الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      باب جامع الأيمان ( يرجع فيها ) أي الأيمان ( إلى نية حالف إن كان ) الحالف ( غير ظالم ) لها كان ( ولفظه يحتملها ) أي يحتمل النية فتعلق يمينه بما نواه دون ما لفظ به لقوله صلى الله عليه وسلم { وإنما لكل امرئ ما نوى } ولأن كلام الشارع يصرف إلى ما دل الدليل على أنه أراده دون ظاهر اللفظ فكلام المتكلم مع اطلاعه على إرادته أولى ( ويقبل ) منه ( حكما ) أنه أراد ذلك ( مع قرب الاحتمال من الظاهر وتوسطه ) لأنه لا يخالف الظاهر .

                                                                                                                      و ( لا ) يقبل منه ( مع بعده ) أي الاحتمال لمخالفته للظاهر ( فتقدم نيته ) أي الحالف ( في عموم لفظه وعلى السبب ) الذي صحح اليمين لما تقدم ( سواء كان ما نواه ) الحالف ( موافقا لظاهر اللفظ أو مخالفا له فالموافق ) من نيته ( للظاهر ) من لفظه ( أن ينوي باللفظ موضوعه الأصلي مثل أن ينوي باللفظ العام العموم و ) ينوي ( بالمطلق الإطلاق و ) ينوي ( بسائر الألفاظ ما يتبادر إلى الأفهام منها والمخالف ) من النية لظاهر اللفظ ( يتنوع أنواعا منها أن ينوي بالعام الخاص مثل أن يحلف لا يأكل لحما ولا فاكهة ويريد ) باللحم ( لحما بعينه و ) بالفاكهة ( فاكهة بعينها ) ونظيره { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم } ( ومنها أن يحلف على فعل شيء أو ) على ( تركه وينوي في وقت ) معين ( مثل أن يحلف لا يتغذى ويريد اليوم أو لا أكلت ويريد الساعة أو دعي إلى غداء فحلف لا يتغدى سوى ذلك الغذاء ) لكن هذا المثال من النوع قبله ( اختصت يمينه بما نواه ) لما تقدم ( ومنها أن ينوي بيمينه غير ما يفهمه السامع منه ) لنحو تورية .

                                                                                                                      ( كما تقدم في التأويل في الحلف ومنها أن يريد بالخاص العام ) عكس الأول ( كقوله : لا شربت لفلان الماء من العطش ينوي قطع كل ماله فيه منة ) لأنه نوى بيمينه ما يحتمله ويسوغ في اللغة التعبير به عنه فتنصرف يمينه إليه كالمعاريض .

                                                                                                                      قال تعالى { ما [ ص: 246 ] يملكون من قطمير } { ولا يظلمون فتيلا } { وإذا لا يؤتون الناس نقيرا } والقطمير لفافة النواة ، والفتيل ما في شقها ، والنقير : النقرة التي في ظهرها ولم يرد ذلك بعينه بل نفى كل شيء ومثله قول الحطيئة

                                                                                                                      ولا يظلمون الناس حبة خردل

                                                                                                                      أي لا يظلمونهم شيئا و ( لا ) يحنث ( بأقل ) من ذلك ( كقعود في ضوء ناره وظل حائطه ) لأن لفظه لا يتناوله .

                                                                                                                      وكذلك النية والسبب ( أو حلف لا يأوي مع زوجته في دار سماها يريد جفاءها فيعم جميع الدور أو ) حلف ( لا يلبس من غزلها يريد قطع منتها كما يأتي قريبا ) وكذا لو دل عليه السبب كما يأتي .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية