( فصل في ( من نقضه ) أي : العهد ( بمخالفته شيئا مما صولحوا عليه ) مما ينتقض العهد به على ما يأتي تفصيله ( حل ماله ودمه ) لما في كتاب أهل الجزيرة إلى نقض العهد ) وما يتعلق به " وإن نحن غيرنا أو خالفنا عما شرطنا على أنفسنا وقبلنا الأمان [ ص: 143 ] عليه فلا ذمة لنا وقد حل لك منا ما يحل لأهل المعاندة والشقاق " وأمره عبد الرحمن بن غنم أن يقرهم على ذلك ( ولا يقف نقضه ) أي العهد ( على حكم الإمام ) بنقضه ، حيث أتى ما ينقضه لمفهوم ما سبق . عمر
( فإذا امتنع ) أحدهم ( من بذل الجزية أو ) من ( التزام أحكام ملة الإسلام ، بأن يمتنع من جري أحكامنا عليه ، ولو لم يحكم بها عليه حاكمنا ) خلافا لما في المغني والشرح انتقض عهده ; لأن الله تعالى أمرنا بقتالهم حتى يعطوا الجزية ، ويلتزموا أحكام الملة الإسلامية ; لأنها نسخت كل حكم يخالفها فلا يجوز بقاء العهد مع الامتناع من ذلك ( أو أبى الصغار ، أو قاتل المسلمين منفردا ، أو مع أهل الحرب أو لحق بدار حرب مقيما بها انتقض عهده ) ; لأنه صار حربا لنا بدخوله في جملة أهل الحرب .
( ولو لم يشترط عليهم ) أنهم إذا فعلوا شيئا من ذلك انتقض عهدهم ; لأن ذلك هو مقتضى العقد ( وكذا لو تعدى الذمي على مسلم ولو عبدا بقتل عمدا ) قيده به في خلافه الصغير ( أو فتنه عن دينه أو تعاون على المسلمين بدلالة ، مثل مكاتبة المشركين ومراسلتهم بأخبارهم ) أي المسلمين ( أو زنى بمسلمة ولا يعتبر فيه ) أي : الزنا من حيث نقض العهد ( أداء الشهادة على الوجه المعتبر في المسلم بل يكفي استفاضة ذلك واشتهاره قاله أبو الخطاب الشيخ ) .
قال في المبدع : وفيه شيء ( أو أصابها ) أي : المسلمة ( باسم نكاح ) وقياس الزنا اللواط بالمسلم على ما ذكره السراج البلقيني الشافعي ( أو ) تعدى ( بقطع طريق أو تجسيس للكفار ، أو إيواء جاسوسهم ) وهو عين الكفار ( أو ذكر الله تعالى أو كتابه أو دينه أو رسوله بسوء ونحوه ) لما روي عن أنه رفع إليه ذمي أراد استكراه امرأة على الزنا فقال : ما على هذا صالحناكم وأمر به فصلب في عمر بيت المقدس وقيل " إن راهبا يشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لو سمعته لقتلته ، إنا لم نعط الأمان على هذا " ولأن في ذلك ضررا على المسلمين أشبه الامتناع من الصغار ( فإن سمع المؤذن يؤذن ، فقال له : كذبت قال ) الإمام ( لابن عمر يقتل ) و ( لا ) ينتقض عهده ( بقذف المسلم وإيذائه بسحر في تصرفه ) كإبطال بعض أعضائه ; لأن ضرره لا يعم المسلمين [ ص: 144 ] أشبه ما لو لطمه ، بخلاف ما سبق ، فإن فيه غضاضة على المسلمين ، خصوصا بسب الله تعالى ، ورسوله ودينه . أحمد
( ولا ينتقض بنقض عهده عهد نسائه وأولاده الصغار الموجودين ، لحقوا بدار الحرب أو لا ) ; لأن النقض وجد منه دونهم ، فاختص حكمه به ( ولو لم ينكروا ) عليه ( النقض ) وأما من حملت به أمه وولدته بعد النقض فإنه يسترق ويسبى ، لعدم ثبوت الأمان له وإن نقض بعضهم دون بعض اختص حكم النقض بالناقض ولو سكت غيره وإن لم ينقضوا لكن خاف منهم النقض لم يجز أن ينبذ إليهم عهدهم ; لأن عقد الذمة لحقهم بدليل أن الإمام يلزمه إجابتهم إليه بخلاف عقد الأمان والهدنة فإنه لمصلحة المسلمين .
( وإن أظهر ) الذمي ( منكرا أو رفع صوته بكتابه ، أو ركب الخيل ونحوه ) مما تقدم أنهم يمنعون منه ( لم ينقض عهده ) بذلك ; لأن العقد لا يقتضيه ولا ضرر على المسلمين فيه ( ويؤدب ) لارتكابه المحرم .
( وحيث انتقض ) عهده ( خير الإمام فيه كالأسير الحربي على ما تقدم ) لفعل ولأنه كافر لا أمان له أشبه الأسير ، وكما لو دخل متلصصا ( وماله فيء ) ; لأن المال لا حرمة له في نفسه ، إنما هو تابع لمالكه حقيقة ، وقد انتقض عهد المالك في نفسه فكذا في ماله . عمر
وقال أبو بكر يكون لورثته وهو مقتضى ما تقدم في الأمان وسبق ما فيه ( ويحرم قتله لأجل نقضه العهد إذا أسلم ولو لسبه النبي صلى الله عليه وسلم ) لعموم قوله تعالى { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } وقوله صلى الله عليه وسلم { } ويحرم أيضا رقه بعد إسلامه ، لا إن كان رق قبل ( ويستوفى منه ما يقتضيه القتل ) إذا أسلم وقد قتل : من قصاص ، أو دية ; لأنه حق آدمي . الإسلام يجب ما قبله
ولا يسقط بإسلامه كسائر حقوقه ( وقيل يقتل سابه ) صلى الله عليه وسلم ( بكل حال ) وإن أسلم ( اختاره جمع ) منهم ابن أبي موسى وابن البناء والسامري .
( قال الشيخ وهو الصحيح من المذهب ) قال في المبدع : ونص عليه ; لأنه قذف لميت فلا يسقط بالتوبة . أحمد
( وقال إن سبه صلى الله عليه وسلم حربي ثم تاب بإسلامه ، قبلت توبته إجماعا ) للآية والحديث السابقين ( وقال : من تولى منهم ) أي : من أهل الذمة ( ديوان المسلمين انتقض عهده وتقدم ) في باب ما يلزم الإمام والجيش .
( وقال إن جهر بين المسلمين بأن المسيح هو الله ) تعالى عما يقولون [ ص: 145 ] علوا كبيرا ( عوقب على ذلك إما بقتل أو بما دونه ) أي لإتيانه بهتانا عظيما و ( لا ) يعاقب بذلك ( إن قاله سرا في نفسه أو قال ) ذمي : ( هؤلاء المسلمون الكلاب أبناء الكلاب إن أراد طائفة معينة من المسلمين عوقب عقوبة تزجره وأمثاله ) عن أن يعود لذلك القول الشنيع .
( وإن ظهر منه قصد العموم انتقض عهده ووجب قتله ) لما فيه من الغضاضة على المسلمين ومن جاءنا بأمان ثم نقض العهد ، وقد حصل له ذرية فكذمي ، وتقدم وتخرج نصرانية لشراء الزنار ولا يشتري مسلم لها ; لأنه من علامات الكفر ، ويأتي في عشرة النساء ولا يأذن المسلم لزوجته النصرانية أو أمته كذلك أن تخرج إلى عيد أو تذهب إلى بيعة وله أن يمنعها ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم .