الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [111] وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون

                                                                                                                                                                                                                                      وإذ أوحيت إلى الحواريين أي: بطريق الإلهام والإلقاء في القلب: أن آمنوا بي وبرسولي أي: عن دعوته: قالوا آمنا وأكدوا إيمانهم بقولهم: واشهد أي: لتؤديها عند ربك: بأننا مسلمون أي: منقادون لكل ما تدعونا إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وههنا لطائف:

                                                                                                                                                                                                                                      الأولى: - إنما قدموا ذكر الإيمان لأنه صفة القلب. والإسلام عبارة عن الانقياد والخضوع في الظاهر. يعني آمنا بقلوبنا وانقدنا بظواهرنا.

                                                                                                                                                                                                                                      الثانية: - إنما ذكر تعالى هذا في معرض تعديد النعم؛ لأن صيرورة الإنسان مقبول القول عند الناس. محبوبا في قلوبهم. من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان. كذا قاله الرازي.

                                                                                                                                                                                                                                      قال المهايمي: ليحصل له رتبة التكميل وثواب رشدهم.

                                                                                                                                                                                                                                      الثالثة: قال الرازي: إن قيل: إنه تعالى قال في أول الآية: اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك [ ص: 2212 ] ثم إن جميع ما ذكره تعالى من النعم مختص بعيسى عليه السلام، وليس لأمه تعلق بشيء منها. قلنا: كل ما حصل للولد من النعم الجليلة والدرجات العالية، فهو حاصل على سبيل التضمن والتبع للأم، ولذلك قال تعالى: وجعلنا ابن مريم وأمه آية فجعلهما معا آية واحدة لشدة اتصال كل واحد منهما بالآخر. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعضهم: قيل: أريد بالذكر في قوله تعالى: اذكر نعمتي الشكر. ففي ذلك دلالة على وجوب شكر النعمة. وأن النعمة على الأم نعمة على الولد. والشكر يكون بالقول والفعل والاعتقاد.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية