الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يكثر من هجراني لأقل سبب، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زوجي يهجرني عند أقل خطأ أقوم به دون أن يناقشني، ودائمًا أطلب منه مناقشتي أو الاستماع لرأيي دون عصبية، لكنه مباشرة يترك الفراش ويخرج لغرفة أخرى.

أحيانًا يهجرني بالكلام فلا يكلمني أبدًا، والغالب أنه يهجرني في الفراش حتى لو كان نقاشًا عاديًا يتهرب منه ويخرج من المكان كله، وينام في غرفة أخرى، حتى أنه أحيانًا يرفض أن يأكل معي، أو أن يراني.

وكثرة استخدامه لهذا الأسلوب في كل مشكلة، صغيرة وكبيرة، جعلني أشعر بعدم الأمان معه، وأنا في غربة لا أحد لي في هذا البلد سواه.

هل هذا حقه؟ أم أنه تعسف في استخدام هذه الوسيلة التأديبية للمرأة الناشز -كما يدعي- الواردة في القران الكريم؟ وما حدود استخدام الهجران؛ لأنه ألحق بي ضررًا نفسيًا كبيرًا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يُديم الألفة والمودة بينك وبين زوجك، وأن ييسّر لك الأسباب التي تكسبين بها قلب زوجك، وتقدرين على التكيُّف معه بما يضمن كمال الود والتوافق.

ونصيحتنا لك: أن تجتهدي في التعرُّف على مواطن وأسباب غضب الزوج، فتحاولي تجنُّبها بقدر الاستطاعة، ولو كان ذلك بما تسمينه أنت نقاشًا، أو إبداء رأيٍ، أو نحو ذلك.

وإذا غلبت نفسك وقدرتِ على السيطرة على نفسك وكسبتِ زوجك؛ فإن كل هذه الخلافات التي تتكلّمين عنها ستقلّ أو ستختفي، وستجدين زوجك مع مرور الأيام يعتدل قليلًا قليلًا.

لا تظنّي بأن هذا هضمًا لحقوقك، أو جورًا عليك؛ فإن هذا من باب التخلّي عن بعض الحق من أجل إصلاح الحال، وقد أرشد الله سبحانه وتعالى المرأة إلى هذا إذا خافت من زوجها النشوز، وهو أشبه ما يكون بحال زوجك، فقال سبحانه وتعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128].

فدعاها إلى الصلح، ومعنى ذلك أنها ستتنازل وتترك بعض حقوقها، حتى تكسب وتحافظ على ما بقي، وهذا لا يعني أن زوجك مُصيب دائمًا، ولكن في بعض الأحيان لا تصلح الأحوال بالحرص على استيفاء الحقوق، بل يكون إصلاحها بنوع من التغاضي، وأن يتنازل صاحب الحق عن بعض حقوقه، والتغافل عن بعض الأخطاء، وكما قيل:
ليس الغبي بسيدٍ في قومه لكن سيّد قومه المتغابي

فيحسن من الإنسان أحيانًا أن يتغابى، وأن يتجاوز عن بعض الأمور والتفصيلات، وألَّا يحرص على نقاشها والأخذ والرد فيها، ليس غباءً ولا غفلةً منه، ولكن محافظةً على الود وتجنُّبًا لأسباب الكراهية والنزاع والشقاق.

ومع هذا حاولي بأسلوب رفيق وسهل -مُحبَّبٌ لدى الزوج- تذكيره بحقوق الزوج والزوجة معًا، ولو بإسماعه المواعظ والتوجيهات الشرعية ممَّن يُحبّ السماع منهم، وأن تحاولي إنشاء علاقات أسرية مع أسر فيها رجال صالحون قد يتأثّر بهم، وتذكّري دائمًا أن الصبر عواقبه دائمًا إلى خير، كما قيل:
الصبر مثل اسمه مُرٌّ مذاقتُه لكن عواقبه أحلى من العسل

والإجراءات التأديبية التي شرعها الشرع الإسلامي للزوج لمعالجة زوجته مرتّبة على مراحل، فإذا بَدَتْ منها أوائل علامات النشوز فإنه دُعي إلى وعظها وتذكيرها، فإذا تحقق النشوز -وهو معصية الزوج والترفُّع عليه- فهنا تبدأ المراحل الأخرى، وهي: المرحلة الأولى الهجر، ثم يليها بعد ذلك العقاب البدني الذي يُفيد بشروطه وضوابطه المعروفة، فالهجر لا يُشرع إلَّا إذا تحقَّق الزوج من وقوع الزوجة في النشوز.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُصلح ما بينك وبين زوجك، ويُديم الألفة بينكما، ويُعينك على إصلاح الحال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً