الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 318 ] القول في تأويل قوله ( قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير ( 29 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : " قل " يا محمد ، للذين أمرتهم أن لا يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين " إن تخفوا ما في صدوركم " من موالاة الكفار فتسروه ، أو تبدوا ذلكم من نفوسكم بألسنتكم وأفعالكم فتظهروه " يعلمه الله " فلا يخفى عليه . يقول : فلا تضمروا لهم مودة ولا تظهروا لهم موالاة ، فينالكم من عقوبة ربكم ما لا طاقة لكم به ، لأنه يعلم سركم وعلانيتكم ، فلا يخفى عليه شيء منه ، وهو محصيه عليكم حتى يجازيكم عليه بالإحسان إحسانا ، وبالسيئة مثلها ، كما : -

6839 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : أخبرهم أنه يعلم ما أسروا من ذلك وما أعلنوا ، فقال : " إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه " .

وأما قوله : " ويعلم ما في السموات وما في الأرض " فإنه يعني أنه إذا كان لا يخفى عليه شيء هو في سماء أو أرض أو حيث كان ، فكيف يخفى عليه - أيها القوم الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين - ما في صدوركم من الميل إليهم بالمودة والمحبة ، أو ما تبدونه لهم بالمعونة فعلا وقولا .

وأما قوله : " والله على كل شيء قدير " فإنه يعني : والله قدير على معاجلتكم بالعقوبة على موالاتكم إياهم ومظاهرتكموهم على المؤمنين ، وعلى ما يشاء من الأمور كلها ، لا يتعذر عليه شيء أراده ، ولا يمتنع عليه شيء طلبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية