الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 384 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      سورة الممتحنة

                                                                                                                                                                                                                                      القول في جميعها

                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم . وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم [ ص: 385 ] وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور .

                                                                                                                                                                                                                                      الأحكام والنسخ :

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة القول فيه كالقول فيما تقدم من أمثاله مما فيه النهي عن موالاة الكفار ، والآية نزلت في حاطب ، على ما قدمناه من خبره في مكاتبة أهل مكة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه يعني : في تبرئه من الكفار .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك أي : فلا تتأسوا به في الاستغفار ، [قاله مجاهد وغيره ، وقيل : إن معنى الاستثناء : أن إبراهيم هجر قومه وباعدهم [ ص: 386 ] إلا في الاستغفار] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين الآيتين :

                                                                                                                                                                                                                                      قال قتادة : هي منسوخة بقوله : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم
                                                                                                                                                                                                                                      [التوبة : 5] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : هي مخصوصة في حلفاء النبي عليه الصلاة والسلام ، ومن بينه وبينه عهد لم ينقضه ، قاله الحسن ، وقال : هم خزاعة ، وبنو الحارث بن عبد مناف ، وقاله أبو صالح ، [وقال : هم خزاعة] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد : هي مخصوصة في الذين آمنوا ولم يهاجروا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أكثر أهل التأويل : هي محكمة ، واحتجوا بأن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه سألت النبي عليه الصلاة والسلام : هل تصل أمها حين قدمت عليها مشركة؟ فقال : "نعم" ، وقيل : إن الآية فيها نزلت .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية