حدث في مثل هذا الأسبوع (24 محرم - 1 صفر)

15/09/2020| إسلام ويب

وفاة الشيخ المحقق شعيب الأرناؤوط 27 محرم سنة 1438 هـ (2016 م)
الشيخ شعيب الأرناؤوط أحد العلماء الذين خدموا السنة النبوية المطهرة، تحقيقا ودراسة وتدريسا لطلبة العلم، وهو صاحب التحقيقات المحررة التي شاع ذكرها في أنحاء العالم الإسلامي.
علم عظيم من أعلام التحقيق والتخريج لأصول السنة النبوية المشرفة، أمضى حياته بين الكتب والمخطوطات وقدم للأمة كتبا قيمة نافعة، وازداد نفعها بتحقيقه لها.
خدم التراث العربي والإسلامي فأفنى عمره ينقب ويحقق ويطابق ويصحح ليخرج لنا عيون التراث كدر منثور بأكثر من مائتي مجلد.

المولد والنشأة
ولد الشيخ أبو أسامة شعيب بن محرم بن علي الألباني الأرناؤوط عام 1928 م في العاصمة السورية دمشق، وهو ينحدر من أسرة ألبانية الأصل، هاجرت إلى دمشق سنة 1926م، وكان والده من أهل العلم.
وكلمة "الأرناؤوط" هي اسم يطلقه الأتراك على كل سكان ألبانيا (بلاد البلقان) والواقعة على بحر الأدرياتيك، ومع توسع الدولة العثمانية في البلاد العربية وشمال إفريقيا هاجر الكثير من أبناء هذه القومية شأنهم شأن (الشركس والبوشناق والأباظه) إلى أنحاء الولايات العثمانية وقد استوطنوها واندمجوا مع السكان ولا يزال بعضهم يحتفظون بلقبهم الأرناؤوطي ولذا نجد الاسم في: سوريا ولبنان وفلسطين والعراق والأردن ومصر وتونس والجزائر وليبيا.
حياته العلمية
درس الشيخ شعيب اللغة العربية في سن مبكرة، وتعلم مبادئ الإسلام، وحفظ أجزاء كثيرة من القرآن الكريم، وخلال حوالي عشر سنوات ظل يتردد على مساجد دمشق ومدارسها القديمة لدراسة اللغة في علومها المختلفة من نحو وصرف وأدب وبلاغة.
تتلمذ الشيخ شعيب في علوم العربية على كبار أساتذتها وعلمائها في دمشق آنذاك، منهم الشيخ صالح الفرفور والشيخ عارف الدوجي اللذَيْن كانا من تلاميذ علامة الشام في عصره الشيخ بدر الدين الحسني، فقرأ عليهما أشهر مصنفات اللغة والبلاغة العربية، منها: شرح ابن عقيل، و"كافية" ابن الحاجب، و"المفصل" للزمخشري، و"أسرار البلاغة" و"دلائل الإعجاز" لعبد القاهر الجرجاني.
وبعد دراسته اللغة العربية، اتجه الشيخ شعيب لدراسة الفقه، خاصة فيما يتعلق بالمذهب الحنفي، إضافة إلى دراسته تفسير القرآن الكريم والحديث وكتب الأخلاق، واستغرق في دراسة الفقه سبع سنوات، وكان في تلك المرحلة قد جاوز الثلاثين. 

حياته العملية
زاول مهنة تدريس اللغة العربية عام 1955، لكنه تركها لاحقا ليتفرغ للاشتغال بتحقيق التراث العربي الإسلامي لأنه رأى انتشار القصور الواضح في معرفة صحيح الحديث من سقيمه، وذلك جعله يدرك أهمية التخصص في علم السنة؛ ليتمكن من تحقيق كتبها، فعقد العزم على الاضطلاع بهذه المهمة الصعبة، فترك لأجلها مهنة تدريس اللغة العربية، وفرغ نفسه للاشتغال بتحقيق التراث العربي الإسلامي.

البداية في دمشق

كانت بدايته الأولى في المكتب الإسلامي بدمشق عام 1958م، حيث ترأس فيه قسم التحقيق والتصحيح مدة عشرين عاما، حقق فيها أو أشرف على تحقيق ما يزيد على سبعين مجلدا من أمهات كتب التراث في شتى العلوم. 
نشر فيها مجموعة من كتب الحنابلة ،مثل كتاب "المبدع" لابن مفلح في الفقه الحنبلي المقارن في عشرة مجلدات، و"زاد المسير في علم التفسير" لابن الجوزي في تسع مجلدات، و"مشكاة المصابيح "للخطيب التبريزي المحدث وليس اللغوي المعروف، و"المنازل والديار"لأسامة بن منقذ، وغيرها من الأعمال قبل أن يغادر المكتب الإسلامي عام 1977م.

ثم انضم إلى مؤسسة الرسالة في دمشق، وكان كتاب "زاد المعاد " لابن القيم باكورةَ الأعمال العلمية المباركة التي نهضت هذه المؤسسة بأعباء نشرها، فصدر الكتاب في خمسة مجلدات، ولقي من القبول والرضا ما جعله قُرّةَ عين المؤسسة إلى يوم الناس هذا، حيث طُبِعَ أكثر من ستين طبعة، وتلقفته الأيدي بالقراءة والإفادة من جميع مستويات الباحثين، ومنحت المؤسسة الجديدة الشيخ شعيب كل معالم الاحترام، وعَهِدَتْ إليه باختيار ما يراه مناسباً للنشر من الكتب التراثية النافعة التي تمَسُّ إليها حاجة الباحثين، فكان كتاب "سيَر أعلام النبلاء "للحافظ الذهبي هو الكتاب الثاني الذي شرع الشيخ الأرناؤوط في تحقيقه واختيار مجموعة من أذكياء الباحثين لمساعدته للقيام بهذا العمل الجليل حيث صدر الكتاب في خمسة وعشرين مجلداً فيها من الجهود العلمية في التحقيق والتخريج وتوضيح مقاصد النص ما هو قاض بمكانة هذا الشيخ وجلالة قدره. 

إلى عمان
لكن ظروفًا كثيرة أحاطت بالشيخ وبالمؤسسة اضطرتهم إلى الهجرة من دمشق الشام والرحيل إلى عمان البلقاء عام 1982م حيث استأنف العمل في "سير أعلام النبلاء"، وكان قد شرع في المرحلة نفسها في تحقيق كتاب "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان "وصدر في ثمانية عشر مجلدًا ضمن تحقيق بديع يشهد بمكانته العلمية النادرة.
في عمان، كان كتاب "شرح مشكل الآثار "للإمام الطحاوي هو العملَ الأولَ الذي وقع عليه الاختيار، وهو كتابٌ لا نظيرَ له في بابه من دواوين السنة الشريفة، تصدى فيه الطحاوي لجميع المشكلات العلمية التي كانت مثارَ شُبهةٍ في زمانه على مستوى المتن تحديدًا، وأبدع في توجيه النصوص، وتحرير المقاصد على الوجه الصحيح في حدود مشكلات عصره، وصدر الكتاب في ستة عشر مجلدا. 
وفي عام 1411هجرية الموافق 1991م ، سمتْ همّةُ الشيخ إلى ديوان السنة الأعظم "مسند الإمام أحمد "، وتوفّر عليه عشراً متواصلة من السنوات حتى أخرجه في خمسين مجلداً. 
اعتمد الشيخ شعيب على منهج خاص في التحقيق وصف بالمتزن، وطبقه في معظم الكتب التي حققها أو أشرف على تحقيقها، ويقضي منهجه بأن لا ينحصر عمله في أن يُخرج النص مصححا كما كتبه المؤلف وحسب، وإنما يتعدى ذلك إلى تتبع ما أورده المؤلف من أفكار، وما رجحه من أقاويل، وبيان ما جانب فيه الصواب.
آثاره في التحقيق
بلغ ما حقَّقه الشيخ شعيب الأرنؤوط أو أشرف على تحقيقه، نيِّفاً وأربعين ومائتي مجلد، شملت كتب السُّنة النَّبوية، والفقه، وتفسير القرآن، والتَّراجم، والعقيدة، ومصطلح الحديث، والأدب وما إلى ذلك.
أما أهمُّ هذه الأعمال وأبرزها فهي:
أ- في المكتب الإسلامي:
1- (شرح السُّنة) للبغوي، ستة عشر مجلَّداً.
2- (روضة الطَّالبين) للنَّووي، بالاشتراك مع الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، اثنا عشر مجلَّداً.
3- (مهذَّب الأغاني) لابن منظور، اثنا عشر مجلَّداً. 
4- (المبدع في شرح المقنع) لابن مفلح الحنبلي، عشرة مجلَّدات.
5- (زاد المسير في علم التَّفسير) لابن الجوزي، بالاشتراك مع الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، تسعة مجلَّدات.
6- (مطالب أولي النُّهى في شرح غاية المنتهى) للرحيباني، بالاشتراك مع الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، ستَّة مجلَّدات. 
7- (الكافي في فقه الإمام المبجَّل أحمد بن حنبل) لابن قدامة، بالاشتراك مع الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، ثلاثة مجلَّدات. 
8- (منار السَّبيل في شرح الدَّليل) لابن ضويان، مجلّدان. 
9- (المنازل والدِّيار) لأسامة بن منقذ، مجلّدان. 
10- (مسند أبي بكر) للمروزي، مجلّد.

ب- في مؤسَّسة الرِّسالة:
1- (سير أعلام النُّبلاء) للذَّهبي، خمسةٌ وعشرون مجلَّداً.
2- (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبَّان) بترتيب الأمير علاء الدِّين الفارسي، ثمانية عشر مجلَّداً. 
3- (سنن النَّسائي الكبرى)، بالاشتراك مع حسن شلبي، اثنا عشر مجلَّداً.
4- (العواصم والقواصم في الذبِّ عن سنة أبي القاسم) لابن الوزير، تسعة مجلَّدات. 
5- (سنن التِّرمذي)، ستة مجلَّدات. 
6- (سنن الدَّارقطني)، بالاشتراك مع حسن شلبي، خمسة مجلَّدات.
7- (زاد المعاد في هدي خير العباد) لابن القيِّم، بالاشتراك مع الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، خمسة مجلَّدات. 
8- (تاريخ الإسلام) للذهبي، بالاشتراك مع الدكتور بشار عواد معروف، صدر منه أربعة مجلَّدات. 
9- (التعليق الممجَّد شرح موطَّأ محمد) لأبي الحسنات اللَّكنَوي، أربعة مجلَّدات. 
10- (مسند الإمام أحمد)، صدر في خمسين مجلداً.
11- (الآداب الشَّرعيَّة والمنح المرعية) لابن مفلح الحنبلي، بالاشتراك مع عمر حسن القيَّام، أربعة مجلَّدات. 
12- (طبقات القرَّاء) للذهبي، بالاشتراك مع الدكتور بشار معروف، مجلَّدان. 
13- (موارد الظمآن بزوائد صحيح ابن حبَّان) للهيثمي، بالاشتراك مع رضوان عرقسوسي، مجلَّدان. 
14- (شرح العقيدة الطحاويَّة) لابن أبي العز، بالاشتراك مع الدكتور عبد الله التُّركي، مجلَّدان. 
15- (رياض الصَّالحين) للنَّووي، مجلَّد. 
16- (المراسيل) لأبي داود، مجلَّد.
وفاته
توفي الشيخ شعيب ليلة الجمعة 27 محرم سنة 1438هـ، الموافق يوم 27 أكتوبر 2016 م في العاصمة الأردنية عمان عن عمر ناهز الـ88 عاماً رحمه الله وطيب ثراه وجعل الجنة مثواه.

www.islamweb.net