الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : أن من استحل الخيانة من اليهود ، وجحود حقوق العربي التي هي له عليه ، فلم يؤد ما ائتمنه العربي عليه إلا ما دام له متقاضيا مطالبا من أجل أنه يقول : لا حرج علينا فيما أصبنا من أموال العرب [ ص: 522 ] ولا إثم ، لأنهم على غير الحق ، وأنهم مشركون .

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم نحو قولنا فيه .

ذكر من قال ذلك :

7266 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل " الآية ، قالت اليهود : ليس علينا فيما أصبنا من أموال العرب سبيل .

7267 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " ليس علينا في الأميين سبيل " قال : ليس علينا في المشركين سبيل يعنون من ليس من أهل الكتاب .

7268 - حدثنا محمد قال : حدثنا أحمد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل " قال : يقال له : ما بالك لا تؤدي أمانتك ؟ فيقول : ليس علينا حرج في أموال العرب ، قد أحلها الله لنا ! !

7269 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يعقوب القمي ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير : لما نزلت " ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل " قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : كذب أعداء الله ، ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي ، إلا الأمانة ، فإنها مؤداة إلى البر والفاجر . [ ص: 523 ]

7270 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا هشام بن عبيد الله ، عن يعقوب القمي ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير قال : لما قالت اليهود : " ليس علينا في الأميين سبيل " يعنون أخذ أموالهم ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم ذكر نحوه إلا أنه قال : إلا وهو تحت قدمي هاتين ، إلا الأمانة ، فإنها مؤداة ولم يزد على ذلك .

7271 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل " وذلك أن أهل الكتاب كانوا يقولون : ليس علينا جناح فيما أصبنا من هؤلاء ، لأنهم أميون . فذلك قوله : ( ليس علينا في الأميين سبيل ) ، إلى آخر الآية .

وقال آخرون في ذلك ، ما : -

7272 - حدثنا به القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل " قال : بايع اليهود رجال من المسلمين في الجاهلية ، فلما أسلموا تقاضوهم ثمن بيوعهم ، فقالوا : ليس لكم علينا أمانة ، ولا قضاء لكم عندنا ، لأنكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه ! قال : وادعوا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم ، فقال الله - عز وجل - : " ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون " .

7273 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن صعصعة قال : قلت لابن عباس : إنا نغزو أهل الكتاب فنصيب من ثمارهم ؟ قال : وتقولون كما قال أهل الكتاب : " ليس علينا في الأميين سبيل ! ! [ ص: 524 ]

7274 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن صعصعة : أن رجلا سأل ابن عباس فقال : إنا نصيب في الغزو أو : [ العذق ] ، الشك من الحسن من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة ، فقال ابن عباس : فتقولون ماذا ؟ قال نقول : ليس علينا بذلك بأس ! قال : هذا كما قال أهل الكتاب : " ليس علينا في الأميين سبيل " ! إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية