الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والاشتغال بالدنيا

                                                                                                                2750 حدثنا يحيى بن يحيى التيمي وقطن بن نسير واللفظ ليحيى أخبرنا جعفر بن سليمان عن سعيد بن إياس الجريري عن أبي عثمان النهدي عن حنظلة الأسيدي قال وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقيني أبو بكر فقال كيف أنت يا حنظلة قال قلت نافق حنظلة قال سبحان الله ما تقول قال قلت نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا قال أبو بكر فوالله إنا لنلقى مثل هذا فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت نافق حنظلة يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( قطن بن نسير ) بضم النون وفتح السين .

                                                                                                                قوله : ( عن حنظلة الأسيدي ) ضبطوه بوجهين أصحهما وأشهرهما : ضم الهمزة وفتح السين وكسر [ ص: 224 ] الياء المشددة . والثاني : كذلك ، إلا أنه بإسكان الياء ، ولم يذكر القاضي إلا هذا الثاني ، وهو منسوب إلىبني أسيد بطن من بني تميم .

                                                                                                                قوله : ( وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا ، وذكره القاضي عن بعض شيوخهم كذلك ، وعن أكثرهم ، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وكلاهما صحيح ، لكن الأول أشهر في الرواية ، وأظهر في المعنى ، وقد قال في الرواية التي بعد هذه : عن حنظلة الكاتب .

                                                                                                                قوله : ( يذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين ) قال القاضي : ضبطناه ( رأي عين ) بالرفع أي : كأنا بحال من يراها بعين ، قال : ويصح النصب على المصدر ، أي نراها رأي عين .

                                                                                                                قوله : ( عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ) هو بالفاء والسين المهملة ، قال الهروي وغيره : معناه حاولنا ذلك ومارسناه واشتغلنا به ، أي : عالجنا معايشنا وحظوظنا ، والضيعات : جمع ضيعة بالضاد المعجمة ، وهي : معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة ، وروى الخطابي هذا الحرف ( عانسنا ) بالنون ، قال : ومعناه : لاعبنا ، ورواه ابن قتيبة بالشين المعجمة ، قال : ومعناه : عانقنا ، والأول هو المعروف ، وهو أعم .

                                                                                                                قوله : ( نافق حنظلة ) معناه : أنه خاف أنه منافق ، حيث كان يحصل له الخوف في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ، ويظهر عليه ذلك مع المراقبة والفكر ، والإقبال على الآخرة ، فإذا خرج اشتغل بالزوجة والأولاد ومعاش الدنيا ، وأصل النفاق إظهار ما يكتم خلافه من الشر ، فخاف أن يكون ذلك نفاقا ، فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس بنفاق ، وأنهم لا يكلفون الدوام على ذلك ، و ( ساعة وساعة ) أي : ساعة كذا وساعة كذا .

                                                                                                                قوله : ( فقلت يا رسول الله نافق حنظلة : فقال : مه ؟ ) قال القاضي : معناه الاستفهام ، أي : ما تقول ، والهاء هنا هي هاء السكت ، قال : ويحتمل أنها للكف والزجر والتعظيم لذلك .




                                                                                                                الخدمات العلمية