( باب يذكر فيه أقسام الخيار في البيع والتصرف في المبيع ) قبل قبضه ( وقبضه والإقالة ) وما يتعلق بذلك ( الخيار : اسم مصدر اختار ) يختار اختيارا لا مصدره ، لعدم جريانه على الفعل ( وهو ) أي الخيار في بيع وغيره ( طلب خير الأمرين ) وهما هنا : الفسخ والإمضاء ( وهو ) أي الخيار على ما هنا بحسب أسبابه ( سبعة أقسام ) وتقدم الثامن كما يأتي التنبيه عليه في كلامه .
( أحدها : ) بكسر اللام وأصله مكان الجلوس والمراد هنا مكان التبايع على أي حال كانا ( فيثبت ) خيار المجلس ( ولو لم يشترطه ) العاقد ( في البيع ) متعلق بيثبت لحديث { خيار المجلس } متفق عليه من حديث البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ابن عمر وحمله على أنهما بالخيار قبل العقد : غير صحيح لرواية { وحكيم بن حزام } فجعل لهما الخيار بعد تبايعهما . إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار
( و ) يثبت [ ص: 199 ] خيار المجلس ( في الشركة فيه ) أي فيما إذا أشركه في ملكه بالنصف ونحوه بقسطه من ثمنه المعلوم ، كما يأتي لأنها صورة من صور البيع بتخيير الثمن ( و ) يثبت خيار المجلس ( في الصلح على مال ) عن دين أو عين أقر بهما ; لأنه بيع كما يأتي في بابه .
( و ) يثبت خيار المجلس في ( الإجارة على العين ) كدار وحيوان ( ولو كانت مدتها تلي العقد ) بأن أجره الدار مثلا شهرا من الآن ( أو ) كانت الإجارة على ( نفع في الذمة ) بأن استأجره لخياطة ثوب أو بناء حائط ونحوه لأن الإجارة نوع من البيع ( و ) يثبت خيار المجلس ( في الهبة إذا شرط فيها ) الواهب ( عوضا معلوما ) لأنها حينئذ بيع وكون البيع وما بمعناه مما ذكر يثبت فيه خيار المجلس ( بمعنى أنه يقع جائزا ، سواء كان فيه ) أي في البيع بصوره المذكورة ( خيار شرط أم لا ) فكل من العاقدين له إمضاء البيع وفسخه غير كتابة فلا خيار فيها لأنها وسيلة للعتق .
( و ) غير ( تولي طرفي عقد بيع ، و ) تولي ( طرفي عقد هبة بعوض ) أو تولي طرفي صلح بمعنى بيع ، وسائر صور البيع السابقة إذا تولى طرفيها واحد لا خيار فيها لانفراد العاقد بالعقد كالشفيع وغير قسمة إجبار فلا خيار فيها ( لأنها إفراز حق لا بيع ) .
وخرج بقسمة الإجبار كما في المنتهى وغيره ويأتي في القسمة التنبيه على ما فيه ( وغير شراء من يعتق عليه ) لقرابة أو تعليق ، كما لو باشر عتقه . قسمة التراضي فيثبت فيها خيار المجلس
( قال المنقح : أو يعترف بحريته قبل الشراء ) بأن أقر بأنه حر أو شهد بذلك فردت شهادته ثم اشتراه لم يثبت له خيار المجلس ; لأنه صار حرا باعترافه السابق وشراؤه له افتداء كشراء الأسير وليس شراء حقيقة ( ويثبت ) خيار المجلس ( فيما ) أي في عقد بيع ما ( قبضه شرط لصحته ) أي صحة عقده ( كصرف وسلم وبيع مال الربا بجنسه ) يعني بيع مكيل وموزون بموزون ، ولو من غير جنسه فالمراد بجنسه : المجانس له في الكيل أو الوزن فقط .
( ولا يثبت ) خيار المجلس ( في بقية العقود ) والفسوخ ( كالمساقاة ، والمزارعة ، والحوالة ، والإقالة ، والأخذ بالشفعة ، والجعالة ، والشركة والوكالة ، والمضاربة والعارية ) والمسابقة ( والهبة بغير عوض ، الوديعة ، والوصية قبل الموت ) ; لأنه لا أثر لرد الموصى له ولا لقبوله قبله كما يأتي .
( ولا في النكاح ، والوقف ، والخلع ، والإبراء ، والعتق على مال والرهن ، والضمان والكفالة ) والصلح عن نحو دم عمد ; لأن ذلك كله [ ص: 200 ] ليس بيعا ولا في معناه .
( ولكل من المتبايعين الخيار ) أي خيار المجلس ( ما لم يتفرقا بأبدانهما عرفا ولو أقاما فيه ) أي : في المجلس ( شهرا أو أكثر ) من شهر ( ولو ) أقاما ( كرها ) فهما على خيارهما لعدم التفرق ( فإن تفرقا باختيارهما سقط ) خيارهما ولزم البيع لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم { } ( لا ) إن تفرقا ( كرها ومعه ) أي : مع تفرقهما مكرهين لا يسقط خيارهما . ما لم يتفرقا
( ويبقى الخيار ) لهما ( في ) هذا الحال إلى أن يتفرقا من ( مجلس زال الإكراه فيه ) ; لأن فعل المكره لا يعتد به شرعا ( فإن أكره أحدهما ) وحده على التفرق ( انقطع خيار صاحبه ) لتفرقه باختياره ( ويبقى الخيار للمكره منهما في ) حال تفرقه في ( المجلس الذي زال فيه الإكراه حتى يتفرقا عنه ) اختيارا لما تقدم .
( فإن تراءيا ) أي : المتبايعان وهما في مجلس التبايع ( سبعا أو ظالما خشياه فهربا فزعا منه أو حملهما ) من مجلس التبايع ( سيل ، أو فرقتهما ريح ، فكإكراه قاله ) فيثبت لهما الخيار إلى أن يتفرقا من مجلس زال فيه ذلك ; لأن فعل الملجأ غير منسوب إليه . ابن عقيل
( ومتى تم العقد وتفرقا ) من مجلسه ( لم يكن لواحد منهما الفسخ ) للزوم البيع كما تقدم ( إلا بعيب أو خيار كخيار شرط أو غبن أو تدليس أو نحوه على ما يأتي ) في الباب مفصلا ( أو بمخالفة شرط صحيح اشترط ) وكذا فاسد لمن فات غرضه كما تقدم في الباب قبله .