الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 270 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم دخلت سنة أربع وخمسين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها شتى محمد بن مالك بأرض الروم ، وغزا الصائفة معن بن يزيد السلمي . وفيها عزل معاوية سعيد بن العاص عن إمرة المدينة ، ورد إليها مروان بن الحكم وكتب إليه أن يهدم دار سعيد بن العاص ، ويصطفي أمواله التي بأرض الحجاز ، فجاء مروان إلى دار سعيد ليهدمها فقال سعيد : ما كنت لتفعل ذلك . فقال : إن أمير المؤمنين كتب إلي بذلك ، ولو كتب إليك في داري لفعلته . فقام سعيد ، فأخرج إليه كتاب معاوية إليه حين ولاه المدينة أن يهدم دار مروان ويصطفي أمواله ، وذكر أنه لم يزل يجاحف دونه حتى صرف ذلك عنه ، فلما رأى مروان الكتب إلى سعيد بذلك ، ثناه ذلك عن دار سعيد ، وعن أخذ ماله ، ولم يزل يدافع عنه حتى تركه معاوية في داره وأقر عليه أمواله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها عزل معاوية سمرة بن جندب عن البصرة وكان زياد قد استخلفه عليها ، فأقره معاوية ستة أشهر ، ثم عزله وولى عليها عبد الله بن عمرو بن غيلان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وروى ابن جرير وغيره ، عن سمرة أنه قال : لو أطعت الله كما أطعت معاوية لما عذبني أبدا . وهذا لا يصح عنه . وأقر معاوية عبد الله بن خالد بن أسيد [ ص: 271 ] على نيابة الكوفة ، وكان زياد قد استخلفه عليها . وقدم في هذه السنة عبيد الله بن زياد على معاوية ، فأكرمه وسأله عن نواب أبيه على البلاد ، فأخبره عنهم ، ثم ولاه إمرة خراسان وهو ابن خمس وعشرين سنة ، فسار إلى مقاطعته ، وتجهز من فوره غاديا إليها ، فقطع النهر إلى جبال بخارى ، ففتح راميثن ونصف بيكند - وهما من معاملة بخارى - ولقي الترك هناك ، فقاتلهم قتالا شديدا ، وهزمهم هزيمة فظيعة ، بحيث إن المسلمين أعجلوا امرأة الملك أن تلبس خفيها ، فلبست واحدة وتركت الأخرى ، فأخذها المسلمون فقوموا جوربها بمائتي ألف درهم ، وغنموا مع ذلك غنائم كثيرة ، وأقام عبيد الله بن زياد بخراسان سنتين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة حج بالناس مروان بن الحكم نائب المدينة . وكان على الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد ، وقيل : بل كان عليها الضحاك بن قيس . وكان على البصرة عبد الله بن عمرو بن غيلان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية