الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 133 ] 49 - باب

                                إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم

                                653 685 - حدثنا سليمان بن حرب ، ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن مالك بن الحويرث ، قال : قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة ، فلبثنا عنده نحوا من عشرين ليلة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم رحيما ، فقال : ( لو رجعتم إلى بلادكم ، فعلمتموهم ، مروهم فليصلوا صلاة كذا في حين كذا ، وصلاة كذا في حين كذا ، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم ) .

                                التالي السابق


                                هذا الحديث خرجه مسلم - بمعناه - من حديث خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، وزاد فيه : قال الحذاء : وكانا متقاربين في القراءة .

                                وخرجه أبو داود ، وزاد فيه : وكنا يومئذ متقاربين في العلم .

                                ورواه حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن مالك بن الحويرث ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يؤم القوم أكبرهم سنا ) .

                                ذكره أبو بكر الأثرم ، وقال : غلط حماد في لفظه ، وإنما رواه بالمعنى .

                                وفي ( صحيح مسلم ) من حديث أوس بن ضمعج ، عن أبي مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، وأقدمهم قراءة ، فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سنا ) .

                                [ ص: 134 ] وفي ألفاظ هذا الحديث اختلاف ، وقد توقف فيه أبو حاتم الرازي ، وحكى عن شعبة أنه كان يهابه ؛ لتفرد إسماعيل بن رجاء به عن أوس ، فقال : إنما رواه الحسن بن يزيد الأصم ، عن السدي ، وهو شيخ ، وأخاف أن لا يكون محفوظا ، يعني : حديث السدي .

                                وهذه الأحاديث كلها تدل على التقديم بالسن عند التساوي في القراءة وغيرها من الفضائل ، وقد أخذ بذلك أكثر العلماء .

                                قال عطاء والثوري وأبو حنيفة : إذا استووا في القراءة والفقه فأسنهم .

                                وقال مالك : للسن حق .

                                ولكن اختلفوا : هل تقدم الهجرة والنسب على السن ، أم لا ؟

                                وفيه اختلاف بين أصحابنا وغيرهم من الفقهاء .

                                وقول إسحاق : إنه يقدم بالهجرة ، وبعدها بالسن ، وقيل : إنه ظاهر كلام أحمد ، أيضا .

                                ومما يفرع على التقديم بالسن ، أنه : هل يكره أن يؤم الرجل أباه إذا كان أقرأ منه وأفقه ؟

                                فمن العلماء من كرهه ، منهم : عطاء ، وحكي عن أبي حنيفة ، ورواية عن أحمد ، والمشهور الذي نقله عنه أكثر أصحابه : أنه لا يكره إذا كان أقرأ منه ، وهو قول الثوري .

                                وروي عن أبي أسيد الأنصاري - وهو من الصحابة - أنه كان يأتم بابنه ، وكذلك عمرو بن سلمة الجرمي كان يؤم الحي وفيهم أبوه ، وقد قدم أبو بكر الصديق مكة في خلافته فأمهم وفيهم أبو قحافة .



                                الخدمات العلمية