الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        معلومات الكتاب

                        إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

                        الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                        صفحة جزء
                        البحث الرابع عشر : إذا اختلف أهل العصر في مسألة على قولين ، فهل يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث ؟

                        اختلفوا في ذلك على أقوال :

                        الأول : المنع مطلقا ; لأنه كاتفاقهم على أنه لا قول سوى هذين القولين . قال الأستاذ أبو منصور : وهو قول الجمهور قال الكيا : إنه صحيح ، وبه الفتوى ، وجزم به القفال الشاشي والقاضي أبو الطيب الطبري والروياني والصيرفي ، ولم يحكيا خلافه إلا عن بعض المتكلمين ، وحكى ابن القطان الخلاف في ذلك عن داود .

                        القول الثاني : الجواز مطلقا ، حكاه ابن برهان وابن السمعاني عن بعض الحنفية ، والظاهرية ، ونسبه جماعة منهم القاضي عياض إلى داود ، وأنكر ابن حزم على من نسبه إلى داود .

                        القول الثالث : أن ذلك القول الحادث بعد القولين إن لزم منه رفعهما لم يجز إحداثه وإلا جاز ، وروي هذا التفصيل عن الشافعي ، واختاره المتأخرون من أصحابه ، ورجحه جماعة من الأصوليين منهم ابن الحاجب ، واستدلوا له بأن القول الحادث الرافع للقولين مخالف لما وقع الإجماع عليه ، والقول الحادث الذي لم يرفع القولين غير مخالف لهما ، بل موافق لكل واحد منهما من بعض الوجوه .

                        ومثل الاختلاف على قولين : الاختلاف على ثلاثة أو أربعة أو أكثر من ذلك ; فإنه يأتي في القول الزائد على الأقوال التي اختلفوا فيها ما يأتي في القول الثالث من الخلاف . ثم لا بد من تقييد هذه المسألة بأن يكون الخلاف فيها على قولين أو أكثر قد استقر ، أما إذا لم يستقر ، فلا وجه للمنع من إحداث قول آخر .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية