تفسير سورة الحج
قيل: مكية، وقيل: مدنية
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد
(1) يخاطب الله الناس كافة بأن يتقوا ربهم، الذي رباهم بالنعم الظاهرة والباطنة، فحقيق بهم أن يتقوه بترك الشرك والفسوق والعصيان، ويمتثلوا أوامره، مهما استطاعوا. ثم ذكر ما يعينهم على التقوى، ويحذرهم من تركها، وهو الإخبار بأهوال القيامة، فقال: إن زلزلة الساعة شيء عظيم لا يقدر قدره، ولا يبلغ كنهه، ذلك بأنها إذا وقعت الساعة رجفت الأرض وارتجت، وزلزلت زلزالها، وتصدعت الجبال واندكت، وكانت كثيبا مهيلا، ثم كانت هباء منبثا، ثم انقسم الناس ثلاثة أزواج، فهناك تنفطر السماء، وتكور الشمس والقمر، وتنتثر النجوم، ويكون من القلاقل والبلابل ما تنصدع له القلوب، وتجل منه الأفئدة، وتشيب منه الولدان، وتذوب له الصم الصلاب. (2) ولهذا قال: يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت مع أنها مجبولة على شدة محبتها لولدها، خصوصا في هذه الحال التي لا يعيش إلا بها، وتضع كل ذات حمل حملها من شدة الفزع والهول، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ؛ أي: تحسبهم - أيها الرائي لهم- سكارى من الخمر، وليسوا سكارى.
ولكن عذاب الله شديد فلذلك أذهب عقولهم، وفرغ قلوبهم، وملأها من الفزع، وبلغت القلوب الحناجر، وشخصت الأبصار، وفي ذلك اليوم لا يجزي والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، ويومئذ يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ، وهناك يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا وتسود حينئذ وجوه وتبيض وجوه، وتنصب الموازين التي يوزن بها مثاقيل الذر من الخير والشر، وتنشر صحائف الأعمال وما فيها من جميع [ ص: 1089 ] الأعمال والأقوال والنيات من صغير وكبير، وينصب الصراط على متن جهنم، وتزلف الجنة للمتقين، وبرزت الجحيم للغاوين إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا ويقال لهم: لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا وإذا نادوا ربهم ليخرجهم منها قال: اخسئوا فيها ولا تكلمون قد غضب عليهم الرب الرحيم، وحضرهم العذاب الأليم، وأيسوا من كل خير، ووجدوا أعمالهم كلها لم يفقدوا منها نقيرا ولا قطميرا.
هذا، والمتقون في روضات الجنات يحبرون، وفي أنواع اللذات يتفكهون، وفيما اشتهت أنفسهم خالدون، فحقيق بالعاقل الذي يعرف أن كل هذا أمامه أن يعد له عدته، وأن لا يلهيه الأمل فيترك العمل، وأن تكون تقوى الله شعاره، وخوفه دثاره، ومحبة الله وذكره روح أعماله .
تفسير سورة الحج
- تفسير قوله تعالى يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة
- تفسير قوله تعالى ومن الناس من يجادل في الله بغير علم
- تفسير قوله تعالى يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث
- تفسير قوله تعالى ومن الناس من يجادل في الله بغير علم
- تفسير قوله تعالى ومن الناس من يعبد الله على حرف
- تفسير قوله تعالى إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات
- تفسير قوله تعالى من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا
- تفسير قوله تعالى وكذلك أنزلناه آيات بينات
- تفسير قوله تعالى إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين
- تفسير قوله تعالى إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله
- تفسير قوله تعالى وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت
- تفسير قوله تعالى ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له
- تفسير قوله تعالى ذلك ومن يعظم شعائر الله
- تفسير قوله تعالى ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله
- تفسير قوله تعالى والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم
- تفسير قوله تعالى إن الله يدافع عن الذين آمنوا
- تفسير قوله تعالى أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا
- تفسير قوله تعالى وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد
- تفسير قوله تعالى ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده
- تفسير قوله تعالى قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين
- تفسير قوله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي
- تفسير قوله تعالى ولا يزال الذين كفروا في مرية منه
- تفسير قوله تعالى والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا
- تفسير قوله تعالى ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه
- تفسير قوله تعالى ذلك بأن الله يولج الليل في النهار
- تفسير قوله تعالى ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء
- تفسير قوله تعالى ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض
- تفسير قوله تعالى لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه
- تفسير قوله تعالى ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا
- تفسير قوله تعالى يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له
- تفسير قوله تعالى الله يصطفي من الملائكة رسلا
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا