الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ذكر مرضه ووفاته :

                                                                                      قال ابن سعد حدثنا خالد بن مخلد ، حدثني سليمان بن بلال ، حدثني عبد الرحمن بن حرملة ، قال : دخلت على سعيد بن المسيب وهو شديد المرض ، وهو يصلي الظهر ، وهو مستلق يومئ إيماء ، فسمعته يقرأ بالشمس وضحاها .

                                                                                      الثوري : عن ابن حرملة ، قال : كنت مع ابن المسيب في جنازة ، فقال رجل : استغفروا لها . فقال : ما يقول راجزهم ! قد حرجت على أهلي أن يرجز معي راجز ، وأن يقولوا : مات سعيد بن المسيب ، حسبي من يقلبني إلى ربي ، وأن يمشوا معي بمجمر ، فإن أكن طيبا ، فما عند الله أطيب من طيبهم .

                                                                                      معاوية بن صالح : عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : أوصيت أهلي بثلاث : أن لا يتبعني راجز ولا نار ، وأن يعجلوا بي ، فإن يكن لي عند الله خير ، فهو خير مما عندكم .

                                                                                      أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس ، حدثني أبي عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي ، قال : اشتد وجع سعيد بن المسيب ، فدخل عليه نافع بن جبير يعوده ، فأغمي عليه فقال نافع : وجهوه . ففعلوا ، فأفاق [ ص: 245 ] فقال : من أمركم أن تحولوا فراشي إلى القبلة ، أنافع ؟ قال : نعم . قال له سعيد : لئن لم أكن على القبلة والملة والله لا ينفعني توجيهكم فراشي .

                                                                                      ابن أبي ذئب : عن أخيه المغيرة ، أنه دخل مع أبيه على سعيد وقد أغمي عليه ، فوجه إلى القبلة ، فلما أفاق ، قال : من صنع بي هذا ، ألست امرءا مسلما؟ وجهي إلى الله حيث ما كنت .

                                                                                      أخبرنا محمد بن عمر ، حدثني محمد بن قيس الزيات ، عن زرعة بن عبد الرحمن ، قال سعيد بن المسيب : يا زرعة ، إني أشهدك على ابني محمد لا يؤذنن بي أحدا ، حسبي أربعة يحملوني إلى ربي .

                                                                                      وعن يحيى بن سعيد ، قال : لما احتضر سعيد بن المسيب ، ترك دنانير ، فقال : اللهم إنك تعلم أني لم أتركها إلا لأصون بها حسبي وديني .

                                                                                      أخبرنا محمد بن عمر ، حدثني عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة ، شهدت سعيد بن المسيب يوم مات سنة أربع وتسعين . فرأيت قبره قد رش عليه الماء ، وكان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم فيها .

                                                                                      وقال الهيثم بن عدي : مات في سنة أربع وتسعين . عدة فقهاء ، منهم سعيد بن المسيب ، وفيها أرخ وفاة ابن المسيب سعيد بن عفير ، وابن نمير ، والواقدي . وما ذكر ابن سعد سواه .

                                                                                      [ ص: 246 ] وقال أبو نعيم ، وعلي بن المديني : توفي سنة ثلاث وتسعين .

                                                                                      وقال أحمد بن حنبل : حدثنا حماد بن خالد الخياط أن سعيد بن المسيب توفي سنة خمس وتسعين . والأول أصح .

                                                                                      وأما ما قال المدائني وغيره من أنه توفي سنة خمس ومائة فغلط . وتبعه عليه بعضهم ، وهي رواية عن ابن معين . ومال إليه أبو عبد الله الحاكم ، والله أعلم .

                                                                                      آخر الترجمة والحمد لله .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية