الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 287 ] القول في تأويل قوله ( فبشرهم بعذاب أليم أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين ( 22 ) ( 21 ) )

قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " فبشرهم بعذاب أليم " فأخبرهم يا محمد وأعلمهم أن لهم عند الله عذابا مؤلما لهم وهو الموجع .

وأما قوله : " أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة " فإنه يعني بقوله : " أولئك " الذين يكفرون بآيات الله . ومعنى ذلك أن الذين ذكرناهم ، هم " الذين حبطت أعمالهم " يعني : بطلت أعمالهم " في الدنيا والآخرة " . فأما في الدنيا ، فلم ينالوا بها محمدة ولا ثناء من الناس ، لأنهم كانوا على ضلال وباطل ، ولم يرفع الله لهم بها ذكرا ، بل لعنهم وهتك أستارهم ، وأبدى ما كانوا يخفون من قبائح أعمالهم على ألسن أنبيائه ورسله في كتبه التي أنزلها عليهم ، فأبقى لهم ما بقيت الدنيا مذمة ، فذلك حبوطها في الدنيا . وأما في الآخرة ، فإنه أعد لهم فيها من العقاب ما وصف في كتابه ، وأعلم عباده أن أعمالهم تصير بورا لا ثواب لها ، لأنها كانت كفرا بالله ، فجزاء أهلها الخلود في الجحيم .

وأما قوله : " وما لهم من ناصرين " فإنه يعني : وما لهؤلاء القوم من ناصر ينصرهم من الله ، إذا هو انتقم منهم بما سلف من إجرامهم واجترائهم عليه ، فيستنقذهم منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية