذا قدمه في الخانية ، والملتقى كعادتها وبه أخذ الطحاوي وعليه المتون . بقي هل يكفي الإذن اللاحق ؟ لم أره .




الخدمات العلمية