الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      [ ص: 374 ] فصل في حكم الظهار ( ويحرم على مظاهر ومظاهر منها الوطء ) قبل التكفير للآية ، ولما روى عكرمة عن ابن عباس { أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر فقال ما حملك على ذلك يرحمك الله ؟ فقال : رأيت خلخالها في ضوء القمر فقال : لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به } رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وقال المرسل أولى بالصواب .

                                                                                                                      ( و ) يحرم أيضا ( الاستمتاع منها بما دون الفرج قبل التكفير ) لأن ما حرم الوطء من القول حرم دواعيه كالطلاق والإحرام ( ومن مات منهما ) أي المظاهر والمظاهر منها ( ورثه الآخر وإن لم يكفر ) كالمولي منها .

                                                                                                                      ( وتجب الكفارة ) أي تثبت في ذمته ( بالعود ) وهو الوطء في الفرج لقوله تعالى { والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة } فأوجب الكفارة عقب العود وذلك يقتضي تعلقها به .

                                                                                                                      ( و ) لا تجب قبل ( ذلك ) إلا ( أنها شرط لحل الوطء ، فيأمر بها من أراده ليستحله بها ) كما يؤمر بعقد النكاح من أراد حلها ، ولأن العود في القول هو فعل ضد ما قال كما أن العود في الهبة استرجاع ما وهب ( وتقديم الكفارة قبل الوجوب تعجيل لها قبل وجوبها لوجود سببها ) وهو الظهار ( كتعجيل الزكاة قبل الحلول بعد كمال النصاب ) وكتقديم كفارة اليمين بعد الحلف وقبل الحنث .

                                                                                                                      ( ولو مات أحدهما أو طلقها ) المظاهر قبل الوطء فلا كفارة عليه ولو كان عزم على الوطء لأنه لم يعد إلى ما قال خلافا لأبي الخطاب لأن العود عنده العزم على الوطء وفاقا لمالك وأنكره أحمد ( فإن عاد ) المظاهر بعد أن طلق المظاهر منها ( فتزوجها لم يطأها حتى يكفر ) سواء كان الطلاق ثلاثا أو لا وسواء رجعت إليه بعد زوج آخر أو لا للآية كالتي لم يطلقها ولأن الظهار يمين ، مكفرة فلم يبطل حكمها بالطلاق كالإيلاء ( وإن وطئ ) المظاهر التي ظاهر منها ( قبل التكفير أتم مكلف ) منهما أو من أحدهما لأنه عصى ربه بمخالفته أمره ( واستقرت عليه ) أي ` [ ص: 375 ] المظاهر ( الكفارة ولو مجنونا ) نص عليه فلا تسقطه بعد ذلك كالصلاة إنما غفل عنها في وقتها ( وتحريمها ) أي المظاهر منها ( باق عليه حتى يكفر ) لظهاره لقوله صلى الله عليه وسلم الحديث السابق { لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به } ( وتجزيه كفارة واحدة ) لحديث سلمة بن صخر ولأنه وجد الظهار والعود فيدخل في عموم الآية .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية