الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه

                                                                                                                2769 حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن سرح مولى بني أمية أخبرني ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك وهو يريد الروم ونصارى العرب بالشام قال ابن شهاب فأخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب كان قائد كعب من بنيه حين عمي قال سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قال كعب بن مالك لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك غير أني قد تخلفت في غزوة بدر ولم يعاتب أحدا تخلف عنه إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفازا واستقبل عدوا كثيرا فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بوجههم الذي يريد والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ يريد بذلك الديوان قال كعب فقل رجل يريد أن يتغيب يظن أن ذلك سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فأنا إليها أصعر فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم فأرجع ولم أقض شيئا وأقول في نفسي أنا قادر على ذلك إذا أردت فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو فهممت أن أرتحل فأدركهم فيا ليتني فعلت ثم لم يقدر ذلك لي فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك ما فعل كعب بن مالك قال رجل من بني سلمة يا رسول الله حبسه برداه والنظر في عطفيه فقال له معاذ بن جبل بئس ما قلت والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هو على ذلك رأى رجلا مبيضا يزول به السراب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن أبا خيثمة فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون فقال كعب بن مالك فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي فطفقت أتذكر الكذب وأقول بم أخرج من سخطه غدا وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي فلما قيل لي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدا فأجمعت صدقه وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله حتى جئت فلما سلمت تبسم تبسم المغضب ثم قال تعال فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي ما خلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك قال قلت يا رسول الله إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلا ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عقبى الله والله ما كان لي عذر والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك فقمت وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي والله ما علمناك أذنبت ذنبا قبل هذا لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به إليه المخلفون فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك قال فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي قال ثم قلت لهم هل لقي هذا معي من أحد قالوا نعم لقيه معك رجلان قالا مثل ما قلت فقيل لهما مثل ما قيل لك قال قلت من هما قالوا مرارة بن الربيعة العامري وهلال بن أمية الواقفي قال فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة قال فمضيت حين ذكروهما لي قال ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه قال فاجتنبنا الناس وقال تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي بالأرض التي أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام أم لا ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي وإذا التفت نحوه أعرض عني حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام فقلت له يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمن أني أحب الله ورسوله قال فسكت فعدت فناشدته فسكت فعدت فناشدته فقال الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول من يدل على كعب بن مالك قال فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع إلي كتابا من ملك غسان وكنت كاتبا فقرأته فإذا فيه أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسك قال فقلت حين قرأتها وهذه أيضا من البلاء فتياممت بها التنور فسجرتها بها حتى إذا مضت أربعون من الخمسين واستلبث الوحي إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك قال فقلت أطلقها أم ماذا أفعل قال لا بل اعتزلها فلا تقربنها قال فأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك قال فقلت لامرأتي الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر قال فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه قال لا ولكن لا يقربنك فقالت إنه والله ما به حركة إلى شيء و والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا قال فقال لي بعض أهلي لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه قال فقلت لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريني ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب قال فلبثت بذلك عشر ليال فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهي عن كلامنا قال ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل منا قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفي على سلع يقول بأعلى صوته يا كعب بن مالك أبشر قال فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج قال فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروننا فذهب قبل صاحبي مبشرون وركض رجل إلي فرسا وسعى ساع من أسلم قبلي وأوفى الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني فنزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته والله ما أملك غيرهما يومئذ واستعرت ثوبين فلبستهما فانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة ويقولون لتهنئك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحوله الناس فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني والله ما قام رجل من المهاجرين غيره قال فكان كعب لا ينساها لطلحة قال كعب فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور ويقول أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك قال فقلت أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله فقال لا بل من عند الله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه كأن وجهه قطعة قمر قال وكنا نعرف ذلك قال فلما جلست بين يديه قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك بعض مالك فهو خير لك قال فقلت فإني أمسك سهمي الذي بخيبر قال وقلت يا رسول الله إن الله إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت قال فوالله ما علمت أن أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا أحسن مما أبلاني الله به والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي قال فأنزل الله عز وجل لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم حتى بلغ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال كعب والله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا إن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد وقال الله سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين قال كعب كنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى فيه فبذلك قال الله عز وجل وعلى الثلاثة الذين خلفوا وليس الذي ذكر الله مما خلفنا تخلفنا عن الغزو وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه وحدثنيه محمد بن رافع حدثنا حجين بن المثنى حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب بإسناد يونس عن الزهري سواء وحدثني عبد بن حميد حدثني يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري عن عمه محمد بن مسلم الزهري أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبيد الله بن كعب بن مالك وكان قائد كعب حين عمي قال سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وساق الحديث وزاد فيه على يونس فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة ولم يذكر في حديث ابن أخي الزهري أبا خيثمة ولحوقه بالنبي صلى الله عليه وسلم وحدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحسن بن أعين حدثنا معقل وهو ابن عبيد الله عن الزهري أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن عمه عبيد الله بن كعب وكان قائد كعب حين أصيب بصره وكان أعلم قومه وأوعاهم لأحاديث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت أبي كعب بن مالك وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم يحدث أنه لم يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط غير غزوتين وساق الحديث وقال فيه وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بناس كثير يزيدون على عشرة آلاف ولا يجمعهم ديوان حافظ

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام ) أي : تبايعنا عليه [ ص: 240 ] وتعاهدنا ، وليلة العقبة هي الليلة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار فيها على الإسلام ، وأن يؤووه وينصروه ، وهي العقبة التي في طرف منى ، والتي يضاف إليها جمرة العقبة ، وكانت بيعة العقبة مرتين في سنتين في السنة الأولى كانوا اثني عشر وفي الثانية سبعين كلهم من الأنصار رضي الله عنهم .

                                                                                                                قوله : ( وإن كانت بدر أذكر ) أي أشهر عند الناس بالفضيلة .

                                                                                                                قوله : ( واستقبل سفرا بعيدا ومفازا ) أي : برية طويلة قليلة الماء يخاف فيها الهلاك ، وسبق قريبا بيان الخلاف في تسميتها مفازة ومفازا .

                                                                                                                قوله : ( فجلا للمسلمين أمرهم ) هو بتخفيف اللام ، أي : كشفه وبينه وأوضحه ، وعرفهم ذلك على وجهه من غير تورية ، يقال : جلوت الشيء كشفته . قوله : ( ليتأهبوا أهبة غزوهم ) ( الأهبة ) بضم الهمزة وإسكان الهاء ، أي : ليستعدوا بما يحتاجون إليه في سفرهم ذلك .

                                                                                                                [ ص: 241 ] قوله : ( فأخبرهم بوجههم ) أي : بمقصدهم .

                                                                                                                قوله : ( يريد بذلك الديوان ) هو بكسر الدال على المشهور ، وحكي فتحها ، وهو فارسي معرب ، وقيل : عربي .

                                                                                                                قوله : ( فقل رجل يريد أن يتغيب يظن أن ذلك سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي من الله تعالى ) قال القاضي : هكذا هو في جميع نسخ مسلم ، وصوابه ألا يظن أن ذلك سيخفى له بزيادة ( ألا ) وكذا رواه البخاري .

                                                                                                                [ ص: 242 ] ( فأنا إليها أصعر ) أي : أميل .

                                                                                                                قوله : ( حتى استمر بالناس الجد ) بكسر الجيم .

                                                                                                                قوله : ( ولم أقض من جهازي شيئا ) بفتح الجيم وكسرها ، أي : أهبة سفري .

                                                                                                                قوله : ( تفارط الغزو ) أي : تقدم الغزاة وسبقوا وفاتوا .

                                                                                                                قوله : ( رجلا مغموصا عليه في النفاق ) أي : متهما به ، وهو بالغين المعجمة والصاد المهملة .

                                                                                                                قوله : ( ولم يذكرني حتى بلغ تبوكا ) هكذا هو في أكثر النسخ ( تبوكا ) بالنصب ، وكذا هو في نسخ البخاري ، وكأنه صرفها لإرادة الموضع دون البقعة .

                                                                                                                قوله : ( والنظر في عطفيه ) أي : جانبيه ، وهو إشارة إلى إعجابه بنفسه ولباسه .

                                                                                                                قوله : ( فقال له معاذ بن جبل : بئس ما قلت ) هذا دليل لرد غيبة المسلم الذي ليس بمتهتك في الباطل ، وهو من مهمات الآداب وحقوق الإسلام .

                                                                                                                قوله : ( رأى رجلا مبيضا يزول به السراب ) المبيض بكسر الياء هو لابس البياض ، ويقال : هم المبيضة والمسودة بالكسر فيهما ، أي : لابسو البياض والسواد ، ويزول به السراب ، أي يتحرك وينهض ، والسراب هو ما يظهر للإنسان في الهواجر في البراري كأنه ماء .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( كن أبا خيثمة ) قيل معناه أنت أبو خيثمة قال ثعلب : العرب تقول : كن زيدا ، أي : أنت زيد ، قال القاضي عياض : والأشبه عندي أن ( كن ) هنا للتحقق والوجود ، أي : لتوجد يا هذا الشخص أبا خيثمة حقيقة ، وهذا الذي قاله القاضي هو الصواب ، وهو معنى قول صاحب التحرير تقديره : اللهم اجعله أبا خيثمة ، وأبو خيثمة هذا اسمه ( عبد الله بن خيثمة ) وقيل ( مال بن قيس ) قال بعض الحفاظ : وليس في الصحابة من يكنى أبا خيثمة إلا اثنان أحدهما : هذا ، والثاني : عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي .

                                                                                                                قوله : ( لمزه المنافقون ) أي : عابوه واحتقروه .

                                                                                                                قوله : ( توجه قافلا ) أي : راجعا .

                                                                                                                قوله : ( حضرني بثي ) أي : أشد الحزن .

                                                                                                                قوله : ( قد أظل قادما زاح عني الباطل ) فقوله ( أظل ) بالظاء المعجمة ، أي : أقبل ودنا قدومه كأنه ألقى علي ظله ، وزاح : أي زال .

                                                                                                                قوله : ( فأجمعت صدقه ) أي : عزمت عليه ، يقال : أجمع أمره وعلى أمره وعزم عليه بمعنى .

                                                                                                                قوله : ( لقد أعطيت جدلا ) أي : فصاحة وقوة في الكلام وبراعة ، بحيث أخرج عن عهدة ما ينسب إلي إذا أردت .

                                                                                                                قوله : ( تبسم تبسم المغضب ) هو بفتح الضاد ، أي الغضبان .

                                                                                                                [ ص: 243 ] قوله : ( ليوشكن ) هو بكسر الشين ، أي : ليسرعن .

                                                                                                                قوله : ( تجد علي فيه ) هو بكسر الجيم وتخفيف الدال ، أي : تغضب .

                                                                                                                قوله : ( إني لأرجو فيه عقبى الله ) أي : أن يعقبني خيرا وأن يثبتني عليه .

                                                                                                                قوله : ( فوالله ما زالوا يؤنبونني ) هو بهمز بعد الياء ثم نون ثم موحدة ، أي : يلومونني أشد اللوم .

                                                                                                                قوله : ( في الرجلين صاحبي كعب هما مرارة بن ربيعة العامري ) هكذا هو في جميع نسخ مسلم . ( العامري ) وأنكره العلماء وقالوا : هو غلط إنما صوابه ( العمري ) بفتح العين وإسكان الميم من بني عمرو بن عوف ، وكذا ذكره البخاري ، وكذا نسبه محمد بن إسحاق وابن عبد البر وغيرهما من الأئمة ، قال القاضي : هو الصواب ، وإن كان القابسي قد قال : لا أعرفه إلا العامري ، فالذي غيره الجمهور أصح ، وأما قوله ( مرارة بن ربيعة ) . فكذا وقع في نسخ مسلم ، ووقع في البخاري ( ابن الربيع ) قال ابن عبد البر : يقال بالوجهين ، ومرارة بضم الميم وتخفيف الراء المكررة .

                                                                                                                قوله : ( وهلال بن أمية الواقفي ) هو بقاف ثم فاء منسوب إلى واقف بطن من الأنصار ، وهو هلال بن أمية بن عامر بن قيس بن عبد الأعلى بن عامر بن كعب بن واقف ، واسم واقف : مالك بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس الأنصاري .

                                                                                                                قوله : ( ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة ) قال القاضي : هو بالرفع وموضعه نصب على الاختصاص ، قال سيبويه نقلا عن العرب : اللهم اغفر لنا أيتها العصابة ، وهذا مثله وفي هذا هجران أهل البدع والمعاصي .

                                                                                                                قوله : ( حتى تنكرت لي في نفسي الأرض ، فما هي بالأرض التي أعرف ) معناه : تغير علي كل شيء حتى الأرض ، فإنها توحشت علي وصارت كأنها أرض لم أعرفها لتوحشها علي .

                                                                                                                قوله : ( فأما صاحباي فاستكانا ) أي : خضعا .

                                                                                                                قوله : ( أشب القوم وأجلدهم ) أي : أصغرهم سنا وأقواهم .

                                                                                                                قوله : ( تسورت جدار حائط أبي قتادة ) معنى ( تسورته ) : علوته وصعدت سوره ، وهو أعلاه . وفيه دليل لجواز دخول الإنسان بستان صديقه وقريبه الذي يدل عليه ، ويعرف أنه لا يكره له ذلك بغير إذنه ، بشرط أن يعلم أنه ليس له هناك زوجة مكشوفة ونحو ذلك .

                                                                                                                [ ص: 244 ] قوله : ( فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام ) لعموم النهي عن كلامهم . وفيه أنه لا يسلم على المبتدعة ونحوهم . وفيه أن السلام كلام ، وأن من حلف لا يكلم إنسانا فسلم عليه أو رد عليه السلام حنث .

                                                                                                                قوله : ( أنشدك بالله ) هو بفتح الهمزة وضم الشين ، أي : أسألك الله ، وأصله من النشيد وهو الصوت .

                                                                                                                قوله : ( الله ورسوله أعلم ) قال القاضي : لعل أبا قتادة لم يقصد بهذا تكليمه لأنه منهي عن كلامه ، وإنما قال ذلك لنفسه لما ناشده الله ، فقال أبو قتادة مظهرا لاعتقاده لا ليسمعه ، ولو حلف رجل لا يكلم رجلا فسأله عن شيء فقال : الله أعلم يريد إسماعه وجوابه حنث .

                                                                                                                قوله : ( نبطي من نبط أهل الشام ) يقال : النبط والأنباط والنبيط وهم فلاحو العجم .

                                                                                                                قوله : ( ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة ، فالحق بنا نواسك ) المضيعة فيها لغتان إحداهما : كسر الضاد وإسكان الياء ، والثانية : بإسكان الضاد وفتح الياء أي : في موضع وحال يضاع فيه حقك ، وقوله ( نواسك ) وفي بعض النسخ ( نواسيك ) بزيادة ياء وهو صحيح ، أي : ونحن نواسيك ، وقطعه عن جواب الأمر ومعناه نشاركك فيما عندنا .

                                                                                                                قوله : ( فتياممت بها التنور فسجرتها ) هكذا هو في جميع النسخ ببلادنا ، وهي لغة في تيممت ، ومعناهما قصدت ، ومعنى ( سجرتها ) أي : أحرقتها ، وأنث الضمير لأنه أراد معنى الكتاب وهو الصحيفة .

                                                                                                                قوله : ( واستلبث الوحي ) أي : أبطأ .

                                                                                                                قوله : ( فقلت لامرأتي : الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ) هذا دليل على أن هذا اللفظ ليس صريحا في الطلاق ، وإنما هو كناية ، ولم ينو به الطلاق فلم يقع .

                                                                                                                قوله : ( وأنا رجل شاب ) يعني أني قادر على خدمة نفسي ، وأخاف أيضا على نفسي من حدة الشباب إن أصبت امرأتي ، وقد نهيت عنها .

                                                                                                                [ ص: 245 ] قوله : ( فكمل لنا خمسون ) هو بفتح الميم وضمها وكسرها .

                                                                                                                قوله : ( وضاقت علي الأرض بما رحبت ) أي : بما اتسعت ، ومعناه : ضاقت علي الأرض مع أنها متسعة ، والرحب : السعة .

                                                                                                                قوله : ( سمعت صارخا أوفى على سلع ) أي : صعده ، وارتفع عليه ، و ( سلع ) بفتح السين المهملة وإسكان اللام ، وهو : جبل بالمدينة معروف .

                                                                                                                قوله : ( يا كعب بن مالك أبشر ) وقوله : ( فذهب الناس يبشروننا ) فيه : دليل لاستحباب التبشير والتهنئة لمن تجددت له نعمة ظاهرة ، أو اندفعت عنه كربة شديدة ، ونحو ذلك ، وهذا الاستحباب عام في كل نعمة حصلت ، وكربة انكشفت ، سواء كانت من أمور الدين أو الدنيا .

                                                                                                                قوله : ( فخررت ساجدا ) دليل للشافعي وموافقيه في استحباب سجود الشكر بكل نعمة ظاهرة حصلت ، أو نقمة ظاهرة اندفعت .

                                                                                                                [ ص: 246 ] قوله : ( فآذن الناس ) أي : أعلمهم .

                                                                                                                قوله : ( فنزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته ) فيه : استحباب إجازة البشير بخلعة ، وإلا فبغيرها ، والخلعة أحسن ، وهي المعتادة .

                                                                                                                قوله : ( واستعرت ثوبين فلبستهما ) فيه : جواز العارية ، وجواز إعارة الثوب للبس .

                                                                                                                قوله : ( فانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجا فوجا ) أتأمم : أقصد ، والفوج : الجماعة .

                                                                                                                قوله : ( فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني ) فيه استحباب مصافحة القادم ، والقيام له إكراما ، والهرولة إلى لقائه بشاشة وفرحا .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك ) معناه : سوى يوم إسلامك إنما لم يستثنه ; لأنه معلوم لا بد منه .

                                                                                                                قوله : ( إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمسك بعض مالك فهو خير لك ) معنى ( أنخلع منه ) أخرج منه وأتصدق به . وفيه استحباب الصدقة شكرا للنعم المتجددة لا سيما ما عظم منها ، وإنما أمره صلى الله عليه وسلم بالاقتصار على الصدقة ببعضه خوفا من تضرره بالفقر ، وخوفا ألا يصبر على الإضاقة ، ولا يخالف هذا صدقة أبي بكر - رضي الله عنه - بجميع ماله ، فإنه كان صابرا راضيا ، فإن قيل : كيف قال أنخلع من مالي فأثبت له مالا ، مع قوله أولا نزعت ثوبي والله ما أملك غيرهما ؟ فالجواب أن المراد بقوله أن أنخلع من مالي الأرض والعقار ، ولهذا قال : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر ، وأما قوله : ما أملك غيرهما فالمراد به من الثياب ونحوها مما يخلع ويليق بالبشير . وفيه دليل على تخصيص اليمين بالنية ، وهو مذهبنا ، فإذا حلف لا مال له ونوى نوعا لم يحنث بنوع آخر من المال ، أو لا يأكل ونوى تمرا لم يحنث بالخبز .

                                                                                                                قوله : ( فوالله ما علمت أحدا من المسلمين أبلاه الله تعالى في صدق الحديث أحسن مما أبلاني ) أي : أنعم عليه ، والبلاء والإبلاء يكون في الخير والشر ، لكن إذا أطلق كان للشر غالبا ، فإذا أريد الخير قيد ، كما قيده هنا ، فقال : أحسن مما أبلاني .

                                                                                                                [ ص: 247 ] قوله : ( والله ما تعمدت كذبة ) هي بإسكان الذال وكسرها .

                                                                                                                قوله : ( ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد إذ هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذبته فأهلك ) هكذا هو في جميع نسخ مسلم وكثير من روايات البخاري قال العلماء : لفظة ( لا ) في قوله ( أن لا أكون ) زائدة ، ومعناه : أن أكون كذبته ، كقوله تعالى : ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك وقوله : ( فأهلك ) بكسر اللام على الفصيح المشهور ، وحكي فتحها وهو شاذ ضعيف .

                                                                                                                قوله : ( وإرجاؤه أمرنا ) أي : تأخيره .

                                                                                                                قوله : ( في رواية ابن أخي الزهري عن عمه عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن عبيد الله بن كعب ) كذا قاله في هذه الرواية ( عبيد الله ) بضم العين مصغر وكذا قاله في الرواية التي بعدها رواية معقل بن عبيد الله عن الزهري عن عبد الرحمن عن عبيد الله بن كعب مصغر وقال قبلهما في رواية [ ص: 248 ] يونس المذكور أول الحديث عن الزهري عن عبد الله بن كعب بفتح العين مكبر ، وكذا قال في رواية عقيل عن الزهري عن عبد الله بن كعب مكبر قال الدارقطني : الصواب رواية من قال : عبد الله بفتح العين مكبر ، ولم يذكر البخاري في الصحيح إلا رواية عبد الله مكبر مع تكراره الحديث .

                                                                                                                قوله : ( قلما يريد غزوة إلا ورى بغيرها ) أي أوهم غيرها ، وأصله من وراء كأنه جعل البيان وراء ظهره .

                                                                                                                قوله : ( وكان أوعاهم لأحاديث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي : أحفظهم .

                                                                                                                قوله : ( لم يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط غير غزوتين ) المراد بهما : غزوة بدر ، وغزوة تبوك ، كما صرح به في الرواية الأولى .

                                                                                                                قوله : ( وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بناس كثير يزيدون على عشرة آلاف ) هكذا وقع هنا زيادة على عشرة آلاف ، ولم يبين قدرها وقد قال أبو زرعة الرازي : كانوا سبعين ألفا ، وقال ابن إسحاق : كانوا ثلاثين ألفا ، وهذا أشهر ، وجمع بينهما بعض الأئمة بأن أبا زرعة عد التابع والمتبوع وابن إسحاق عد المتبوع فقط . والله أعلم .

                                                                                                                [ ص: 249 ] واعلم أن في حديث كعب هذا - رضي الله عنه - فوائد كثيرة .

                                                                                                                إحداها : إباحة الغنيمة لهذه الأمة ; لقوله : خرجوا يريدون عير قريش .

                                                                                                                الثانية : فضيلة أهل بدر وأهل العقبة .

                                                                                                                الثالثة : جواز الحلف من غير استحلاف في غير الدعوى عند القاضي .

                                                                                                                الرابعة : أنه ينبغي لأمير الجيش إذا أراد غزوة أن يوري بغيرها ، لئلا يسبقه الجواسيس ونحوهم بالتحذير ، إلا إذا كانت سفرة بعيدة ، فيستحب أن يعرفهم البعد ليتأهبوا .

                                                                                                                الخامسة : التأسف على ما فات من الخير ، وتمني المتأسف أنه كان فعله ، لقوله : فيا ليتني فعلت .

                                                                                                                السادسة : رد غيبة المسلم لقول معاذ : بئس ما قلت .

                                                                                                                السابعة : فضيلة الصدق وملازمته ، وإن كان فيه مشقة ، فإن عاقبته خير ، وإن الصدق يهدي إلى البر ، والبر يهدي إلى الجنة ، كما ثبت في الصحيح .

                                                                                                                الثامنة : استحباب صلاة القادم من سفر ركعتين في مسجد محلته أول قدومه قبل كل شيء .

                                                                                                                التاسعة : أنه يستحب للقادم من سفر إذا كان مشهورا يقصده الناس لسلام عليه ، أن يقعد لهم في مجلس بارز ، هين الوصول إليه .

                                                                                                                العاشرة : الحكم بالظاهر ، والله يتولى السرائر ، وقبول معاذير المنافقين ونحوهم ، ما لم يترتب على ذلك مفسدة .

                                                                                                                الحادية عشرة : استحباب هجران أهل البدع والمعاصي الظاهرة ، وترك السلام عليهم ، ومقاطعتهم تحقيرا لهم وزجرا .

                                                                                                                الثانية عشرة : استحباب بكائه على نفسه إذا وقعت منه معصية .

                                                                                                                الثالثة عشرة : أن مسارقة النظر في الصلاة والالتفات لا يبطلها .

                                                                                                                الرابعة عشرة : أن السلام يسمى كلاما ، وكذلك رد السلام ، وأن من حلف لا يكلم إنسانا فسلم عليه ، أو رد عليه السلام ، يحنث .

                                                                                                                الخامسة عشرة : وجوب إيثار طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على مودة الصديق والقريب وغيرهما ، كما فعل أبو قتادة حين سلم عليه كعب ، فلم يرد عليه حين نهي عن كلامه .

                                                                                                                السادسة عشرة : أنه إذا حلف لا يكلم إنسانا فتكلم ، ولم يقصد كلامه بل قصد غيره ، فسمع المحلوف عليه لم يحنث الحالف ; لقوله : الله أعلم : فإنه محمول على أنه لم يقصد كلامه كما سبق .

                                                                                                                السابعة عشرة : جواز إحراق ورقة فيها ذكر الله تعالى لمصلحة ، كما فعل عثمان والصحابة - رضي الله عنهم - بالمصاحف التي هي غير مصحفه الذي أجمعت الصحابة عليه ، وكان ذلك صيانة ، [ ص: 250 ] فهي حاجة وموضع الدلالة من حديث كعب ، أنه أحرق الورقة ، وفيها : لم يجعلك الله بدار هوان .

                                                                                                                الثامنة عشرة : إخفاء ما يخاف من إظهاره مفسدة وإتلاف .

                                                                                                                التاسعة عشرة ، أن قوله لامرأته : الحقي بأهلك ليس بصريح طلاق ، ولا يقع به شيء إذا لم ينو .

                                                                                                                العشرون : جواز خدمة المرأة زوجها برضاها ، وذلك جائز له بالإجماع ، فأما إلزامها بذلك فلا .

                                                                                                                الحادية والعشرون : استحباب الكنايات في ألفاظ الاستمتاع بالنساء ونحوها .

                                                                                                                الثانية والعشرون : الورع والاحتياط بمجانبة ما يخاف منه الوقوع في منهي عنه ، لأنه لم يستأذن في خدمة امرأته له ، وعلل بأنه شاب ، أي لا يأمن مواقعتها ، وقد نهي عنها .

                                                                                                                الثالثة والعشرون : استحباب سجود الشكر عند تجدد نعمة ظاهرة ، أو اندفاع بلية ظاهرة ، وهو مذهب الشافعي وطائفة ، وقال أبو حنيفة وطائفة : لا يشرع .

                                                                                                                الرابعة والعشرون : استحباب التبشير بالخير .

                                                                                                                الخامسة والعشرون : استحباب تهنئة من رزقه الله خيرا ظاهرا ، أو صرف عنه شرا ظاهرا .

                                                                                                                السادسة والعشرون : استحباب إكرام المبشر بخلعة أو نحوها .

                                                                                                                السابعة والعشرون : أنه يجوز تخصيص اليمين بالنية ، فإذا حلف لا مال له ونوى نوعا لم يحنث بنوع من المال غيره ، وإذا حلف لا يأكل ، ونوى خبزا ، لم يحنث باللحم والتمر وسائر المأكول ، ولا يحنث إلا بذلك النوع ، وكذلك لو حلف لا يكلم زيدا ، ونوى كلاما مخصوصا لم يحنث بتكليمه إياه غير ذلك الكلام المخصوص ، وهذا كله متفق عليه عند أصحابنا ، ودليله من هذا الحديث قوله في الثوبين : والله ما أملك غيرهما ، ثم قال بعده في ساعة : إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة ، ثم قال : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر .

                                                                                                                الثامنة والعشرون : جواز العارية .

                                                                                                                التاسعة والعشرون : جواز استعارة الثياب للبس .

                                                                                                                الثلاثون : استحباب اجتماع الناس عند إمامهم وكبيرهم في الأمور المهمة من بشارة ومشورة وغيرهما .

                                                                                                                الحادية والثلاثون : استحباب القيام للوارد إكراما له إذا كان من أهل الفضل بأي نوع كان ، وقد جاءت به أحاديث جمعتها في جزء مستقل بالترخيص فيه ، والجواب عما يظن به مخالفا لذلك .

                                                                                                                الثانية والثلاثون : استحباب المصافحة عند التلاقي وهي سنة بلا خلاف

                                                                                                                الثالثة والثلاثون : استحباب سرور الإمام وكبير القوم بما يسر أصحابه وأتباعه .

                                                                                                                الرابعة والثلاثون : أنه يستحب لمن حصلت له نعمة ظاهرة ، أو اندفعت عنه كربة ظاهرة أن يتصدق بشيء صالح من ماله شكرا لله تعالى على إحسانه ، وقد ذكر أصحابنا أنه يستحب له سجود الشكر والصدقة جميعا ، وقد اجتمعا في هذا الحديث .

                                                                                                                [ ص: 251 ] الخامسة والثلاثون : أنه يستحب لمن خاف ألا يصبر على الإضاقة ألا يتصدق بجميع ماله ، بل ذلك مكروه له .

                                                                                                                السادسة والثلاثون : أنه يستحب لمن رأى من يريد أن يتصدق بكل ماله ويخاف عليه ألا يصبر على الإضاقة أن ينهاه عن ذلك ، ويشير عليه ببعضه .

                                                                                                                السابعة والثلاثون : أنه يستحب لمن تاب بسبب من الخير أن يحافظ على ذلك السبب ، فهو أبلغ في تعظيم حرمات الله ، كما فعل كعب في الصدق ، والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية