( وإن ) لزمه ذلك ; لأنه من كمال الحفظ ، بل هو الحفظ بعينه ، ; لأن العرف يقتضي علفها وسقيها فهو مأمور به عرفا ( أو أودعه بهيمة ولم يأمره ) ربها ( بعلفها و ) لا ( سقيها ( لزمه ) علفها وسقيها ; لأنه من حفظها ( فإن لم يعلفها ) الوديع ، أو لم يسقها ( حتى ماتت ) البهيمة المودعة جوعا ، أو عطشا ( ضمن ) ها الوديع لتفريطه في حفظها وتعديه بترك ما أمر به عرفا ، أو نطقا ( إلا أن ينهاه ) أي : الوديع ( المالك عن علفها ) ، أو سقيها فيتركه فتتلف ( فلا يضمن ) الوديع ; لأن مالكها أذنه في إتلافها ، أشبه ما لو أمره بقتلها ( لكن يأثم ) الوديع بترك علفها وسقيها حتى مع الأمر بتركهما لحرمة الحيوان . أمره ) رب البهيمة ( بذلك ) أي : بعلفها وسقيها
( وإن قدر المستودع على صاحبها ) أي : البهيمة ( أو ) قدر على ( وكيله طالبه بالإنفاق عليها أو ) طالبه ( بردها ) أي : البهيمة ( عليه ) أي : على مالكها ، أو وكيله ( أو ) طالبه بأن ( يأذن له في الإنفاق عليها ليرجع ) الوديع ( به ) أي : بما أنفقه ; لأن واجبة على مالكه ، وهذه طريق الوصول إليها منه ( فإن عجز ) المستودع عن صاحبها وعجز عن . النفقة على الحيوان
( وكيله ) ، أو لم يقدر على أن يتوصل إلى أحدهما ليطالبه بالإنفاق عليها ، أو استردادها ، أو أن يأذنه في النفقة ( رفع ) المستودع ( الأمر إلى الحاكم فإن وجد ) الحاكم ( لصاحبها مالا أنفق عليها منه ) ; لأن للحاكم ولاية على مال الغائب .
( وإن لم يجد ) الحاكم لصاحبها مالا ( فعل ) الحاكم ( ما يرى فيه الحظ ) أي : ما يؤديه إليه اجتهاده أنه أحظ ( لصاحبها من بيعها ) ، وحفظ ثمنها لربها ( أو بيع بعضها وإنفاقه ) أي : ثمن البعض ( عليها ) أي : على ما بقي منها ( أو إجارتها ) وينفق من أجرتها عليها ويحفظ الباقي ( أو الاستدانة على صاحبها فيدفعه ) أي : ما يستدينه الحاكم ( إلى المودع ، أو ) إلى أمين ( غيره فينفق ) المدفوع إليه ( عليها ) منه بحسب الحاجة .
( ويجوز ) للحاكم ( أن يأذن للمودع أن ينفق عليها من ماله ) ليرجع على ربها إذا جاء ( ويكون المودع ) حينئذ ( قابضا من نفسه ) لما ينفقه عليها ( لنفسه ) وتقدم نظيره في قبض المبيع ونحوه ( ويكل ) أي : يفوض الحاكم ( ذلك إلى اجتهاده ) أي : المودع ( في قدر ما ينفق ) على البهيمة المودعة مع أمانته قلت :
والأحوط أن يقدر له ما ينفقه قطعا للنزاع بعد ( ويرجع ) المستودع ( به ) أي : بما أنفقه [ ص: 171 ] بإذن الحاكم ( على صاحبها ) لقيام إذن الحاكم مقام إذنه ( فإن بأن قال المودع : أنفقت عشرة وقال ربها : بل ثمانية ( ف ) القول ( قول المودع ) بفتح الدال بيمينه ( إذا ادعى النفقة بالمعروف ) ; لأنه أمين ( وإن ادعى ) المودع ( زيادة ) عن النفقة بالمعروف ، أو عما قدره له الحاكم إن قدر شيئا ( لم تقبل ) دعواه لمنافاة العرف لها . اختلفا ) أي : المودع وربها ( في قدر النفقة )
( وإن ، بأن قال ربها : أنفقت منذ سنة ، فقال المستودع : بل من سنتين ( فقول صاحبها ) بيمينه ، ; لأن الأصل براءة ذمته مما ادعاه عليه من المدة الزائدة ، وتقدم نظيره في ولي اليتيم . اختلفا ) أي : رب البهيمة والمودع ( في قدر المدة ) أي : مدة الإنفاق
( وإذا رجع به ) أي : بما أنفقه لما مر ( وإن كان ) أنفق ) المستودع ( عليها بإذن حاكم أي : على أنه أنفق ليرجع ( رجع ) بما أنفقه على صاحبها لقيامه عنه بواجب ( وإن كان ) المستودع أنفق ( بغير إذنه ) أي : الحاكم ( مع تعذره ) أي : إذن الحاكم وغيبة ربها أو العجز عن استئذانه ( وأشهد ) المستودع ( على الإنفاق ) لم يرجع ) على صاحبها بشيء مما أنفقه صححه هنا في الإنصاف لعدم إذن ربها ، أو من يقوم مقامه مع قدرته عليه ( وقيل : يرجع ) المستودع بما أنفقه عليها على ربها إذا تعذر استئذانه ، ولو لم يستأذن حاكما مع قدرته ولم يشهد ( اختاره جمع ) ، منهم : المستودع أنفق على البهيمة ( مع إمكان إذن الحاكم ولم يستأذنه ) أي : الحاكم مع العجز من استئذان ربها ( بل نوى الرجوع ابن عبدوس في تذكرته ، وجزم به في المنتخب وصححه الحارثي وصاحب الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق ، قال في الإنصاف : وهو الصواب انتهى .
وجزم به المصنف وصاحب المنتهى وغيرهما في الرهن وقطع به ابن رجب في القاعدة الخامسة والسبعين ، كما دل عليه السياق ، فلا تعارض بين الكلامين ، لكن لا يناسبه قوله : وتقدم في الرهن ، إلا أن يحمل ما هنا على ما إذا لم ينهه عن علفها وما هناك على ما إذا نهاه عنه ( وتقدم في الرهن ) ، .