الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        311 - الحديث العاشر : عن عائشة رضي الله عنها قالت : { جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فبت طلاقي . فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا ، حتى تذوقي عسيلته ، ويذوق [ ص: 562 ] عسيلتك ، قالت : وأبو بكر عنده ، وخالد بن سعيد بالباب ينتظر أن يؤذن له ، فنادى أبا بكر : ألا تسمع إلى هذه : ما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم } .

                                        التالي السابق


                                        تطليقه إياها بالبتات من حيث اللفظ : يحتمل : أن يكون بإرسال الطلقات الثلاث ، ويحتمل أن يكون بإيقاع آخر طلقة ويحتمل أن يكون بإحدى الكنايات التي تحمل على البينونة ، عند جماعة من الفقهاء ، وليس في اللفظ عموم ، ولا إشعار بأحد هذه المعاني وإنما يؤخذ ذلك من أحاديث أخر ، تبين المراد ومن احتج على شيء من هذه الاحتمالات بالحديث : فلم يصب ; لأنه إنما دل على مطلق البت ، والدال على المطلق لا يدل على أحد قيديه بعينه .

                                        وقولها " فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير " هو بفتح الزاي وكسر الباء ثاني الحروف ، وثالثه ياء آخر الحروف .

                                        وقولها " إنما معه مثل هدبة الثوب " فيه وجهان :

                                        أحدهما : أن تكون شبهته بذلك لصغره ، والثاني : أن تكون شبهته به لاسترخائه ، وعدم انتشاره .

                                        وقوله عليه السلام { لا ، حتى تذوقي عسيلته } يدل على أن الإحلال للزوج الثاني يتوقف على الوطء ، وقد يستدل به من يرى الانتشار في الإحلال شرطا من حيث إنه يرجح حمل قولها " إنما معه مثل هدبة " على الاسترخاء وعدم انتشاره ، لاستبعاد أن يكون الصغر قد بلغ إلى حد لا تغيب منه الحشفة ، أو مقدارها الذي يحصل به التحليل .

                                        وقوله عليه السلام أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ " كأنه بسبب : أنه فهم عنها إرادة فراق عبد الرحمن ، وإرادة أن يكون فراقه سببا للرجوع إلى رفاعة ، وكأنه قيل لها : إن هذا المقصود لا يحصل إلا بالدخول . ولم ينقل فيه خلاف إلا عن سعيد بن المسيب فيما نعلمه واستعمال لفظ " العسيلة " مجاز عن اللذة ، ثم [ ص: 563 ] عن مظنتها ، وهو الإيلاج فهو مجاز على مذهب جمهور الفقهاء الذين يكتفون بتغييب الحشفة .




                                        الخدمات العلمية