الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      سورة "الأنفال" .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج النحاس في ناسخه وأبو الشيخ ، وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة "الأنفال" بالمدينة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت بالمدينة سورة "الأنفال" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : نزلت "الأنفال" بالمدينة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ، وابن المنذر وأبو الشيخ ، وابن مرديه عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : سورة "الأنفال" قال : نزلت في بدر، وفي لفظ : تلك سورة بدر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي أيوب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب بسورة "الأنفال" . وأخرج الطبراني عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الركعتين من المغرب سورة "الأنفال" . [ ص: 6 ] قوله تعالى : يسألونك عن الأنفال . الآية . أخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وابن جرير ، وابن مرديه عن سعد بن أبي وقاص قال : لما كان يوم بدر قتل أخي عمير، وقتلت سعيد بن العاصي وأخذت سيفه وكان يسمى ذا الكتيفة، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : اذهب فاطرحه في القبض . فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي، فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة "الأنفال"، فقال لي رسول الله : اذهب فخذ سيفك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، والنسائي ، وابن جرير وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو نعيم في الحلية، وابن مردويه ، والحاكم وصححه، والبيهقي في "سننه" عن سعد قال : قلت : يا رسول الله، قد شفاني الله اليوم من المشركين، فهب لي هذا السيف . قال : إن هذا السيف لا لك ولا لي ضعه . فوضعته ثم رجعت قلت : عسى يعطى هذا السيف اليوم من لا يبلي بلائي، إذا رجل يدعوني من ورائي قلت : قد أنزل في شيء؟ قال : كنت سألتني هذا السيف وليس هو لي، وإنه قد وهب لي فهو لك . وأنزل الله هذه [ ص: 7 ] الآية : يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن مردويه ، عن سعد بن أبي وقاص قال : نزلت في أربع آيات، بر الوالدين والنفل والثلث وتحريم الخمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطيالسي والبخاري في الأدب المفرد ومسلم والنحاس في ناسخه، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن سعد بن أبي وقاص قال : نزلت في أربع آيات من كتاب الله كانت أمي حلفت ألا تأكل ولا تشرب حتى أفارق محمدا صلى الله عليه وسلم : فأنزل الله : وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا [لقمان : 15] والثانية أني كنت أخذت سيفا أعجبني، فقلت : يا رسول الله، هب لي هذا؛ فنزلت : يسألونك عن الأنفال والثالثة أني مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت : يا رسول الله إني أريد أن أقسم مالي، أفأوصي بالنصف؟ قال : لا، فقلت : الثلث؟ فسكت فكان الثلث بعده جائزا، والرابعة أني شربت الخمر مع قوم من الأنصار فضرب رجل منهم أنفي بلحي جمل، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تحريم الخمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد والنحاس وأبو الشيخ ، وابن مردويه عن سعد قال : أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف، فأخذته فأتيت به [ ص: 8 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت : نفلني هذا السيف فأنا من علمت . فقال : رده من حيث أخذته . فرجعت به، حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي، فرجعت إليه فقلت : أعطنيه، فشد لي صوته وقال : رده من حيث أخذته، فأنزل الله : يسألونك عن الأنفال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن سعد قال : نفلني النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر سيفا، ونزل في النفل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطيالسي ، وأبو نعيم في المعرفة من طريق مصعب بن سعد، عن سعد قال : أصبت سيفا يوم بدر، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله نفلنيه . فقال : ضعه من حيث أخذته؛ فنزلت : يسألونك عن الأنفال وهي في قراءة عبد الله هكذا : يسألونك الأنفال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وأبو الشيخ ، والحاكم ، وابن مردويه والبيهقي في "سننه"، عن أبي أمامة قال : سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال : فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل، فساءت فيه أخلاقنا فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن بواء . يقول : عن سواء .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 9 ] وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم ، وصححه وابن مردويه ، والبيهقي ، في سننه عن عبادة بن الصامت قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدرا، فالتقى الناس فهزم الله العدو فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون وأكبت طائفة على العسكر يحوزونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرة، حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض، قال الذين جمعوا الغنائم : نحن حويناها وجمعناها، فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو : لستم بأحق بها منا، نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم : لستم بأحق بها منا نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وخفنا أن يصيب العدو منه غرة واشتغلنا به . فنزلت : يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أغار في أرض العدو نفل الربع، وإذا أقبل راجعا وكل الناس نفل الثلث، وكان يكره الأنفال ويقول : ليرد قوي المسلمين على ضعيفهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده وأبو الشيخ ، وابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فنصرها الله وفتح عليها، فكان من أتاه بشيء نفله من الخمس فرجع رجال كانوا يستقدمون [ ص: 10 ] ويقتلون ويأسرون، وتركوا الغنائم خلفهم فلم ينالوا من الغنائم شيئا، فقالوا : يا رسول الله، ما بال رجال منا يستقدمون ويأسرون وتخلف رجال لم يصلوا بالقتال فنفلتهم من الغنيمة؟! فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل : يسألونك عن الأنفال الآية، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ردوا ما أخذتم واقتسموه بالعدل والسوية، فإن الله يأمركم بذلك، قالوا : قد أنفقنا وأكلنا قال : احتسبوا ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده أن الناس سألوا النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم يوم بدر فنزلت : يسألونك عن الأنفال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال : لم ينفل النبي صلى الله عليه وسلم بعد إذ أنزلت عليه : يسألونك عن الأنفال إلا من الخمس فإنه نفل يوم خيبر من الخمس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن حبيب بن مسلمة الفهري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفل الثلث بعد الخمس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن حبان وأبو الشيخ ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : لما كان يوم بدر قال النبي صلى الله عليه وسلم : من قتل قتيلا [ ص: 11 ] فله كذا وكذا، ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا . فأما المشيخة فثبتوا تحت الرايات، وأما الشبان فتسارعوا إلى القتل والغنائم، فقالت المشيخة للشبان : أشركونا معكم فإنا كنا لكم ردءا، ولو كان منكم شيء للجأتم إلينا فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت : يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فقسم الغنائم بينهم بالسوية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وعبد بن حميد ، وابن مردويه وابن عساكر ، عن ابن عباس قال : لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قتل قتيلا فله كذا، ومن جاء بأسير فله كذا . فجاء أبو اليسر بن عمرو الأنصاري بأسيرين فقال : يا رسول الله، إنك قد وعدتنا، فقام سعد بن عبادة فقال : يا رسول الله إنك إن أعطيت هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء، وإنه لم يمنعنا من هذا زهادة في الأجر، ولا جبن عن العدو، وإنما قمنا هذا المقام محافظة عليك أن يأتوك من ورائك فتشاجروا فنزل القرآن : يسألونك عن الأنفال وكان أصحاب عبد الله يقرأونها : "يسألونك الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فيما تشاجرتم به" فسلموا الغنيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه إلى آخر الآية [الأنفال : 41] .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 12 ] وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية، فمكث ضعفاء الناس في العسكر، فأصاب أهل السرية غنائم، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم كلهم، فقال أهل السرية : يقاسمنا هؤلاء الضعفاء وكانوا في العسكر لم يشخصوا معنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهل تنصرون إلا بضعفائكم؟ فأنزل الله : يسألونك عن الأنفال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف من بدر وقدم المدينة أنزل الله عليه سورة "الأنفال" فعاتبه في إحلال غنيمة بدر، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمها بين أصحابه؛ لما كان بهم من الحاجة إليها، واختلافهم في النفل، يقول الله : يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين فردها الله على رسوله، فقسمها بينهم على السواء، فكان في ذلك تقوى الله وطاعته وطاعة رسوله وصلاح ذات البين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن مجاهد أنهم سألوا النبي عن الخمس بعد الأربعة الأخماس فنزلت : يسألونك عن الأنفال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة : يسألونك عن الأنفال قال : كان هذا يوم بدر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج النحاس في ناسخه عن سعيد بن جبير ، أن سعدا ورجلا من الأنصار خرجا يتنفلان فوجدا سيفا ملقى فخرا عليه جميعا، فقال سعد : هو لي، وقال الأنصاري : هو لي، قال : لا أسلمه حتى آتي رسول الله، فأتياه [ ص: 13 ] فقصا عليه القصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس لك يا سعد ولا للأنصاري ولكنه لي فنزلت : يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله يقول : سلما السيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نسخت هذه الآية فقال : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك، وابن أبي شيبة ، والبخاري ، ومسلم ، والنحاس في ناسخه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية قبل نجد فغنموا إبلا كثيرا فصارت سهمانهم اثني عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر من طريق مكحول عن الحجاج بن سهيل النصري وقيل : إن له صحبة قال : لما كان يوم بدر قاتلت طائفة من المسلمين وثبتت طائفة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت الطائفة التي قاتلت بالأسلاب وأشياء أصابوها فقسمت الغنيمة بينهم ولم يقسم للطائفة التي لم تقاتل، فقالت الطائفة التي لم تقاتل : اقسموا لنا، فأبت وكان بينهم في ذلك كلام فأنزل الله : يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فكان صلاح ذات بينهم أن ردوا الذي كانوا أعطوا ما كانوا أخذوا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 14 ] وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس في قوله : يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول قال : الأنفال المغانم، كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة ليس لأحد منها شيء، ما أصاب سرايا المسلمين من شيء أتوه به، فمن حبس منه إبرة أو سلكا فهو غلول، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم منها شيئا، فأنزل الله : يسألونك عن الأنفال قل : الأنفال لي جعلتها لرسولي ليس لكم فيها شيء : فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم إلى قوله : إن كنتم مؤمنين ثم أنزل الله : واعلموا أنما غنمتم من شيء الآية، ثم قسم ذلك الخمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولذي القربى واليتامى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وجعل أربعة أخماس الناس فيه سواء، للفرس سهمان ولصاحبه سهم وللراجل سهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد ، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : يسألونك عن الأنفال قال : هي الغنائم ثم نسخها : واعلموا أنما غنمتم من شيء الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك، وابن أبي شيبة وأبو عبيد، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ،والنحاس، وأبو الشيخ ، وابن مردويه عن القاسم بن محمد قال : سمعت رجلا يسأل ابن عباس عن الأنفال فقال : الفرس من [ ص: 15 ] النفل والسلب من النفل . فأعاد المسألة، فقال ابن عباس : ذلك أيضا ثم قال الرجل : الأنفال التي قال الله في كتابه ما هي؟ فلم يزل يسأله حتى كاد يحرجه فقال ابن عباس : هذا مثل صبيغ الذي ضربه عمر، وفي لفظ : فقال : ما أحوجك إلى من يصنع بك كما صنع عمر بصبيغ العراقي وكان عمر ضربه حتى سالت الدماء على عقبيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عباس قال : الأنفال : المغانم أمروا أن يصلحوا ذات بينهم فيها فيرد القوي على الضعيف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن جرير ، والنحاس، وأبو الشيخ عن عطاء في قوله : يسألونك عن الأنفال قال : هو ما شذ من المشركين إلى المسلمين بغير قتال من عبد أو دابة أو متاع فذلك للنبي صلى الله عليه وسلم يصنع به ما شاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وأبو الشيخ عن محمد بن عمرو قال : أرسلنا إلى سعيد بن المسيب نسأله عن الأنفال فقال : تسألوني عن [ ص: 16 ] الأنفال، وإنه لا نفل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن المسيب، أن النبي لم يكن ينفل إلا من الخمس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد عن ابن المسيب قال : ما كانوا ينفلون إلا من الخمس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق عن ابن المسيب قال : لا نفل في غنائم المسلمين إلا في خمس الخمس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق عن أنس ، أن أميرا من الأمراء أراد أن ينفله قبل أن يخمسه فأبى أنس أن يقبله حتى يخمسه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : هي في قراءة ابن مسعود يسألونك الأنفال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه من طريق شقيق، عن ابن مسعود أنه قرأ : (يسألونك الأنفال) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 17 ] وأخرج أبو الشيخ عن السدي : يسألونك عن الأنفال قال : الفيء ما أصيب من أموال المشركين مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فهو للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله : يسألونك عن الأنفال قال : ما أصابت السرايا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ عن مجاهد وعكرمة قالا : كانت الأنفال لله والرسول حتى نسخها آية الخمس : واعلموا أنما غنمتم من شيء الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن الأعمش قال : كان أصحاب عبد الله يقرؤنها (يسألونك الأنفال) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس [182ظ] في قوله : فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم قال : هذا تحريج من الله على المؤمنين أن يتقوا الله وأن يصلحوا ذات بينهم حيث اختلفوا في الأنفال .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 18 ] وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله : وأصلحوا ذات بينكم قال : لا تستبوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال : كان صلاح ذات بينهم أن ردت الغنائم فقسمت بين من ثبت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين من قاتل وغنم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله : وأطيعوا الله ورسوله قال : طاعة الرسول اتباع الكتاب والسنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو يعلى وأبو الشيخ والحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن أنس قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال عمر : ما أضحكك يا رسول الله؟ قال : رجلان جثيا من أمتي بين يدي رب العزة فقال أحدهما : يا رب خذ لي مظلمتي من أخي، قال الله : أعط أخاك مظلمته، قال : يا رب لم يبق من حسناتي شيء، قال : يا رب يحمل عني من أوزاري . وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ثم قال : إن ذلك ليوم عظيم، يوم يحتاج الناس إلى أن يتحمل عنهم من أوزارهم، فقال الله للطالب : ارفع بصرك فانظر في الجنان فرفع رأسه فقال : يا رب أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا؟! لأي صديق هذا؟! لأي شهيد هذا؟ قال : هذا لمن أعطى الثمن . قال : يا رب ومن يملك ثمنه؟ قال : أنت، قال : بماذا؟ قال : بعفوك عن أخيك، قال : يا رب قد عفوت عنه، قال : خذ بيد أخيك فأدخله الجنة . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتقوا الله وأصلحوا ذات [ ص: 19 ] بينكم فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن أم هانئ أخت علي بن أبي طالب قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أخبرك أن الله تبارك وتعالى وتقدس يجمع الأولين والآخرين يوم القيامة في صعيد واحد فمن يدري أين الطرفان؟ فقالت : الله ورسوله أعلم، ثم ينادي مناد من تحت العرش يا أهل التوحيد، فيشرئبون ثم ينادي : يا أهل التوحيد، ثم ينادي الثالثة إن الله قد عفا عنكم فيقوم الناس قد تعلق بعضهم ببعض في ظلامات الدنيا، ثم ينادي : يا أهل التوحيد يعفو بعضكم عن بعض وعلى الله الثواب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : يا أهل التوحيد إن الله قد عفا عنكم، فليعف بعضكم عن بعض وعلي الثواب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية