قوله : " قيما " قرأه الكوفيون وابن عامر بكسر القاف ، والتخفيف وفتح الياء .
وقرأه الباقون بفتح القاف وكسر الياء المشددة ، وهما لغتان : ومعناه الدين المستقيم الذي لا عوج فيه ، وهو صفة لدينا وصف به مع كونه مصدرا مبالغة ، وانتصاب ملة إبراهيم على أنها عطف بيان لدينا ، ويجوز نصبها بتقدير أعني ، و حنيفا منتصب على أنه حال من إبراهيم ، قاله . الزجاج
وقال علي بن سليمان : هو منصوب بإضمار أعني .
والحنيف المائل إلى الحق ، وقد تقدم تحقيقه وما كان من المشركين في محل نصب معطوف على حنيفا ، أو جملة معترضة مقررة لما قبلها .
قوله : قل إن صلاتي أمره الله سبحانه أن يقول لهم : بهذه المقالة عقب أمره بأن يقول لهم بالمقالة السابقة ، قيل : ووجه ذلك أن ما تضمنه القول الأول إشارة إلى أصول الدين ، وهذا إلى فروعها .
والمراد بالصلاة جنسها فيدخل فيه جميع أنواعها ، وقيل : المراد بها هنا صلاة الليل ، وقيل : صلاة العيد .
والنسك : جمع نسيكة ، وهي الذبيحة كذا قال مجاهد والضحاك ، ، وغيرهم : أي ذبيحتي في الحج والعمرة . وسعيد بن جبير
وقال الحسن : ديني .
وقال : عبادتي من قولهم : نسك فلان هو ناسك : إذا تعبد ، وبه قال جماعة من أهل العلم الزجاج ومحياي ومماتي أي ما أعمله في حياتي ومماتي من أعمال الخير ، ومن أعمال الخير في الممات الوصية بالصدقات وأنواع القربات ، وقيل : نفس الحياة ونفس الموت لله قرأ الحسن " نسكي " بسكون السين .
وقرأ الباقون بضمها .
وقرأ أهل المدينة " محياي " بسكون الياء .
وقرأ الباقون بفتحها لئلا يجتمع ساكنان .
قال النحاس : لم يجزه ، أي السكون أحد من النحويين إلا يونس ، وإنما أجازه لأن المدة التي في الألف تقوم مقام الحركة .
وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وعاصم الجحدري " محيى " من غير ألف وهي لغة عليا مضر ، ومنه قول الشاعر :
سبقوا هوي وأعنقوا لهواهم فتخرموا ولكل جنب مصرع
لله رب العالمين أي خالصا له لا شريك له فيه .والإشارة بذلك إلى ما أفاده لله رب العالمين لا شريك له من . الإخلاص في الطاعة وجعلها لله وحده
قوله : وأنا أول المسلمين أي أول مسلمي أمته ، وقيل : أول المسلمين أجمعين ، لأنه وإن كان متأخرا في الرسالة فهو أولهم في الخلق ، ومنه قوله تعالى : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح الآية ، والأول أولى .
قال : استدل بهذه الآية ابن جرير الطبري على مشروعية افتتاح الصلاة بهذا الذكر ، فإن الله أمر به نبيه وأنزله في كتابه ، ثم ذكر حديث علي الشافعي قلت : هذا هو في صحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان إذا قام إلى الصلاة قال : " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين " إلى قوله : " وأنا أول المسلمين " مسلم مطولا ، وهو أحد التوجهات الواردة ، ولكنه مقيد بصلاة الليل كما في الروايات الصحيحة ، وأصح التوجهات الذي كان يلازمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويرشد إليه هو : إلى آخره ، وقد أوضحنا هذا في شرحنا للمنتقى بما لا يحتاج إلى زيادة عليه هنا . اللهم باعد بيني وبين خطاياي
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم مقاتل في قوله : إن صلاتي قال : يعني المفروضة ونسكي يعني الحج .
وأخرج ، عبد بن حميد وأبو الشيخ ، عن ، ونسكي قال : ذبيحتي . سعيد بن جبير
وأخرجا أيضا عن قتادة ، إن صلاتي ونسكي قال : حجي وذبيحتي .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : ونسكي قال : ذبيحتي في الحج والعمرة .
وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر ، ، عن وابن أبي حاتم قتادة ، في قوله : ونسكي قال : ضحيتي .
وفي قوله : وأنا أول المسلمين قال : من هذه الأمة .
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه ، والبيهقي عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : عمران بن حصين فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملته ، وقولي : " إن صلاتي " إلى " وأنا أول المسلمين " ، قلت يا رسول الله : هذا لك ولأهل بيتك خاصة ، فأهل ذلك أنتم أم للمسلمين عامة ؟ قال : لا بل للمسلمين عامة . يا