كوسوفو تنعم بالحرية

25/02/2008| إسلام ويب

تقع إلى الشمال الشرقي من ألبانيا في الجنوب الغربي لصربيا، وهذا الإقليم جميع سكانه مسلمون تقريباً. ويبلغ عدد سكانه حوالي ثلاثة ملايين مسلم. كان قديماً تابعاً لألبانيا سيطر عليه أوائل القرن الرابع عشر للميلاد السلطان مراد العثماني، فواجه الصرب والبلغار والألمان في معركة "كهوسوفسكو" بولج، فانتصر على القائد أليعازر، ودخل عدد كبير من القبائل العربية إلى تلك المنطقة، ومنها عشيرة "حولاج" ولا يزال في هذه المنطقة الكثير من الناس أصولهم عربية  وهي خليط من القوميات المسلمة التي يعود لها الفضل في  المحافظة على الإسلام في تلك المنطقة حتى وقتنا الحالي.

وأهم مدن كوسوفو:
 1- "بريشتينا": المدينة الأهم في هذا الإقليم آثار إسلامية كثيرة ومساجد يعود تاريخ بنائها إلى القرن الخامس عشر للميلاد وكانت بريشتينا ولا تزال مقر السلطة والإدارة لإقليم كوسوفا فيها مقر المشيخة الإسلامية التي تشرف على المساجد والصلوات والزكاة.
و من أبرز مساجدها مسجد محمد الفاتح، وهو واحد من 670 مسجداً في الإقليم تشرف عليها جميعاً هذه المشيخة.
2-"بيا": مدينة في الإقليم تشتهر بصناعة الفضيات وفيها عدد كبير من المساجد.
3- "تربشا": مدينة في إقليم كوسوفو تشتهر بالصناعة وزراعة الكرمة.

كوسوفو الموقع والحدود
تحدها مقدونيا من الجنوب الشرقي وصربيا من الشمال الشرقي والسنجق والجبل الأسود من الشمال الغربي وألبانيا من الجنوب. عاصمتها بريشتينا. يبلغ مساحتها 10,577 كم2 و نسبة المسلمين 90% هم من الألبانيين و5% صرب و5% قوميات أخرى .تغلب على الأرض السهول الخضراء المحاطة بالجبال والتلال وتجري فيها أربعة انهار وفيها 17 بحيرة ومع ذلك فإن الوضع الإقتصادي فيها مزري بسبب التمييز العرقي , حيث تبلغ نسبة البطالة بينهم حوالي 50% بينما كانت تبلغ في صربيا قبل الإنفصال 18.8%  وهي دلالة بالأرقام على الاضطهاد الذي كان يعانيه أقليم كوسوفو من قبل الصرب . نصف عدد الكوسوفيين تقل أعمارهم عن 35 عاماً. قبل الإستقلال كان وما زال إقليم كوسوفو معروف بالأرض الحبيسة لأنه غير مطل على أية منفذ بحري.

كوسوفو والفتح الإسلامي:
يعتبر الأميريليون أول من سكن منطقة كوسوفو حيث أقاموا دولة (دارينا) ثم حكمهم الرومان ومن بعدهم البيزنطيون إلى أن دخلها الإسلام مع الأتراك العثمانيين الذين فتحوا البلقان في القرن الرابع عشر الميلادي، واستمر الحكم الإسلامي في المنطقة حتى عام 1912.
أما الصرب فإنهم لم يتمكنوا من هذه المنطقة إلا في القرن الثاني عشر في عهد ملكهم ستيفان الذي تمكن من طرد البيزنطيين.
وبلغت قوة الصرب ذروتها زمن الملك دوشان الذي أعلن نفسه قيصراً عام 1346 وجعل مدينة "بريزين" الواقعة غرب "بريشتينا" عاصمة كوسوفا الحالية عاصمة له. ولم تدم القوة الصربية طويلاً حين واجهتها القوة العثمانية المسلمة في منطقة البلقان في القرن الرابع عشر الميلادي. وكانت كوسوفا هي المسرح الذي شهد نهاية الحكم الصربي على يد العثمانيين في معركة قادها السلطان مراد الأول ضد قائد الجيش الصربي آنذاك الملك" لازار" في عام 1389 إذ قتل ملك الصرب واستشهد السلطان وكان النصر في النهاية حليف المسلمين.
وخلصت هذه المعركة الألبان ودخلوا في الإسلام وأصبحوا جنوداً للدولة العثمانية، وحفظ الصرب تاريخ هذه المعركة للألبان ولهذا فهم يعدون يوم 28 حزيران يونيو أي تاريخ موقعة كوسوفا مناسبة مهمة يحيونها كل سنة لتأجيج حقدهم ضد الألبان.
ولهذا كان الصرب عنصراً مهماً في تأجيج حرب البلقان عام 1912 ـ 1913 حيث أرادوا الثأر من العثمانيين عندما اضطر العثمانيون للانسحاب من أوروبا الشرقية بما في ذلك ألبانيا. وقرر مؤتمر لندن آنذاك تقسيم الأراضي ذات الغالبية المسلمة إلى قسمين: أحدها دولة ألبانيا الحالية، والآخر إقليم كوسوفو الذي أهدي إلى مملكة صربيا التي ضيقت الخناق على المسلمين حتى اضطر الكثير منهم إلى الهجرة إلى ألبانيا.

كوسوفو تحت النظام الشيوعي:
ومع مجيء النظام الشيوعي في عهد "تيتو" سيطروا على كوسوفو سيطرة كاملة. وفي عام 1950 حصلت انتفاضات كبيرة إلى أن صدر الدستور اليوغسلافي في عام 1974 وضمن الحكم الذاتي لأقليم كوسوفا بطريقة تتيح له المشاركة في أجهزة الدولة.
إلا أن أكاديمية العلوم والفنون الصربية أصدرت في عام 1978 وثيقة تتضمن خططاً لإلغاء الحكم الذاتي عن كوسوفو وتبناها قادة الحزب الشيوعي ومنهم مجرم الحرب الشهير "سلوبودان ميلوشيفتيش" وأخذوا بتنفيذها بإرسال آلاف الأفراد من الشرطة الصربية إلى الإقليم وسلموا الصرب وأبناء الجبل الأسود الموجودين في منطقة الأسلحة لمقاومة السكان. وقرر المسلمون التظاهر  مطالبين بالاستقلال عام 1981 واعتقل منهم العشرات وقتل حوالي عشرة أشخاص.
و مع بوادر تفتيت الاتحاد اليوغسلافي في عام 1988 حاول المسلمون أن يحققوا حكمهم الذاتي الذي كفله الدستور إلا أن صربيا تمسكت بالإقليم وفرضت وجودها بالقوة حين حذف الرئيس الصربي حق الحكم الذاتي من الدستور وفرض الطوارئ فانفجر الوضع وقتل العشرات وقبض على المئات من المسلمين عام 1989. وفي عام 1990 أرسلت صربيا قوات مسلحة إلى داخل كوسوفو معززة بالطائرات والدبابات و20 ألفاً من الشرطة وتلا ذلك مظاهرات صاخبة في الإقليم بعد استفتاء شعبي مؤيد للاستقلال بغالبية ساحقة. وصدر في العام نفسه الدستور الجديد لجمهورية صربيا وبموجبه تخضع كوسوفو رسمياً لسلطات بلغراد.حصل ذلك على رغم أن البرلمان الألباني أصدر اعترافاً بكوسوفو جمهورية مستقلة إلا أن الصرب ردوا على ذلك بإلغاء حق التعليم بالألبانية في الإقليم وأوقف الدعم عن الكتب المدرسية. وقد استمر الأمر في هذا التجاذب إلى أن انتخب الألبان الكاتب "إبراهيم روغوفا" رئيساً لبلاد عام 1992 بعد انتخابات تحدى  فيها الألبان الصرب.
ومع بداية حروب الاستقلال في "كرواتيا" و"سلوفينيا" و"البوسنة" أقدمت جمهورية الصرب على  حرب ضروس تريد بها إبادة  المسلمين في البوسنة والهرسك وحرب تهجير تدريجية على مسلمي كوسوفو ومن خلال التضييق وفصل الموظفين المسلمين وإحلال  الصرب مكانهم، وطرد خلال فترة خمس سنوات حوالي ربع مليون من مسلمي كوسوفو خارج بلادهم إضافة إلى عملية الاعتقالات الواسعة. وفي آب 1995 انسحبت القوات الصربية من كرايينا (في كرواتيا) أمام القوات الكرواتية فتدفق مئات الآلاف من صربها إلى كوسوفو في خطة صربية استيطانية لتعديل التوازن السكاني.

أحداث العنف الجديدة:
شهد عام 1997 عدداً من أحداث العنف من الجانبين. إذ بدأ الكوسوفيون بالتعاون مع الألبان  هجوماً على عشرة مراكز للشرطة الصربية واللاجئين الصرب وأدين 17 ألبانياً بالسجن وتدخل الجيش الصربي بأسلحته الثقيلة ودك العديد من المدن بعد حصارها ودمر 174 قرية منذ العام 1998 فنزحت عشرات المئات من الأسر إلى ألبانيا ومقدونيا والجبل الأسود.
ثم اشتدت الحرب العسكرية الصربية بكافة أنواعها الوحشية على الإقليم وأوقعت العديد من المجازر في صفوف المدنيين أمام أنظار العالم وقد نتج عن هذه الحرب قتل أكثر من ثلاثة آلاف ألباني معظهم من كبار السن والنساء والأطفال و فقد الآلاف الآخرين والراجح قتلهم في مجازر جماعية ودفنهم في أماكن مجهولة و وتم تدمير أكثر من 300 قرية تدميراً كاملاً إضافة إلى تخريب 45 ألف منزل و تشريد أكثر من نصف مليون نسمة غالبيتهم بالعراء داخل كوسوفا والباقين فروا إلى ألبانيا والجبل الأسود ومقدونيا و...
بلغت الخسائر المادية أكثر من عشرة بلايين دولار.

تدخل حلف الأطلسي:
 وبعد تحذيرات متعددة من قبل الأميركيين والأوروبيين للصرب – الصرب يكنون عداء قديماً للأمريكان-  بوقف مجازرهم وتهجيرهم للألبان، هددت الولايات المتحدة بقصف المراكز العسكرية والاقتصادية للصرب. وفي 24 /4/9991م بدأ الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة سلسلة كثيفة من الضربات الجوية ضد أهداف صربية لإرغام بلغراد على وقف عمليات القمع في كوسوفا والقبول بخطة سلام.
وكانت ردة الفعل الصربية قاسية على ألبان كوسوفو إذ كثفت صربيا من عملياتها الانتقامية منها وتتالت المجازر الجماعية وزاد عدد المهاجرين الألبان من الإقليم عن 780,000 ألف شخص جلَّهم ينامون بالعراء دون غذاء ولا رعاية. وكثفت طائرات الحلف من قصفها على جميع المراكز الاقتصادية والعسكرية حتى داخل العاصمة الصربية بلغراد، وتواصلت غارات الحلف على صربيا لمدة شهرين إلى أن خضع (ميلوفتش (بعد عدة وساطات دولية مختلفة) للضغوط وقبل ببدء بمفاوضات الحل النهائي لإحلال السلم في إقليم كوسوفو ودخول قوات حفظ السلام الدولية المتعددة الأجناس والبالغ عددها 50 ألف جندي إلى كوسوفو.
وفي شهر أغسططس من نفس العام وبعد وقف الصرب لأعمال القتل والتهجير توقف قوات حلف الأطلسي عن شن غاراتها على الأهداف الصربية (التي دمرت تدميراً شبه كامل) ودخلت قوات حفظ السلام (بمشاركة قوية من الجيش الروسي الذي وقف في المفاوضات إلى الجانب الصربي)  بدأت بعد ذلك عودت اللاجئين إلى مناطقهم ، وبدأ الكوسوفيون يخططون للإستقلال الكامل عن صربية  حتى تم لهم ما أرادوه في هذه الأيام، فكان الفرح كبيراً والعود حميداً 

www.islamweb.net