التفسير الحديث

08/04/2018| إسلام ويب

من تفاسير القرآن الكريم المعاصرة "التفسير الحديث" لمؤلفه الشيخ محمد عزة دروزة، فبعد أن كتب المؤلف كتبه الثلاثة: "عصر النبي صلى الله عليه وسلم"، و"سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن"، و"الدستور القرآني في شؤون الحياة" انبثقت لديه فكرة كتابة تفسير شامل، بقصد عرض القرآن بكامله بعد أن عرضه فصولاً بحسب موضوعاته في الكتب الثلاثة، بقصد إظهار حكمة التنزيل، ومبادئ القرآن، ومتناولاته عامة، بأسلوب وترتيب حديثين، استجابة للرغبة الشديدة عند كثير من الشباب المسلم، الذين يتذمرون من الأسلوب التقليدي، ويعرضون عنه، ما أدى إلى انبتات الصلة بينهم وبين كتاب دينهم المقدس، ويدعو إلى الأسف والقلق.

وقد كان الشيخ كتب مسودة تفسيره في تركيا بعد نزوحه إليها من دمشق على إثر احتلال الإنجليزي والفرنسيين لها مع بداية الحرب العالمية الثانية. وبعد عودته إلى دمشق عكف على مراجعة ما سوده من هذا التفسير، ورجع إلى مصادر كثيرة أخرى. فلما اتسق له التفسير وتكامل بيضه، ودفع به إلى المطبعة جزء بعد جزء.

جاء في مقدمة المؤلف ما نصه: "كتبت هذا الكتاب في مدنية بورسه أثناء هجرتي في الحرب إلى تركيا، وبعد أن أتم الله علي نعمته، فانتهيت من كتابة تفسير القرآن بكامله فيها. وقد وجدت في مكتبات المدينة العديدة ما استعنت به من مراجع قيمة في التفسير، والحديث، والكلام، والقراءات، وعلوم القرآن. وقد جاء الكتاب ككتاب مستقل؛ لما احتواه من بحوث عديدة، كما جاء كمقدمة للتفسير؛ لما احتواه من شرح المنهج الذي سرت عليه فيه، وبيان الطريقة المثلى لفهم القرآن وخدمته وتفسيره. ولقد عدت فقرأت كتباً عديدة أخرى؛ لاستيفاء الكلام في مواضيع الكتاب وتوثيقه، وأدخلت تنقيحات كثيرة على مسودة بورسه، فجاء الكتاب على أسلوب ونهج جديدين، بحثت في نطاقهما مختلف مسائل القرآن، ووصلت بذلك إلى نتائج وحلول هامة وجديدة، أرجو أن يكون الله قد هداني فيها إلى الحق والصواب، وأن أكون بذلك قد خدمت كتاب الله المجيد فيما أخذت على نفسي من خدمة له منذ أربع عشرة سنة".

وكان المؤلف في أثناء إقامته في مهجره في تركيا قد كتب كتاباً في تنزيل القرآن، وأسلوبه، وأثره وتدوينه، وجمعه، وترتيبه، وقراءاته، ورسمه، ومحكمه، ومتشابهه، وقصصه، وغيبياته، ومناهج تفسيره، والطريقة المثلى إلى تفسيره وفهمه، وهو الكتاب الذي طُبع بعنوان "القرآن المجيد" وكان بمثابة مقدمة لتفسيره هذا.

ولقد اجتهد المؤلف في تحرير تفسيره وَفْق المنهج الذي ارتأه خير سبيل إلى تفسير القرآن الكريم وفهمه، ذاك المنهج الذي يقوم على:

1- تجزئة المجموعات والفصول إلى جمل تامة، يصح الوقوف عندها من حيث المعنى والنظم والسياق. وقد تكون الجملة آية واحدة، أو آيات قليلة، أو سلسلة طويلة من الآيات.

2- شرح الكلمات والتعابير الغريبة وغير الدارجة كثيراً، بإيجاز ودون تعمق لغوي ونحوي وبلاغي، إذا لم تكن هناك ضرورة ماسة.

3- شرح مدلول الجملة شرحاً إجماليًّا، حسب المقتضى المتبادر بأداء بياني واضح، ودون تعمق كذلك في الشروح اللغوية والنظمية، مع الاستغناء عن هذا الشرح والاكتفاء بعرض الهدف والمدلول، إذا كانت عبارة الجملة واضحة نظماً ولغة.

4- إشارة موجزة إلى ما روي في مناسبة نزول الآيات، وما قيل في مدلولها، وأحكامها، وإيراد ما يقتضي إيراده من الروايات والأقوال، والتعليق على ما يقتضي التعليق عليه منها بإيجاز.

5- تجلية ما تحتويه الجملة من أحكام ومبادئ وأهداف وتوجيهات وحِكَم تشريعية وأخلاقية واجتماعية وروحية، وملاحظة مقتضيات تطور الحياة والمفاهيم البشرية. وقد اهتم المؤلف بهذه النقطة اهتماماً عظيماً.

6- توضيح ما تحتويه الجملة من صور ومشاهد عن السيرة النبوية والبيئة النبوية؛ لأن هذا يساعد على تفهم ظروف الدعوة وسيرها وأطوارها، وجلاء جو نزول القرآن، الذي يتجلى به كثير من المقاصد القرآنية.

7- التنبيه على الجمل والفصول التي تهدف إلى تدعيم المبادئ القرآنية المحكمة، مثل القصص، ومشاهد الحياة الآخرة، والجن، والملائكة، وبدء الخلق، والتكوين، ومشاهد الكون، ونواميسه، والمواقف الجدلية والحجاجية، والترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، والأمثال، والتذكير، تلك المبادئ التي وُصِفَت بوصف {هن أم الكتاب} (آل عمران:7) وما يكون فيها من مقاصد أسلوبية، كالتعقيب، والتعليل، والتطمين، والتثبيت، والتدعيم، والترغيب، والترهيب، والتقريب، والتمثيل، والتنديد، والتذكير، والتنويه، مع إبقاء ذلك ضمن النطاق الذي جاء من أجله، وعدم التطويل فيه. والتنبيه بإيجاز إلى ما ورد في صدده، إذا اقتضى السياق بما لا يخرج به عن ذلك النطاق.

8- الاهتمام ببيان ما بين آيات وفصول السور من ترابط ومناسبات، وعطف الجمل القرآنية على بعضها سياقاً، أو موضوعاً، كلما كان ذلك مفهوم الدلالة؛ لتجلية النظم القرآني والترابط الموضوعي فيه.

9- الاستعانة بالألفاظ والتراكيب والجمل القرآنية في صدد التفسير والشرح والسياق والتأويل والدلالات والهدف والتدعيم والصور والمشاهد، كلما أمكن ذلك. وهذا ممكن في الأعم الأغلب حيث يوجد كثير من الآيات مطلقة في مكان، مقيدة في مكان آخر، وعامة في مكان، مخصصة في مكان آخر، كما يوجد كثير من الجمل المختلفة في الألفاظ المتفقة في المعاني والمقاصد. ثم بعد ذلك بالروايات إذا ما كانت متسقة مع المفهوم والسياق، ثم بأقوال المفسرين إذا كانت كذلك.

10- الإحالة على ما جاء في كتاب "القرآن المجيد" من بحوث حين تفسير الجملة، ومقاصدها، تفادياً من التكرار والتطويل.

11- عرض المعاني بأسلوب قريب المأخذ، سهل التناول والاستساغة، واجتناب الألفاظ الحوشية والخشنة والغريبة والعويصة.

12- شرح الكلمات والمدلولات والموضوعات المهمة المتكررة شرحاً وافياً وخالياً من الحشو عند أول مرة ترد فيها، والإحالة على الشرح الأول في مواطن تكررها.

وقد عَمَد المؤلف إلى وضع مقدمة تتضمن تعريفاً موجزاً للسورة قبل البدء بتفسيرها، ووصفها ومحتوياتها وأهم ما امتازت به، وما يتبادر من فحواها من صحة ترتيبها في النزول، وفي المصحف، وما في السور المكية من آيات مدنية، وفي السور المدنية من آيات مكية بحسب الروايات، والتعليق على ذلك بحسب المقتضى. وكذلك وضع عناوين للموضوعات والتعليقات الهامة التي تناولها بالبحث والشرح والبيان، ليسهل على من ينظر في التفسير مراجعة ما يريد منها.

وقد ارتأى المؤلف أن يجعل ترتيب التفسير وَفْق ترتيب نزول السورة، بحيث تكون أول السور المفسرة الفاتحة، ثم العلق، ثم القلم، ثم المزمل إلى أن تنتهي السور المكية، ثم سورة البقرة، فسورة الأنفال إلى أن تنتهي السور المدنية؛ وهذا المسلك يتسق مع المنهج الذي يراه أنه الأفضل لفهم القرآن وخدمته؛ إذ بذلك يمكن متابعة السيرة النبوية زمناً بعد زمن، كما يمكن متابعة أطوار التنزيل ومراحله بشكل أوضح وأدق، وبهذا وذاك يندمج القارئ في جو نزول القرآن، وجو ظروفه ومناسباته ومداه، ومفهوماته وتتجلى له حكمة التنزيل.

ثم إن المؤلف اعتمد الترتيب الذي جاء في مصحف الخطاط قدر وغلي؛ لأنه ذكر فيه أنه طُبع بتصريح من وزارة الداخلية المصرية، وإذن مشيخة المقارئ المصرية، وتحت إشراف لجنة خاصة من ذوي العلم، مع اجتهاد منه في تقديم وتأخير مواضع بعض السور.

وهذا هو ترتيب نزول السور على حسب ما ورد في مطالع سور هذا المصحف:

السور المكية: العلق، القلم، المزمل، المدثر، الفاتحة، المسد، التكوير، الأعلى، الليل، الفجر، الضحى، الشرح، العصر، العاديات، الكوثر، التكاثر، الماعون، الكافرون، الفيل، الفلق، الناس، الإخلاص، النجم، عبس، القدر، الشمس، البروج، التين، قريش، القارعة، القيامة، الهمزة، المرسلات، ق، البلد، الطارق، القمر، ص، الأعراف، الجن، يس، الفرقان، فاطر، مريم، طه، الواقعة، الشعراء، النمل، القصص، الإسراء، يونس، هود، يوسف، الحجر، الأنعام، الصافات، لقمان، سبأ، الزمر، غافر، فصلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف، الذاريات، الغاشية، الكهف، النحل، نوح، إبراهيم، الأنبياء، المؤمنون، السجدة، الطور، الملك، الحاقة، المعارج، النبأ، النازعات، الانفطار، الانشقاق، الروم، العنكبوت، المطففون.

السور المدنية: البقرة، الأنفال، آل عمران، الأحزاب، الممتحنة، النساء، الزلزلة، الحديد، محمد، الرعد، الرحمن، الإنسان، الطلاق، البينة، الحشر، النور، الحج، المنافقون، المجادلة، الحجرات، التحريم، التغابن، الصف، الجمعة، الفتح، المائدة، التوبة، النصر.

وقد صدَّر المؤلف تفسيره بمقدمة علمية، جعلها تحت عنوان [محتويات القرآن المجيد]، اشتملت هذه المقدمة على أربعة فصول، هي:

الفصل الأول: القرآن وأسلوبه ووحيه وأثره. اشتمل هذا الفصل على عشر عناوين هي:

- القرآن والمسلمون.

- القرآن وشخصية النبي صلى الله عليه وسلم.

- الدعوة القرآنية.

- أسلوب القرآن.

- القرآن والبيئة والسيرة النبوية.

- الوحي الرباني والوحي القرآني.

- أثر القرآن الروحي وبلاغته النظمية.

- أثر الدعوة القرآنية في نجاح الفتوحات الإسلامية.

- تطور سيرة النبي والتنزيل القرآني.

- القرآن والعرب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

الفصل الثاني: جمع القرآن وتدوينه وقراءاته ورسم المصحف وتنظيماته. اشتمل هذا الفصل على أحد عشر عنواناً هي:

- مجموعات من الروايات والأقوال في تدوين القرآن.

- روايات وأقوال في تدوين القرآن وجمعه.

- تابع إلى روايات وأقوال في تدوين القرآن.

- تعليقات على الروايات والأقوال وترجيح تدوين وترتيب القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومرجحات ذلك.

- تابع إلى تعليقات على الروايات والأقوال.

- خاتمة لموضوع تدوين القرآن.

- فصل السور بالبسملة، وفصل السور بالتسمية.

- كتابة ترتيب نزول السور القرآنية وعدد آياتها.

- شكل المصاحف ونقطها.

- رسم المصحف العثماني.

- القراءات.

الفصل الثالث: الخطة المثلى لفهم القرآن وتفسيره. اشتمل هذا الفصل على تمهيد وأحد عشر عنواناً هي:

- القرآن والسيرة النبوية.

- القرآن والبيئة النبوية.

- اللغة القرآنية.

- القرآن أسس ووسائل.

- القصص القرآنية.

- الملائكة والجن في القرآن.

- مشاهدات الكون ونواميسه.

- الحياة الأخروية في القرآن.

- ذات الله في القرآن.

- تسلسل الفصول القرآنية وسياقها.

- فهم القرآن من القرآن.

الفصل الرابع: نظريات وتعليقات على كتب المفسرين ومناهجهم. اشتمل هذا الفصل على تمهيد وأحد عشر عنواناً هي:

- روايات أسباب النزول.

- روايات التفسير.

- تعليقات المفسرين على القصص.

- تعليقات المفسرين على مشاهد الكون والجن والملائكة.

- التشاد المذهبي في سياق التفسير.

- الولع بأسرار القرآن ورموزه ومنطوياته.

- الولع بالتفريع والاستطراد.

- بحوث وآراء حول القرآن.

- روايات نزول القرآن بالمعنى وأثرها.

- الخلاف على خلق القرآن وأثره.

- النهي عن التفسير بالرأي وأثره.

انتهى المؤلف من تحرير تفسيره سنة (1960م)، وطُبع التفسير طبعة ثانية مع بعض التعديلات التي أجراها عليه المؤلف سنة (1966م). وصدرت طبعته الأخيرة عن دار الغرب الإسلامي في سنة (1421ه-2000م).

وقد طُبع هذا التفسير في عشرة أجزاء، مذيلة بفهارس علمية للأحاديث والأقوال، والفقه، والأعلام، والشعوب والقبائل والطوائف، والأماكن والأصنام، والأيام، والغزوات، والوقائع والأحلاف، والشعر، والكتب الواردة في التفسير.

قرَّظ هذا التفسير وأثنى عليه كلٌّ من:

- الشيخ محمد بهجة البيطار في مجلة المجمع العلمي العربي، الجزء الرابع من المجلد السابع والثلاثين، جمادى الأولى (1382هـ).

- مجلة المعلم العربي بدمشق، العدد الثاني سنة (1965م) السنة الثامنة عشرة.

- الشيخ عبد الفتاح أبو غدة.

- مجلة حضارة الإسلام لرئيس تحريرها الشيخ مصطفى السباعي.

www.islamweb.net