"تربية المراهق " بين الإسلام وعلم النفس

01/01/2002| إسلام ويب


تربية المراهق بين الإسلام وعلم النفس هو الموضوع الذي تقدم به السيد / محمد السيد الزعبلاوي لنيل درجة الدكتوراه في الدعوة والثقافة الإسلامية في جامعة الأزهر - كلية أصول الدين _ ونشره في كتاب طبعته مكتبة التوبة بالرياض وأشرفت على توزيعه مؤسسة الكتب الثقافية / بيروت في عام 1414هـ /1994م .
    قدّم لهذا الكتاب الدكتور / عبد الله مغرم الغامدي - وكيل كلية المعلمين في الرياض في عام 1410هـ وهو عضو الجمعية السعودية للتربية وعلم النفس . وصف الكتاب موضوع الدراسة بأنه واسع الأرجاء شائك الطريق غامض المسالك ، كثير المهالك ... يحتاج إلى باحث مؤمن بالله تقي في نفسه متخصص في حقله ، عارف متمكن ، ناقد متمعن راجح العقل - أمين في النقل ... مما يجعل القارئ يبحث عن هذه الصفات في المؤلف صاحب الرسالة .. حتى يتيقن من ذلك .
    يقع هذا الكتاب في (579) صفحة من القطع الكبير مقسم إلى ثلاثة أبواب يحتوي الباب الأول على أربعة فصول ، وكذلك الباب الثاني ، أما الباب الثالث فيحتوي على ثلاثة فصول .. عدا المقدمة التي شرح فيها المؤلف منهج الدراسة والبحث وأسباب اختيار هذا الموضوع وأهميته - وعن منهج الدراسة كتب الباحث أنه اعتمد اعتمادًا أساسيًا في معالجة موضوعه على منهج القرآن الكريم في التربية (ذلك أنه منهج شامل لكل نواحي الحياةالإنسانية يهدف إلى بناء الإنسان بناء كاملاً متزنًا) ثم يأتي في المرتبة الثانية اعتماده على (أصول وأسس التربية النفسية وتهذيب الأخلاق وتقويم الطباع في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ما قدمته العقلية الإسلامية عبر العصور) وأما عن سبب اختياره لهذا الموضوع وأهميته ، فأرجعه إلى أهمية مرحلة المراهقة وتميزها في خصائصها عن مرحلتي الطفولة والصبا .. أما سبب اختيار الموضوع ، فهو ما لاحظه من قلة المؤلفات الإسلامية التي عنيت بدراسة هذا الموضوع من بعض جوانبه ، وندرة المؤلفات المتخصصة التي عنيت بدراسته على حده .. كما أن هذه المؤلفات لم تبرز المنهج الإسلامي المتميز عن سائر المناهج البشرية .. أما السبب الثالث فهو ما لاحظه الباحث من كثرة المزاعم الباطلة التي سادت ولا تزال تسيطر على تفكير الغالبية من علماء النفس المحدثين .. وما لها من تأثير سلبي على المراهقين والشباب في المجتمع الإسلامي .


خصائص النمو في مرحلة المراهقة :
    هذا عنوان الباب الأول الذي احتل 161 صفحة من الكتاب - مهّد له بالتعريف بمفهوم المراهقة في اللغة .. ثم مفهوم المراهقة في القرآن الكريم واستشهد بسورة يونس (26 - 27) وسورة الجن (6 ، 13) ثم مفهوم المراهقة في علم النفس وميز بينها وبين مرحلة البلوغ التي تسبقها .. وأكد على أن لفظة المراهقة ذات أصل عربي .
    وفي الفصل الأول من هذا الباب .. تناول الكاتب بلغة سلسلة دقيقة المعاني مفهوم النمو وخصائص النمو الجسمي ، وبين اهتمام الإسلام بالتكوين الجسمي .. وأنواع الأغذية المفيدة للجسم مستشهدًا بسورة الأنعام ، وسورة النحل ، وسورة الأنبياء وغيرها - وصنّف الأغذية إلى الحلال الطيب والحلال المباح ، والمحرم الخبيث في ذاته والمحرم الخبيث باعتبار ما آل إليه ، ثم انتقل إلى النمو الجسمي في المراهقة عند علماء النفس وميز بين النمو الفسيولوجي - وهو نمو الأعضاء الداخلية التي لا تخضع للملاحظة البصرية .. كنمو القلب والغدد الجنسية والنخامية والدرقية ، وبين دورها في الانفعالات التي تصيب المراهق ، ثم النمو العضوي الخارجي ، والذي لاحظ أنه لا ينمو بنفس الدرجة مع الأعضاء الداخلية كما لاحظ أن نمو الجهاز العظمي يسبق نظيره العضلي بمقدار سنة .. وكذلك ملامح الوجه وتقاطيعه عند المراهق ، ثم تناول الحركة في المراهقة في أربع دراسات جادة ، وقارن بينها وخلص إلى نتائج مهمة فيها .
    أما الفصل الثاني من الباب الأول فقد اشتمل على دراسة النمو العقلي في مرحلة المراهقة ، شارحًا مفهوم العقل في اللغة وفي القرآن الكريم وصنفه إلى إدراك حسي - بواسطة البصر - وإدراك معنوي - بالبصيرة - بالقلب أو العقل أو بهما معًا .. وانتقل إلى عملية أخرى من العمليات العقلية وهي عملية التفكير وشرحها لغة .. وفي القرآن الكريم ومستويات التفكير .. وبيّن كيف هدانا القرآن الكريم إلى الأمراض التي تعترض العقل في رحلته مع الحياة . ومن الإدراك والتفكير وصل إلى التفكير الديني عند المراهق وأهم القضايا التي تصادفه كقضايا التوحيد - والبعث - والحشر - والحساب - والجنة والنار - والملائكة .. وقارن هذه القضايا المهمة مع نظرة العلماء المحدثين إلى النمو العقلي عند المراهق - التفكير والإدراك وشروطه ، والتذكر .. ودور التفكير في حل المشكلات التي تصادف المراهق .
    (إن القرآن الكريم يتخذ من الفكر هدفًا يندرج تحته علوم وفنون منها النظري ومنها التجريبي .. النظري : كعلوم الدين واللغة والتاريخ وعلم النفس ، والتجريبي : كعلوم الحساب والفلك والطب والفيزياء والكيمياء وعلوم التكنولوجيا الحديثة ).
    أما الفصل الثالث من الباب الأول فقد احتل 40 صفحة من الكتاب عرض فيه الكاتب النمو الانفعالي لدى المراهق .. ثم تعريف مفهوم الانفعال في اللغة والقرآن الكريم في سورة الكهف (65 - 71) وانتقل إلى مظاهر النمو الانفعالي .. ودراسة حول انفعالات المراهقة (العجب ، الغرور ، الكبر ، السفه ، الفتوة - الخوف - الرجاء) وما يصاحب هذه الخصائص من مظاهر كاليأس والقنوط والكآبة وحساسية شديدة والتمرد والعصيان والانطلاق .
    (إن القرآن الكريم لا ينكر على الفطرة البشرية أن ترجو تحصيل ألوان من النعيم والطيبات التي أحلها الله ، ولا أن نستمتع بألوان الزينة التي أخرجها الله للناس ، على أن يكون الاستمتاع في حدود ما شرع الله ) واحتل الفصل الرابع والأخير من الباب الأول حوالي 30 صفحة وهو فصل مهم على رغم قلة عدد صفحاته ناقش فيه المؤلف النمو الاجتماعي في ضوء القرآن والسنة ، ثم العوامل المؤثرة في النمو الاجتماعي كالأسرة والمعلم والقدوة ، وخصائص النمو الاجتماعي في المراهقة مثل الرغبات كالرغبة في تأكيد الذات ، ومقاومة السلطة ، والاتجاه إلى مساعدة الآخرين ، والميل إلى الزعامة .
    (إن المعلم لا يقف عمله التربوي عند حد توصيل المعلومات للطلاب وإكسابهم الخبرات العلمية والفنية ، بل هو مرشد وقائد إلى كل فضيلة سلوكية وخلقية . ولكي تسلم له عملية التأثير في الناشئة والمراهقين يجب أن يكون رحيمًا عطوفًا محبًا لطلابه ، وأن يعني بالناشئة من النواحي كافة العملية والسلوكية والتربوية .

شخصية المراهق
    هذا عنوان الباب الثاني الذي احتل 180 صفحة من الكتاب ، قسمت إلى أربعة فصول ، مهد لها بالتعريف بمفهوم الشخصية ، فأعطاها أربعة شروح مختلفة ، ثم انتقل إلى الفصل الأول وموضوعه تربية الدوافع .. تناولها بشكل شيق مستهلاً التعريف بالدوافع في اللغة وفي القرآن الكريم كما وردت في سورة (النساء : 6) وسورة (آل عمران : 167) وسورة (الحج : 38) وسورة (الطور : 7، 8) وأخيراً في سورة (المعارج : 1، 2) وقارنها بتعريف علماء النفس وتقسيمهم للدوافع إلى قسمين . دوافع فطرية (أولية أو فسيولوجية) مثل الجوع والعطش والراحة واتقاء الحرارة واتقاء الألم والدافع الجنسي ودافع الأمومة ، وبين دورها في تحقيق التوازن إلى حاجات البدن الفسيولوجية أو بقاء النوع كالدافع الجنسي ودافع الأمومة .. ودور الإسلام الذي يدعو إلى تلبية الدافع الجنسي بالطريق المشروع ، مدعمًا ذلك بالأحاديث النبوية الشريفة كما أظهر رفض الإسلام لكبت الدوافع الفطرية أو اضعافها وإنما يدعو إلى تهذيبها ، كما تناول الدوافع المكتسبة كدافع الحب والحنان والولاء للمجتمع المسلم . حتى يكونوا كالجسد الواحد .. ودافع التملك وغيرها .
    أما الدوافع التي تظهر واضحة جلية لدى المراهق فقد تناولها بالشرح واقترح لها طرقًا ووسائل تربوية لتعديلها كحب السيطرة ، ودافع العدوان ودافع المقاتلة ودافع التحصيل العلمي .. الخ .
    وعن الدوافع اللاشعورية : التي أبرزها (فرويد) في مطلع هذا القرن وأعطاها قيمة أكثر من الدوافع الشعورية ، وبين كيف أنها تتحول إلى عقد نفسية إذا ما تم كبتها كعقدة أوديب وعقدة الأم وعقدة الحموات .
    أما الإسلام دين الفطرة فدوره في تلبية هذه الدوافع الفطرية والاجتماعية والنفسية وهو يقوم بتعديلها وتوجيهها الوجهة الصحيحة دون أن يستقذرها أو يستحقرها أو ينفر منها ، كما قارن ذلك برأي علماء النفس في تعديل هذه الدوافع في طرق كثيرة كالتقمص والتبرير والاسقاط والإبدال .


تربية الانفعالات
    شدد الكاتب في الفصل الثاني من الباب الثاني على أهمية تربية الانفعالات لدى المراهق (لأن الانفعال من أهم مظاهر ومخاطر المراهقة) ولأن المراهق في بداية مرحلة المراهقة يأتي بحركات صبيانية تلاحظ على استجابته الانفعالية .
    وتناول مظاهر الانفعال في القرآن الكريم والسنة النبوية كمظاهر البهجة والسرور (سورة الأنفال : 9 و 10) ومظاهر الحزن : (وإذا بُشِرَ أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا وهو كظيم ، يتوارى من القومِ من سوء ما بُشِرَ به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون) (النحل : 58 و 59) .
    ثم قام بدراسة مفصلة لبعض الانفعالات في القرآن الكريم كحب الله تعالى ورسوله ، وانفعال الحب المتبادل بين الزوجين ، وفي دراسة قارن ذلك بما يجري اليوم من فساد هذه العلاقة قبل الزواج وبعده .. ثم شرح انفعال حب الوالدين .. وظاهرة التقمص .
   أما الإنفعالات عند علماء النفس المحدثين فعرّفها وتناول مظاهرها كاحمرار الوجه - اسوداد الوجه - اصفرار الوجه - احمرار العينين - الرعدة الرعشة في الأطراف - الإغماء وما يصاحب هذه الأعراض من مظاهر كخفقان القلب وسرعة النبض وجفاف الفم والحلق والقشعريرة والتعرق - وكتب عن الانفعالات الأخرى كالخوف مثل المخاوف المدرسية ، والمخاوف الصحية والمخاوف الاقتصادية والخلقية ، وبين كيف أن التربية الإسلامية الصحيحة تخلص المراهق - والناس أجمعين - من الشعور بالذنب (سورة التحريم / آية : 8) وانفعال الغضب ، أما ضبط هذه الانفعالات وتهذيبها فيرى الكاتب أنها تكون بالاستعاذة من الشيطان والتحذير من الغضب قبل وقوعه ، والوضوء .

تربية العواطف
   في الفصل الثالث من الباب الثاني ، استهل الموضوع بتعريف معنى العاطفة في اللغة العربية ، فرجع إلى المعجم المحيط .. ومحيط المحيط .. وشرح مشتقات هذه الكلمة .. (عطف - تعاطف - استعطاف - تعطف ..الخ) والعواطف في القرآن المجيد كعاطفة حب الإيمان وعاطفة وكراهية الكفر والفسوق والعصيان) . ثم تناول العواطف من حيث نوعيتها ومن حيث الموضوع الموجه إليه العاطفة .
وفي دراسته لمفهوم العاطفة عند علماء المسلمين كأبي حامد الغزالي في مؤلفه (معارج القدس في مدارج معرفة النفس ) توصل إلى وجود صلة وثيقة بين العاطفة والإدراك العقلي ، وأن العاطفة هي اتجاه نفسي خاص بالإنسان ، وأن العاطفة منها ما يوافق طبع المدرك (المحبة) ومنها ما لا يوافق طبع المدرك (البغض) ومنها ما خلا من استعقاب ألم أو لذة ، ثم تناول عاطفة الأخوة وعاطفة الأمانة في ضوء المنهج الإسلامي ، وكيفية إبدال هذه العواطف المتضاربة بإحلال بعضها مكان بعض بعد تهيئة النفوس .. وانتقل إلى أهمية العواطف عند علماء النفس ، وتكوينها بالتكرار والإيحاء والتقليد .
العادة من اهم مكونات شخصية المراهق .
   وفي الفصل الرابع من الباب الثاني تناول العادة وتعريفها وأهمية دراستها ثم أنواعها : الحركية والعقلية والوجدانية والأخلاقية ، وفي تقسيم آخر عادات مادية وأخرى نفسية وثالثة عقلية ثم رابعة اجتماعية ، وأهم ما يَربىَ عليه المراهق من هذه العادات : تربية عادة عدم تأجيل الفرائض - عادة الصدق - ثم تحول العادات السيئة إلى عادات حسنة في ضوء القرآن الكريم ، وفي دراسة مقارنة تناول مفهوم وشروط تكوين العادة عند علماء النفس ومحو العادة أو إبدالها : ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) (الأعراف : 201) .

للمراهقة حاجات ... تنشأ عنها مشكلات :
   حاجات المراهقة والمشكلات التي تنشأ عنها .. عنوان الباب الثالث والأخير من هذا الكتاب .. قسمه الباحث إلى ثلاثة فصول .. الفصل الأول تناول فيه الحاجات والمشكلات الجسيمة .. وشرح فيه موضوعات في غاية الأهمية ، فقد استخرج معنى الحاجة ومشتقاتها من القاموس المحيط .. ومعنى الحاجة في القرآن الكريم (سورة يوسف ، آية : 68) (سورة الحشر ، آية : 9) (سورة غافر ، آية: 79 ، 80) وخلص فيه إلى أن الحاجة : (أمر فطري خلق الإنسان مزودًا به ليحقق مطالبه ورغباته وليقيم توازنه العضوي .. واستقراره النفسي) كما أن الفصل (التام بين أنواع هذه الحاجات أمر متعذر) وذلك لأن الإنسان كائن مزدوج التكوين - روح وجسد - لا ينفصل أحد شقيه عن الآخر . كما بين عناية القرآن بالحاجات الجسيمة ( سورة النحل : 68 و 69) (سورة البقرة : 168) (سورة مريم : 25) (الواقعة : 63 ، 65) الخ . وفي دراسته أسباب مشكلات المراهقين الجسمية والصحية تناول الأسباب الرئيسية ذات التأثير المباشر مثل انخفاض مستوى دخل الأسرة (وعدم تلبية احتياجات الجسم من جميع العناصر الغذائية الرئيسية) ودور فريضة الزكاة كحق واجب على المسلم يرد على الفقراء لسد حاجاتهم ، ورفع مذلة السؤال عنهم ، وكذلك انخفاض مستوى نظافة البيئة ، وضعف مستوى الوعي الصحي .. ودور المدرسة والمناهج المدرسية في تعزيز هذا الوعي . كما تتبع المؤلف بطريقة علمية المبادئ العامة التي ينبغي أن تتبع في حل مشاكل المراهقين ، كتحديد المشكلة أولاً ومعرفة خصائص الطبيعة البشرية ثم التدرج في خطوات العلاج ومدى إيجابية المراهق . وتعاون الجهات المسؤولة في حل هذه المشكلات - الأسرة - الأصدقاء - مجموعة الرفاق الأسوياء - المدرسة - والمؤسسات التي تعتني برعاية الشباب وأجهزة الإعلام . كما استطاع أن يتلمس أهم المشكلات الجسمية للمراهق كفقدان الشهية والنحافة والبدانة وطرق علاجها وأثر المدرسة في التوجيه الصحي .
وفي دراسة مقارنة تناول الحاجات الجسمية عند علماء النفس كالحاجة إلى الأمن - تجنب الخطر والألم - والحاجة إلى الاسترخاء والراحة والحاجة إلى الحماية ثم كيفية تلبية هذه الحاجات .
   وفي الفصل الثاني من الباب الثالث دراسة للحاجات النفسية والاجتماعية في ضوء الإسلام وعلم النفس ثم العوامل المؤثرة في سلوك المراهق ومشكلات وأساليب العلاج في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، لقد تعددت هذه الحاجات واختلفت أهميتها من عالم نفساني إلى آخر ، فبعضهم جعلها عشر حاجات وبعضهم سبعًا وآخرون ثلاثًا .. وأهم هذه الحاجات الحاجة إلى الاستقلال ، والحاجة إلى الحب ، والحاجة إلى التقدير والمكانة الاجتماعية ، والحاجة إلى المساواة مع رفاق السن .
   كما شرح بالتفصيل العوامل المؤثرة في سلوك المراهق كالبيت (اختيار الزوجة - اختيار الزوج - ثقافة البيت ثم دور المجتمع ) (المدرسة - الأقران - الشلة - النظراء ) ودور الإعلام ووسائله المؤثرة - من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز - في اثارة الدوافع الجنسية والإجرامية لدى المراهق .. كما أن أساليب الدعوة والتوجيه يجب أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن والبدء بالأهم ثم المهم .. وهذه الأساليب العلاجية لا تختلف عن أساليب علماء النفس الذين أعطوها أسماء مثل سيكولوجية الأنا ، أو التحليل النفسي أو نظرية السلوكيين وغيرهم .
   أما أهم مشكلات المراهق الاجتماعية في هذه السن فهي الكذب ، التمرد على الأسرة ، المشكلات الجنسية (التسكع في الطرقات لمعاكسة البنات ، الاستمناء ، اللواط ، الزنا) .
   والكاتب هنا يفند آراء سيجوند فرويد حول الجنس ، ثم يفضح أساليب اليهود في نشر الفساد والدعارة والانحلال بين الشباب ليسهل قيادهم .

القلق وأحلام اليقظة ..
   التأخر الدراسي والقلق وأحلام اليقظة هي أهم مشاكل المراهق ، إذا لم تُلبَ له حاجاته ، وإلى التفكر وإلى تفسير الحقائق . دراسات قام بها المؤلف في الفصل الثالث من الباب الثالث ، وقد عدد أسباب التأخر الدراسي لدى المراهق بأسباب نفسية ، كضعف الميل للمذاكرة ، وعدم تركيز الانتباه ، والخوف من الامتحانات ، وأسباب أسرية واجتماعية ، ثم أسباب ذاتية كضعف القدرة العقلية العامة عن التحصيل ، أو أسباب مدرسية . وقدم النصائح المفيدة في ضوء القرآن الكريم والسنة .

استبيان : مظاهر ونتائج
   ولعل من أهم هذا الكتاب تلك الدراسة الميدانية التي قام بها المؤلف على مجموع من طلاب المرحلة الثانوية - المراهقين - بمعهد البحوث الإسلامية في القاهرة - وتأتي هذه الأهمية في أنها شملت عينة من 110 طالبًا من 13 بلدًا إسلاميًا هي : ماليزيا - اندونيسيا - تايلاند - الفلبين - الصومال - مالي - غانا - غينيا - جزر القمر - تانزانيا - تشاد - السنغال - إضافة إلى مصر طبعًا .. وقد تراوح العمر الزمني لهؤلاء الطلاب ما بين 11 سنة إلى عشرين .
كان الاستبيان يدور حول 22 سؤالاً تبين حاجات ومشكلات ا لمراهق النفسية والجسمية والاجتماعية والعقلية ومن هذه الأسئلة :
- هل يعيش والداك معك ؟
- هل تسافر في الإجازة الصيفية خارج بلدك ؟
- ما نوعية الكتب والمجلات التي تقرؤها ؟
- كم تحفظ من سور القرآن الكريم ؟
- هل أنت راضٍ عن علاقتك بأسرتك ؟
- هل يتدخل والداك في اختيار أصدقائك ؟
- هل تقوم بواجبك نحو والديك وتطيعهما ؟
- هل تعتزم إنهاء دراستك الجامعية ؟
   ووصل الكاتب إلى نتائج مهمة تلقي الضوء على حياة المراهق وتبين حاجاته وميوله .. وأهم مشاكله وآماله وهمومه المستقبلية .
   اختتم المؤلف كتابه بحمد الله تعالى وسأله المغفرة إن كان قصر أو فرط في شيء ، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم والشكر والتقدير لأساتذته الذي أشرفوا على هذه الدراسة .

خاتمة :
   وفي الختام نستخلص عزيزي القارئ :
* إن اقتناءك لهذا الكتاب - أو قراءتك له - تعني أنك قرأت كتابين في مغلف واحد .. (المراهق في الإسلام ، والمراهق في علم النفس ) في دراسة جادة دون أن يطغى أحدهما على الآخر .. وهي أقرب إلى الدراسة المقارنة .
* يشكل الكتاب معجمًا للمفردات والمفاهيم والمصطلحات في علم النفس (كالمراهقة - النمو - العقل - العاطفة - التفكير - الانفعال - الدوافع - الحاجة - الرغبة - الأقران - العادة - القلق) وهي مفاهيم لا يستغني عنها الباحث أو المعلم والمربي وولي الأمر بل المراهق نفسه .
* يخرج القارئ عند قراءته لهذا الكتاب بحصيلة لغوية كبيرة ، من خلال شرح معاني المفردات ومشتقاتها ، ثم ورودها في آيات القرآن الكريم على عدة وجوه .
* إن منهج التربية الإسلامية لا يقف عند حد معالجة الخطأ بعد وقوعه والعمل على تخليص النفس من الآثار السلبية الناشئة عنه ، إنما يعنى بتأسيس أصول التربية الأخلاقية والسلوكية والانفعالية في نفوس الناشئة منذ نعومة أظفارهم .. لذا يندر وجود تلك الانحرافات السلوكية التي مرت علينا في هذه الدراسة في المجتمع المسلم .
* استعان المؤلف بـ 175 مرجعًا على رأسها القرآن الكريم ثم كتب التفسير والحديث والمراجع العامة في الدراسات الإسلامية والتربوية وعلم النفس وعلم الاجتماع .. والقاموس المحيط ، وغيرها .. ربما يأخذ عليه البعض عدم وجود مرجع واحد بلغة غير اللغة العربية .. لسبب أو لآخر ، إلا أن الكتب العربية تضمنت كتبًا مترجمة لكبار العلماء في الغرب في هذا الميدان أمثال (سيجموند فرويد) و(ارنولد جزل) و(دوماندر) و(فراير) و(كانت) الفيلسوف الألماني الشهير .
* نعود إلى ما طرح في مقدمة هذا الكتاب من أن الكتابة في هذه الموضوع تحتاج إلى باحث مؤمن بالله ، تقي في نفسه ، متخصص في حقله ، عارف متمكن ، ناقد متمعن ، راجح العقل أمين في النقل .. فنقول : لقد توفرت كل هذه الصفات في مؤلف هذا الكتاب ، ولن نضيف عليها شيئًا .. فجزاه الله خيرًا ونفع المسلمين بدراسته .. فقد أضاف للمكتبة العربية ما كانت بحاجة إليه في هذا الميدان .

www.islamweb.net