الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 538 ] 17 - باب من قال : ليؤذن في السفر مؤذن واحد

                                602 628 - ثنا معلى بن أسد : ثنا وهيب ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن مالك بن الحويرث ، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفر من قومي ، فأقمنا عنده عشرين ليلة ، وكان رحيما رقيقا ، فلما رأى شوقنا إلى أهلنا ، قال : ( ارجعوا ، فكونوا فيهم ، وعلموهم ، وصلوا ، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم ) .

                                التالي السابق


                                مراده : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر مالك بن الحويرث وأصحابه بالرجوع إلى أهلهم ، وأمرهم إذا حضرت الصلاة أن يؤذن أحدهم ، كان دليلا على أن المسافرين لا يشرع لهم تكرير الأذان وإعادته مرتين في الفجر ولا في غيره .

                                ويعضد هذا : أنه لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان له في السفر مؤذنان ، يؤذن أحدهما بعد الآخر .

                                وحديث زياد بن الحارث الصدائي المتقدم يدل على ذلك .

                                ولكن اللفظ الذي ساقه البخاري في هذا الباب إنما يدل على أنه أمرهم بذلك إذا رجعوا إلى أهليهم ، لا أنه أمرهم به في سفرهم قبل وصولهم ، وقد نبه على ذلك الإسماعيلي ، وترجم عليه النسائي : ( اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر ) .

                                وقد خرجه البخاري في الباب الذي يلي هذا بلفظ صريح ، بأنه أمرهم بذلك في حال رجوعهم إلى أهلهم وسفرهم ، فكان تخريجه بذلك اللفظ في هذا الباب [ ص: 539 ] أولى من تخريجه بهذا اللفظ الذي يدل على أنه لم يأمرهم بذلك في السفر .

                                فإن قيل : بل قوله : ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ) عام في السفر والحضر ، ولا يمنع من عمومه تخصيص أول الكلام بالحضر .

                                قيل : إن سلم ذلك لم يكن فيه دليل على أنه لا تستحب الزيادة على مؤذن واحد في السفر خاصة ، لأن الكلام إذا كان شاملا للحضر والسفر فلا خلاف أنه في الحضر لا يكره اتخاذ مؤذنين ، فكيف خص كراهة ذلك بالسفر وقد شملها عموم واحد ؟

                                وفي حديث عمرو بن سلمة الجرمي ، عن أبيه ، أنه لما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم : ( إذا حضرت صلاة فليؤذن لكم أحدكم ) - وذكر الحديث .

                                وقد خرجه البخاري في موضع آخر .

                                وأمره هذا لا يختص بحال سفرهم ، بل يشمل سفرهم وإقامتهم في حيهم .



                                الخدمات العلمية