الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 319 ]

القول في تأويل قوله - عز وجل - ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : ويحذركم الله نفسه في يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا موفرا ، " وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا " يعني غاية بعيدة ، فإن مصيركم أيها القوم يومئذ إليه ، فاحذروه على أنفسكم من ذنوبكم .

وكان قتادة يقول في معنى قوله : " محضرا " ما : -

6840 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا " يقول : موفرا .

قال أبو جعفر : وقد زعم [ بعض ] أهل العربية أن معنى ذلك : واذكر يوم تجد . وقال : إن ذلك إنما جاء كذلك ، لأن القرآن إنما نزل للأمر والذكر ، كأنه قيل لهم : اذكروا كذا وكذا ، لأنه في القرآن في غير موضع : " واتقوا يوم كذا ، وحين كذا " .

وأما " ما " التي مع " عملت " فبمعنى " الذي " ولا يجوز أن تكون جزاء ، لوقوع " تجد " عليه . وأما قوله : " وما عملت من سوء " فإنه معطوف على قوله : " ما " الأولى ، و " عملت " صلة بمعنى الرفع ، لما قيل : " تود " . [ ص: 320 ] فتأويل الكلام : يوم تجد كل نفس الذي عملت من خير محضرا ، والذي عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا

" والأمد " الغاية التي ينتهى إليها ، ومنه قول الطرماح :


كل حي مستكمل عدة ال عمر ، ومود إذا انقضى أمده



يعني : غاية أجله . وقد : -

6841 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : " وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا " مكانا بعيدا .

6842 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : " أمدا بعيدا " قال : أجلا .

6843 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا [ ص: 321 ] عباد بن منصور ، عن الحسن في قوله : " وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا " قال : يسر أحدهم أن لا يلقى عمله ذاك أبدا يكون ذلك مناه ، وأما في الدنيا فقد كانت خطيئة يستلذها .

التالي السابق


الخدمات العلمية