الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                          كتاب الحاء

                                                          باب ما جاء من كلام العرب في المضاعف والمطابق أوله حاء ، وتفريع مقاييسه

                                                          ( حد ) الحاء والدال أصلان : الأول المنع ، والثاني طرف الشيء .

                                                          فالحد : الحاجز بين الشيئين . وفلان محدود ، إذا كان ممنوعا . و " إنه لمحارف محدود " ، كأنه قد منع الرزق . ويقال للبواب حداد ، لمنعه الناس من الدخول . قال الأعشى :


                                                          فقمنا ولما يصح ديكنا إلى جونة عند حدادها

                                                          وقال النابغة في الحد والمنع :


                                                          إلا سليمان إذ قال المليك له     قم في البرية فاحددها عن الفند

                                                          وقال آخر :

                                                          [ ص: 4 ]

                                                          يا رب من كتمني الصعادا     فهب له حليلة مغدادا
                                                          كان لها ما عمرت حدادا

                                                          أي يكون بوابها لئلا تهرب . وسمي الحديد حديدا لامتناعه وصلابته وشدته . والاستحداد : استعمال الحديد . ويقال حدت المرأة على بعلها وأحدت ، وذلك إذا منعت نفسها الزينة والخضاب . والمحادة : المخالفة ، فكأنه الممانعة . ويجوز أن يكون من الأصل الآخر .

                                                          ويقال : ما لي عن هذا الأمر حدد ومحتد ، أي معدل وممتنع . ويقال حددا ، بمعنى معاذ الله . وأصله من المنع . قال الكميت :


                                                          حددا أن يكون سيبك فينا     زرما أو يجيئنا تمصيرا

                                                          وحد العاصي سمي حدا لأنه يمنعه عن المعاودة . قال الدريدي : " يقال هذا أمر حدد ، أي منيع " .

                                                          وأما الأصل الآخر فقولهم : حد السيف وهو حرفه ، وحد السكين . وحد الشراب : صلابته . قال الأعشى :


                                                          وكأس كعين الديك باكرت حدها

                                                          [ ص: 5 ] وحد الرجل : بأسه . وهو تشبيه .

                                                          ومن المحمول الحدة التي تعتري الإنسان من النزق . تقول حددت على الرجل أحد حدة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية