الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار ( 41 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك : قال الله - جل ثناؤه - لزكريا : يا زكريا ، " آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا " بغير خرس ولا عاهة ولا مرض ، " واذكر ربك كثيرا " فإنك لا تمنع ذكره ، ولا يحال بينك وبين تسبيحه وغير ذلك من ذكره ، وقد : - [ ص: 391 ]

7023 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن أبي معشر ، عن محمد بن كعب قال : لو كان الله رخص لأحد في ترك الذكر ، لرخص لزكريا حيث قال : " آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا " أيضا .

وأما قوله : " وسبح بالعشي " فإنه يعني : عظم ربك بعبادته بالعشي .

و " العشي " من حين تزول الشمس إلى أن تغيب ، كما قال الشاعر :


فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ، و لا الفيء من برد العشي تذوق



فالفيء ، إنما تبتدئ أوبته عند زوال الشمس ، ويتناهى بمغيبها . [ ص: 392 ]

وأما " الإبكار " فإنه مصدر من قول القائل : " أبكر فلان في حاجة فهو يبكر إبكارا " وذلك إذا خرج فيها من بين مطلع الفجر إلى وقت الضحى ، فذلك " إبكار " . يقال فيه : " أبكر فلان " و " بكر يبكر بكورا " . فمن " الإبكار " قول عمر بن أبي ربيعة :


أمن آل نعم أنت غاد فمبكر



ومن " البكور " قول جرير :


ألا بكرت سلمى فجد بكورها     وشق العصا بعد اجتماع أميرها



ويقال من ذلك : " بكر النخل يبكر بكورا وأبكر يبكر إبكارا " و " الباكور " من الفواكه : أولها إدراكا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

7024 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وسبح بالعشي والإبكار " قال : [ ص: 393 ] الإبكار أول الفجر ، والعشي ميل الشمس حتى تغيب .

7025 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية